يصادف 12 يونيو/حزيران اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال. World Day Against Child Labour (Others)
تابعنا

يصادف 12 يونيو/حزيران اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال. يدعو موضوع الأمم المتحدة لهذا العام إلى: "الحماية الاجتماعية الشاملة لإنهاء عمل الأطفال" وتسعى لتقديم المساعدة للأسر للتكيف مع الصدمات الاقتصادية أو الصحية بهدف التقليل من عمالة الأطفال وتسهيل التعليم لهم.

الحماية الاجتماعية تقوم على تقديم دعم مادي من الدول لأفرادها لمساعدة بعض الأسر للتكيف مع أزماتها الاقتصادية كالفقر والبطالة وتدني مستوى دخل رب الأسرة والتكيف مع أزمة صحية تعرض لها رب الأسرة.

وهذه المساعدة تكون في مقابل أن يعود الطفل مرة أخرى إلى مقاعد الدراسة ويترك العمل. عدد من الدول لا تلتزم الحماية الاجتماعية ولا تخصص لها نسبة فعالة من دخلها القومي.

فحسب الأمم المتحدة يتلقى 26.4% فقط من الأطفال في جميع أنحاء العالم مزايا نقدية للحماية الاجتماعية، على المستوى العالمي يبلغ الإنفاق الوطني على الحماية الاجتماعية للأطفال 1.1% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وفي إفريقيا ورغم أنها المنطقة التي بها أكبر نسبة أطفال بين السكان وأعلى معدل انتشار عمالة أطفال وحاجة إلى الحماية الاجتماعية يجري إنفاق ما يعادل 0.4% فقط من الناتج المحلي الإجمالي على الحماية الاجتماعية للأطفال. فهل توجد علاقة بين ازدياد معدل الفقر والبطالة واستغلال الأطفال عمالة رخيصة؟

العلاقة بين الفقر وعمل الأطفال

تزداد أرقام عمالة الأطفال في المجتمعات الفقيرة التي تعاني أزمات اقتصادية ودخولاً منخفضة، لذا أكثر هذه المجتمعات في دول العالم الثالث وإفريقيا والدول العربية، إذ تنتشر في مجتمعاتنا العربية فكرة "العيال عزوة" بمعنى كثرة الإنجاب حتى يجري استغلال هذه الزيادة في العدد كأيدي عاملة فيما بعد تساعد الأسرة في العيش والرعاية الصحية إن أمكن.

الأمم المتحدة تخبرنا أن النسبة المئوية للأطفال ضمن عِمالة الأطفال هي الأعلى في البلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل أيضاً، فأعدادهم في منخفضة الدخل أكبر منها في البلدان متوسطة الدخل، فنسبة 9% من جميع الأطفال في البلدان ذات الدخل المتوسط المنخفض، ونسبة 7% من جميع الأطفال في البلدان ذات الدخل المتوسط المرتفع منخرطون في أعمال.

وتشير الإحصاءات كذلك إلى أن 84 مليون طفل (يمثلون 56% من جميع الأطفال العاملين) يعيشون في البلدان المتوسطة الدخل، بينما يعيش مليونا طفل عامل في البلدان ذات الدخل المرتفع.

وتحتل إفريقيا المرتبة الأولى بعدد الأطفال الملتحقين بأعمال الأطفال، فيصل عددهم إلى 72 مليون طفل. وتحتل آسيا والمحيط الهادئ المرتبة الثانية، فيصل العدد إلى 62 مليوناً، وبالتالي يوجد في مناطق إفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ معاً ما يصل إلى تسعة من كل عشرة أطفال مصنفين ضمن ظاهرة عِمالة الأطفال.

في البلاد العربية

تحظى الدول العربية بنصيب كبير من الأطفال الذين يعملون في المزارع والحقول والمصانع والمحاجر. تقول منظمة العمل الدولية إن البلدان العربية شهدت خلال الأعوام الأخيرة موجات عدّة من النزاعات المسلّحة والنزوح السكاني، التي كان متوقّعاً أن تطلق بدورها موجات جديدة من عمل الأطفال التي لا يزال مدى انتشارها ودرجة حدّتها يحتاجان إلى قياس شامل. وقد جاء هذا المعطى ليضاف إلى المشكلات الاجتماعية القائمة أصلاً في المنطقة، سواء في أريافها أو في مدنها، والمتفرّعة من هشاشة الاقتصاد ونقص فرص التعليم والمعايير والأعراف الاجتماعية المؤاتية.

