ثُلث الطلاب لا يفهمون المُقرَّر.. هل فشل برنامج التعليم بالعربية في المغرب؟ (leseco.ma)
تابعنا

منذ سنوات والتقارير الدولية تدقّ ناقوس الخطر حول ملف التعليم بالمغرب. آخرها البنك الدولي الذي صنَّف البلاد في مراكز متأخرة خلال دراسته الصادرة شهر يونيو/حزيران الماضي، خالصاً إلى أنّ 66% من الطلاب المغاربة يعانون "فقر التعلّم".

وتضيف دراسة البنك الدولي أن 67% من الأطفال في المغرب لا يستطيعون الإجابة بشكل صحيح على سؤال واحد من أسئلة فهم المقروء. كما يُسجّل المغرب معدّلات دُنيا في مواظبة أولياء الأمور على قراءة الكتب لأطفالهم قبل الالتحاق بالمرحلة الابتدائية. بالمقابل أوصت بأنّ النهج الأفضل لتعليم اللغة العربية لصغار الناطقين بها يحتاج إلى مساعدة الأطفال على الانتقال من مرحلة "تعلّم القراءة" إلى مرحلة "القراءة للتعلّم".

فيما لا تختلف آخر الأرقام الرسمية المغربية عن نظيرتها الدولية في حدّة تشخيص الأزمة التي يعرفها قطاع التعليم بالبلاد. هذا ما يخلُص إليه تقرير أخير لـ"المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي"، متحدّثاً عن تفاوتات شاسعة في مستوى التعلّم لدى الطلاب بين القِطاعين العام والخاص وعن فشل خيار التعليم باللغة العربية.

في المقابل، يرى المشتغلون بالقطاع أنّ سبب هذا التعثّر المزمن للتعليم المغربي عوامل أخرى غير لغة التدريس، وأنّ المدرسة العمومية تعاني مشاكل هيكلية هي المسؤولة عما يشهده القطاع من أزمة.

ثُلثهم لا يفهمون المُقرَّر

"معطيات صادمة" وصفت بها الصحافة المحلية ما خلص إليه تقرير "المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي" المغربي حول وضعيّة التعليم بالبلاد. حيث كشف أن 31% من الطلاب لم يتجاوز استيعابهم لمُقرَّر اللغة العربية الرسمي في السنة السادسة نسبة 42%، ولا تتعدى هذه النسبة 32% في الوسط القروي.

أما بالنسبة للفصل الثالث من المستوى الإعدادي، بحسب التقرير، فـ46% من الطلاب لا يتجاوز استيعابهم مُقرَّر اللغة العربية نسبة 36%. مقابل 10% فقط منهم الذين تمكّنوا من تجاوز 90% من استيعاب البرنامج. وأظهر التقرير أنّ طلاب القطاع الخاص يتفوّقون في إتقان اللغة العربية مقارنة بتلامذة القطاع العمومي، وأنّ طلاب المدن يتفوقون في ذلك على طلاب القرى.

وفي أول خروج له بعد صدور التقرير، قال وزير التعليم المغربي، شكيب بن موسى: "نحن في بداية مسار صعب وطويل، والسؤال المطروح هو: هل التدابير التي نتّخذها ستساهم في تحسين الجودة؟". مجيباً أنه "ممكن أن ننجح في إجراءات، وممكن أن لا ننجح، لكن إن اتفقنا على الهدف، يمكن إيجاد كل الحلول للمشاكل".

هل فشل التدريس باللغة العربية في المغرب؟

بالنسبة للمشتغلين في قطاع التعليم في المغرب فإن مشكلاته تتعدى لغة التدريس، مع أن قضية المناهج والمقررات هي جزء من هذه المشاكل. هذا ما تؤكده لطيفة المخلوفي، أستاذة التعليم الثانوي لمادة اللغة العربية، في حديثها لـTRT عربي أن "الضعف الذي يعانيه التلاميذ المغاربة لا يقتصر فقط على لغة التدريس، ولا يمكن تحميل مسؤوليته للطلاب وحدهم، بل هو نتاج الخيارات الخاطئة التي عرفتها المنظومة التعليمية".

كلام يؤكده كذلك عبد الوهاب السحيمي، أستاذ وفاعل تربوي مغربي، الذي أوضح في تصريح خصَّ به TRT عربي أنه "توجد مشاكل هيكلية كبيرة تعاني منها المدرسة المغربية تحول دون تحقيق الطلاب كفاياتهم من التعلّم". مشكلات يُعددها السحيمي بداية من الاكتظاظ حيث "إن أغلب الفصول الدراسية المغربية في المدارس العمومية تضمّ أزيد من 40 متعلِّماً، ما يجعل من المستحيل بالنسبة للأستاذ أن يوفي كلّ تلميذ حقه من الوقت والاهتمام، خصوصاً مع محدودية الزمن الدراسي".

هناك كذلك إشكالية في المناهج الدراسية يتّفق الأستاذان على تأكيده، وتستنكر المخلوفي انطلاقاً من تجربتها كون "مناهج اللغة العربية لا تواكب العصر والعملية التعليمية للطالب، فكيف يمكن أن نطالب المتعلّم بفهم المنهج البنيوي في النقد الأدبي وهو لا يعرف حتى ألف-باء النقد الأدبي؟". والنتيجة، بحسب نفس المتحدثة، "طلاب نجد معهم صعوبة حتى في أبجديات الإملاء التي تلقوها في المستوى الابتدائي".

عبد الوهاب السحيمي هو الآخر يقف على نفس الأمر قائلاً إنّ "هناك مناهج دراسية لم يتم تحديثها منذ سنوات طويلة وهي لا تواكب مستجدات العصر الحالي، وبالتالي تقف عائقاً أمام التعلّم". ويضيف أن "المدرسة العمومية تستقطب مختلف شرائح المجتمع، بما فيها الطبقات الهشّة والفقيرة حيث العائلات في غالبيتها لا تتبع المسار الدراسي لأبنائها" وهناك طلاب "لا يفتحون محافظهم وكراريسهم بعد الخروج من الفصل" وبالتالي "يكون المجهود التعليمي أعرج دون هذا الدور الذي يجب على الأسرة ممارسته".

TRT عربي