كشفت شركة "نورثروب غرومان" الأمريكية عن القاذفة الشبحية B21، في نهاية عام 2022 / صورة: Reuters (David Swanson/Reuters)
تابعنا

كشفت شركة "نورثروب غرومان" الأمريكية في نهاية عام 2022، عن القاذفة الشبحية B21، لتكون الطائرة الحربية الأولى التي تُعلَن من الجيل السادس على مستوى العالم.

ومن المقرر أن يكون الإقلاع الأول للطائرة خلال العام الجاري، وتخطط وزارة الدفاع الأمريكية للحصول على 100 نسخة من القاذفة الجديدة، التي اعتبرها وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، دليلاً على تفوق بلاده في مجال صناعة الطائرات الحربية وتطويرها.

وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية لأن تكون أول دولة تضع طائرة من الجيل السادس في الخدمة، على أمل أن تتلافى المقاتلة الجديدة نقاط الضعف في مقاتلات الجيلَين الخامس والرابع والنصف مثل F22 و F35.

من الجيل الأول إلى الخامس

ظهر الجيل الأول من الطائرات الحربية قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية في سبتمبر/أيلول 1945، وامتاز باكتشاف المحركات النفاثة المشتقة من الغاز التوربيني، ليحل مكان المحركات المكبسية والطائرات الشراعية. وأشرف العالم الألماني ميسر سميث على إنتاج المقاتلة النفاثة Me-262، وامتازت بسرعتها التي تصل إلى 869 كيلومتراً في الساعة، أي أسرع بقرابة 200 كيلومتر في الساعة من الطائرات المروحية المستعملة آنذاك.

والتحقت بريطانيا بركب الدول المصنّعة للطائرات النفاثة، وأنتجت مقاتلة Gloster Metero، ثم صنعت الولايات المتحدة الأمريكية مقاتلة F -80 Shooting star.

ظهر الجيل الثاني من المقاتلات في الفترة الممتدة بين 1953 حتى 1960، وأشهر طائرات هذا الجيل هي Vought F-8 Grusader الأمريكية، وShenyang J6 الصينية، وSaab 35 Draken السويدية.

ركزت الدول المصنّعة لطائرات الجيل الثاني على تطوير المحركات باستخدام سبائك الألومنيوم، بما يتيح لها زيادة سرعتها إلى 0.8 و 1.2 ماخ، أي القدرة على اختراق حاجز الصوت. بالإضافة إلى تزويد الطائرة برادار صغير في مقدمتها لرصد الطائرات المعادية وخلق مجال الرؤية البصرية، أضيف إليها للمرة الأولى صواريخ جو-جو الموجهة.

أما الجيل الثالث من المقاتلات الحربية ظهر بين عامي 1962 و 1970، وعملت الدول المصنّعة على تطوير الجيل الثاني بإضافة ميزات في المناورات القتالية الجوية، عبر تطوير الدفة التي تتحكم بحركات الطائرة الجوية والجنيحات والسدفات، إلى جانب تحسين أداء الرادات وصواريخ جو-جو. وأبرز مقاتلات هذا الطراز Harrier Jump Jet البريطانية، وYakovlev Yak - 38 السوفييتية، اللتان تمتازان بالإقلاع والهبوط على حاملات بحرية، بالإضافة إلى مقاتلة F4 Phantom الأمريكية.

وفي حقبة الحرب الباردة، وخلال التنافس الكبير بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي على تطوير الأسلحة، ظهرت طائرات الجيل الرابع مثل المقاتلة النسر F15 Eagle التي امتازت بالقدرة على التغيير السريع للسرعة والارتفاع والاتجاه.

وتعتبر طائرة F16 Falcon أفضل نسخة من مقاتلات الجيل الرابع، كونها تمتاز بقدرة مناورة كبيرة بأقل نسبة استهلاك للطاقة بسبب صغر حجمها وخفتها وتزويدها بنظام الطيران بالسلك المخصص للتحكم بالطائرة.

وبعد عام 1991 طورت الدول المصنعة طائرات الجيل الرابع لما يعرف بـ "جيل 4.5"، وأشهر المقاتلات لهذا الجيل هي F16 C Blok، ومقاتلة Tornado GR4 البريطانية، و Mig-29 SMT الروسية.

وامتازت هذه الطائرات بتطوير المناورة والرادات واستخدام الذكاء الصناعي بما يزيد كفاءة تبادل البيانات، بالإضافة إلى دعم هيكل الطائرة، مع تقليل البصمة الرادارية وخفض الانبعاثات الحرارية بما يمنحها القدرة على التخفي.

وفي عام 1997 بدأت طائرات الجيل الخامس الدخول إلى الخدمة، مثل طائرتي F22، و F35 الأمريكيتين، وSU57 الروسية، و J-20 الصينية، وتعتبر خاصية التخفي من الرادارات السمة المميزة لهذا الجيل، لذلك يطلق عليها وصف "الشبحية"، وتمتاز أيضاً بسرعة أعلى من سرعة الصوت، وصغر الرادارات المستخدمة فيها، كما أنها مزودة بصواريخ جو-أرض إلى جانب صواريخ جو-جو.

قدرات القاذفة B21

تخطط القوات الجوية الأمريكية لأن تحل القاذفة B21، محل القاذفات القديمة في الأسطول الجوي الأمريكي بشكل تدريجي، ولذا جرى تصميم الطائرة بميزات متنوعة وقدرات كبيرة.