وتشير دراسة صدرت عن المنظمة بالتعاون مع جامعة الدول العربية إلى أن العمل في الأسرة من دون أجر هو الأكثر شيوعاً بين الأطفال في عمر 15 إلى 17 سنة وبين الذكور تحديداً، والذين هم أيضاً يعملون لعدد ساعات أكبر من الإناث.

كذلك فإن الأطفال العاملين الذين يرتادون المدارس يميلون للعمل لساعات أقل من الذين لا يذهبون إلى المدارس، ويعتبر العمل الزراعي عملاً مكثفاً ولكنه أيضاً عمل موسمي، فكثير من الدول العربية تعتمد على الأطفال في عملها الزراعي، ويكونون عاملين في الأسرة من دون أجر. إذ إنه مرتبط بالعمل في الحيازات صغيرة الحجم، بخاصة اليمن ولبنان والمغرب ومصر التي تنتشر بها عوامل زيادة عمالة الأطفال، كتدني مستوى تعليم الأبوين وغلبة الأعراف الاجتماعية المتعلقة بزيادة الإنجاب ومفهوم العزوة كما ذكرت سابقاً ونقص التعليم أو غياب التعليم الإلزامي وهشاشة البنية التحتية والافتقار إلى شبكات المياه والكهرباء وانعدام الأمن الاجتماعي.

أحمد مصيلحي وهو محامٍ مصري ورئيس شبكة الدفاع عن الأطفال يقول لموقع TRT عربي إن "الأرقام الرسمية غير دقيقة نتيجة عدم رصدها للأطفال العاملين في المجال الزراعي بالريف وأيضاً في المشاريع التي تخص الأسرة، لافتاً إلى أن الطفل لا يجب أن يُعد ملكية خاصة للعائلة وفقاً لنصوص قانون الطفل. بعض الأرقام تقول بوجود مليونَي طفل عامل وبعضها يقول إنها 3 ملايين ونصف بينما أرقام الحكومة تقول إنها لا تتجاوز مليوناً ونصف.

مع ازدياد أعداد الأطفال في سوق العمل تراجع أيضاً دور المجلس القومي للأمومة والطفولة. يقول مصيلحي إنه منذ أن أصبح المجلس تابعاً لوزارة الصحة فقد استقلاليته وقوته. من الضروري أن يتبع هذا الكيان مؤسسة الرئاسة مباشرة حتى يستعيد قوته في مواجهة مختلف الوزارات بما فيها وزارة القوى العاملة. فقد اقتصر دور المجلس مؤخراً على متابعة جريمة هنا ورأي عام هناك من خلال البيانات التي يصدرها فقط. بينما عمله الأساسي يتمثل في رسم سياسات وخطط استراتيجية تهدف إلى حماية الطفل والرقابة على مختلف الوزارات".

ملائكة يحملون السلاح

كما يوجد جانب لا يراه كثيرون حين يتحدثون عن عمل الأطفال هو عملهم في النزاعات المسلحة، بعض التقارير تشير إلى أن عمالة الأطفال تزداد بين اللاجئين والنازحين داخلياً وفي المجتمعات المضيفة مثل لبنان والأردن والعراق، بخاصة في ظاهرة عمل الشوارع والعمل لسداد دين والزواج المبكر والاستغلال الجنسي لغرض تجاري. كذلك يجري تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة سواء بين السكان المحليين واللاجئين، بخاصة في دول مثل سوريا واليمن والعراق.

كذلك يجري احتجاز مئات الأطفال ويتعرضون للتعذيب لارتباطهم بالجماعات المسلحة، والعوامل التي تساعد في تجنيد الأطفال هي الرواتب المرتفعة والتأثيرات الدينية والدعائية وأحياناً الضغط والإكراه من مجتمعاتهم، ومع ذلك فإن التجنيد ليس دائماً طواعية إذ يُسجل ميل متزايد نحو التجنيد الإجباري أو المموه.

الفقر ليس وحده الدافع لعمل الأطفال، بل علاوة على ذلك فإن الأطفال الذين يعيشون في مناطق نزاع يصبحون ضحية للفقر والتهديدات الصحية والأمنية والضرر الذي لحق بنظام التعل

يم، فيجد الطفل نفسه مجبراً على الانخراط في أنواع جديدة من الأنشطة المواكبة لحالات النزاع المسلح مثل تهريب السلع وجمع النفايات النفطية وجمع الأشلاء ودفنها وجلب المياه وجمع الطعام من الحقول ومكبات النفايات.



TRT عربي
الأكثر تداولاً