Протести во Индија по навредите од портпаролот на владејачката партија (AA)
تابعنا

بعد فترة وجيزة من صعود حزب بهاراتيا جاناتا اليميني (BJP) إلى السلطة في الهند قبل ثماني سنوات، أصبح تاريخ الدولة البابورية الغني (المغولي) موضوعاً مضطرباً، لدرجة أن عديداً من الحكام البابوريين بدأ يختفي من الكتب المدرسية.

كان هذا هو الشعور الذي عبّر عنه العلماء والمؤرخون على هامش الندوة الدولية الرابعة للسليمانية التي استضافتها جامعة ابن خلدون في إسطنبول في الفترة من 16 إلى 18 سبتمبر/أيلول، وناقشت مناهج أكاديمية جديدة تجاه الأسرة البابورية.

"في الهند المعاصرة"، يقول عرفان أحمد أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في جامعة ابن خلدون، "يحكم منذ عام 2014 الحزب القومي الهندوسي المعادي للمسلمين، الذي يصوّر المسلمين على أنهم العدو أو الآخَر للأمة"، وأضاف: "رئيس الوزراء الهندي نفسه يؤيد هذه الفكرة، إذ وصف في البرلمان حكم المسلمين في الهند كقاعدة من قواعد العبودية".

يقول أحمد لـTRT World إن العنف المستمرّ يتعرض له المسلمون باسم حماية الأبقار ومنع "الجهاد" والحماية من "الإرهاب". "تحدث هذه الأمور باعتبار المسلمين أعداء الأمة، وهذا مرتبط بفكرة أن المسلمين كانوا غزاة".

حكم البابوريون أجزاء واسعة من جنوب آسيا، شملت أراضي من الهند الحديثة، من عام 1526 إلى عام 1761. ومن أبرز سمات حكمهم، كما وصفها المؤرخون، كان ظهور ثقافة توفيقية هي مزيج من مجموعات مختلفة من المعتقدات والتقاليد. في هذا السياق يؤكد أحمد أن "فكرة الثقافة التوفيقية في الهند الحديثة تُستخدم لـ"محو هوية المسلمين".

ويعلّل ذلك بأن "الافتراض هو أن المسلمين يجب أن يندمجوا مع ما يسمى (الثقافة الوطنية)، التي عُرّفَت بالفعل باسم الهندوسية"، ويضيف: "لذلك، من الواضح أن خطاب الثقافة التوفيقية يبدو لطيفاً، ولكن تحته فكرة تحويل الاستيعاب إلى عملية الطمس، أي لمحو هوية المسلمين".

عندما عزّز البابوريون موطئ قدمهم على الأراضي الهندية، أدخلوا آليات إدارية ارتفع معها السكان المحليون في الرتب، وغالباً ما أصبحوا "عظماء" المحكمة البابورية.

"الإرث الاستعماري"

تقول الدكتورة أميتا باليوال، مؤرخة من جامعة دلهي في الهند، إن نوع الثقافة التوفيقية التي أدخلها البابوريون في الهند، خلق مكاناً لا يشعر فيه الهنود بـ"الإهمال"، وتضيف: "أفضل ما في المغول أنهم، على عكس الإنجليز، اعتبروا الهند وطنهم، ولا سيما الأباطرة الذين وُلدوا فيها مثل أكبر وجهانغير وشاه جهان".

وتوضّح: "لم يستنزفوا الثروة من الهند، على عكس الإنجليز. ما كسبوه من الهند استثمروه فيها. لقد قدموا شيئاً ما للهند التي لا تزال تأخذ إيراداتها منها، على سبيل المثال تاج محلّ والقلعة الحمراء".

كتب شاشي ثارور، وهو سياسي هندي وزعيم حزب المؤتمر الوطني الهندي، كتاباً عن المآثر البريطانية للهند، تحت اسم "عصر الظلام.. الإمبراطورية البريطانية في الهند".

قال ثارور إن قرنين من الحكم البريطاني في الهند قلّلا مجدها كواحدة من أغنى دول العالم إلى أفقر دول العالم، مشيراً إلى أن ادّعاءات البريطانيين بتحقيق التنمية والوحدة السياسية كانت مضللة لأن "البريطانيين لم يفعلوا شيئاً يقصدون به مصلحة الهند أو الهنود ".

في المقابل كتب سيدهارث بهارتيا، المحرر المؤسس لمنصة الأخبار الهندية TheWire.in، مؤخراً عن "كيف أصبح المغول أحدث أشرار حزب بهاراتيا جاناتا ولواء عقيدة هندوتفا".

هذا الارتفاع المفاجئ في الاستياء ضد البابورية، الذي غالباً ما يسبّب ردود فعل سلبية ضدّ المواطنين المسلمين في الهند، هو ما تصفه الدكتورة أميتا باليوال بأنه "دولة مؤسفة للغاية".

وتضيف أن "أولئك الذين ينخرطون في مثل هذه السلبية هم في حالة إنكار تامّ لوجود إمبراطورية لم تظلّ تركية بحتة، وتقول: "كانت والدة جهانغير هندية، وأميرة من جايبور، وكانت والدة شاه جهان أميرة راجبوت".

وأكدت في حديثها مع TRT World أنه عندما بدأ البريطانيون الحكم في الهند، كان عليهم تبرير حكمهم، لذلك فما فعلوه هو خلق شقاق بين المجتمعات، وهو ما لم يكن موجوداً (سابقاً). وختمت حديثها بالقول: "تحت قيادة حزب بهاراتيا جاناتا، فإنهم يعززون في الواقع الإرث الاستعماري. نهجهم استعماري للغاية: فرّق تسُدْ، هذا ما فعله البريطانيون".



TRT عربي