وجمعت القاذفة بين طول مدى التحليق وضخامة الحمولة، إذ يمكن للطائرة أن تحلق على مدى 9600 كيلومتر، بحمولة صافية تصل إلى 10 أطنان.

وتمتاز الطائرة بالقدرة على حمل الأسلحة التقليدية والنووية على حدٍ سواء، بما في ذلك الصواريخ فرط الصوتية، والقنابل والصواريخ النووية، حسب الخبير بالطيران الحربي يوسف حمود.

ويقول الحمود لموقع TRT عربي، إن الطائرة بمثابة غرفة عمليات متكاملة، فهي قادرة على التخفي من أجهزة الرادار بسبب انخفاض بصمتها الرادارية والحرارية، بالإضافة إلى قدرتها على التعامل مع أهداف عديدة في التوقيت ذاته.

وأشار خبير الطيران الحربي إلى قدرة الطائرة على الاتصال بالأقمار الصناعية، وقيادتها سرباً من الطيران المسيّر، وتوزيع الأهداف على القوات البرية والبحرية، عبر تزويدها بالإحداثيات.

وحسب الحمود، فالطائرة تعتمد على الذكاء الصناعي والبرمجة الرقمية، فعلى سبيل المثال خوذ الطيار تتيح له الرؤية بمدار 360 درجة، أي التخلص تماماً من المنطقة العمياء التي تنعدم فيها الرؤية عادة لقائد الطائرة.

ويضيف: "من الميزات المهمة للطائرة الجديدة، أن جسمها مصمم من مواد مقاومة للإشعاعات النووية، لأنها صُممت على فرضية انخراطها بشكل فعال في حروب نووية محتملة".

وتخضع الطائرة في الوقت الحالي لاختبارات أرضية، للتأكد من آلية عمل الأجهزة الالكترونية واختبار الأنظمة التي لا تحتاج إلى تحليق، على أمل استكمال التجهيزات من أجل الطيران في رحلة أولى خلال العام الحالي.

وتأمل الولايات المتحدة الأمريكية أن تتلافى بالطائرة الجديدة، العيوب التي كانت في القاذفتين من الجيل الخامس F22، وF117 والتي تحتاج إلى تكاليف باهظة من أجل الصيانة بالمقارنة مع ساعات التحليق.

أثر الطائرة في معادلة الصراع

توقع العميد الطيار أسعد الزعبي، أن تحمل طائرة الجيل السادس الجديدة مميزات تساهم في رفع مستوى القوات الجوية التي تمتلكها، خاصة فيما يتعلق بمستوى عالٍ من إدارة الحرب الإلكترونية، وقدرات أكبر في المناورة القتالية عن طريق الاعتماد على الذكاء الصناعي كتحسين نظام الطيران الآلي، مما سيتيح للطيار التركيز على توجيه العمليات القتالية بشكل أفضل.

وأضاف العميد الزعبي في حديثه مع TRT عربي: "في حال التطابق بين أداء الطائرة الجديدة، والمبادئ النظرية التي جرى التخطيط لها قبل التصميم، فسينتج عندنا مقاتلة توفر التفوق الجوي والسيطرة على ميدان القتال".

ورأى الخبير يوسف الحمود أن إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الطائرة يتسق مع عقيدة الردع التي يتبناها الجيش الأمريكي، القائمة على ضمان التفوق الحربي والتكنولوجي.

وأشار الحمود إلى الفارق الكبير الذي يمكن أن تحدثه "طائرة تحمل صواريخ تقليدية ونووية، وجسدها مصمم للقدرة على العمل وسط الإشعاع النووي، ولديها قدرة على تبادل المعلومات مع القوات الجوية والأرضية وتوجيه العمليات القتالية:، مضيفًا أنها "ستوفر مجهوداً حربياً كبيراً بسبب تلك الميزات".

وتابع أنها "ستغني الجيش الأمريكي عن تكاليف نشر قواعد صاروخية في دول حليفة من أجل الحفاظ على التوازن الاستراتيجي مع الصين وروسيا، لقدرة الطائرة على حمل صواريخ بعيدة المدى".

ويعتقد الخبيران يوسف حمود وأسعد الزعبي، أن الوقت مبكر للحكم على مدى الفارق الذي ستحدثه المقاتلة في موازين الصراع، ويريان ضرورة الانتظار حتى نجاح التجارب على الطائرة، على اعتبار أن الجيل الخامس من الطائرات لم يحقق كل المأمول منه، وكان له سلبيات حالت دون إحداثه الفارق العسكري الذي كان مخططاً له.

ورجح الحمود عدم دخول الطائرة ميدان العمل قبل عام 2025، رغم إعلانها المبكر، الذي يستهدف بالدرجة الأولى توجيه رسائل سياسية على الساحة الدولية حول قدرات واشنطن العسكرية الكبيرة.

وتتنافس الولايات المتحدة الأمريكية مع الصين وروسيا في تطوير المقاتلات الجوية من الجيل السادس، إذ تسعى واشنطن وبكين لإحداث تفوق لصالحهما في أجواء المحيط الهادئ.

وتجري الصين حالياً اختبارات لترقية طائرة J20، من خلال تزويدها بمحرك نفاث من طراز WS-15، بالإضافة إلى تطوير على مستوى البرمجة، في حين بدأت روسيا التخطيط لإنتاج محركات طيران من الجيل السادس. ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية سعت لإعلان طائرتها من الجيل السادس مبكراً للحفاظ على حالة التفوق في مجال الطائرات الحربية.

TRT عربي