من أهم ركائز الاقتصاد.. المقاولون الأتراك ينجزون أعمالاً مليارية بـ133 دولة / صورة: AA (AA)
تابعنا

على مرّ السنين، صقل المقاولون الأتراك مهاراتهم واكتسبوا اعترافاً دولياً بقدرتهم على تنفيذ مشاريع إنشائية استثنائية، الأمر الذي ساهم في تعزيز "الجودة التركية" في المنافسة العالمية. وتمتد كفاءة المقاولين الأتراك إلى مجموعة واسعة من القطاعات، بما في ذلك المجمعات السكنية والبنية التحتية والمرافق الصناعية والمستشفيات وغيرها.

وبينما حطّمت تركيا الرقم القياسي منذ تأسيس الجمهورية في مجال الصادرات في عام 2022، شهد العام ذاته صادرات تقترب من 80 مليار دولار في قطاع الخدمات، الذي بدوره يشمل أنشطة قطاع المقاولات التركي في الخارج. وهو القطاع المهم من حيث زيادة صادرات مواد البناء وتوفير العمالة وتدفقات العملات الأجنبية، والذي يسهم أيضاً بشكل إيجابي في تعزيز صورة تركيا حول العالم من خلال المشاريع الكبرى مثل المطارات والملاعب وخطوط الأنابيب والسدود.

وتتويجاً لهذه الجهود، كشفت بلومبرغ الأسبوع الماضي أن شركة أرامكو السعودية أجرت محادثات مع مقاولين أتراك لمناقشة مشاريع محتملة بقيمة 50 مليار دولار في المملكة. فقد التقى ممثلو شركة النفط التابعة للدولة مديرين تنفيذيين من نحو 80 شركة إنشاءات في ورش عمل في العاصمة أنقرة يومي 30 و31 مايو/أيار من أجل تأهيلهم مسبقاً للمشاريع المخطط لها حتى عام 2025.

أكثر من 11 ألف مشروع في 133دولة

يمتد تأثير المقاولين الأتراك إلى ما وراء حدود البلاد، فقد أكسبتهم براعتهم وسرعتهم في قطاع البناء سمعة مرموقة في جميع أنحاء العالم. حالياً، يشارك المقاولون الأتراك بنشاط في مشاريع في 133 دولة عبر قارات مختلفة. وبحلول نهاية عام 2022، تجاوز حجم مشاريع قطاع المقاولات التركي في الخارج حاجز الـ 19.1 مليار دولار. ومن المتوقع أن يتجاوز حجم الأعمال هذا العام حاجز الـ 31 مليار دولار، وهو الرقم الذي حققه القطاع في عام 2021.

ووفقاً لتصريحات رئيس اتحاد المقاولين الأتراك (TMB) إردال إرين، فقد بلغ إجمالي عدد المشاريع التي نفذتها شركات المقاولات التركية في الخارج 11 ألفاً و717 مشروعاً خلال العقود الخمسة الماضية، بينما بلغت القيمة الإجمالية للمشاريع 478 مليار دولار.

وحسب تقرير نشره موقع TRT Haber، فإن المناطق الجغرافية التي تمارس فيها الشركات التركية معظم أعمالها هي كومنولث الدول المستقلة (CIS) والتي تتكون من 12 دولة كانت تكوِّن في السابق جمهوريات الاتحاد السوفييتي ودول أوروبا. إذ تقع 37.6% من المشاريع المستلمة في رابطة الدول المستقلة و24.5% في المنطقة الأوروبية. وبلغت نسبة المشاريع في منطقة الشرق الأوسط 18.5%، في حين بلغ معدل إفريقيا جنوب الصحراء 12.7%.

وحسب بيانات وزارة التجارة التركية، حلت روسيا في مقدمة البلدان التي نفّذ فيها المقاولون الأتراك أكبر عدد من مشاريعهم خارج البلاد منذ 1972. لكن حرب أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا، تسببت في تراجع أو تأجيل المشاريع في هذا البلد. الدول الأخرى التي تقوم فيها الشركات التركية بأعمال مكثفة هي رومانيا وبولندا والمجر وتنزانيا.

وإلى جانب قطاع المقاولات الإنشائية، حقق قطاع الاستشارات الفنية، الذي أجرى العام الماضي مشروعات بقيمة 236 مليون دولار، مشاريع بحجم 3 مليارات دولار بدءاً من عام 2023 بإجمالي عدد مشاريع بلغ 583 ألف مشروع. بالإضافة إلى رابطة الدول المستقلة والشرق الأوسط، تعد باكستان والهند من بين البلدان التي ينفذ فيها قطاع الاستشارات أعمالاً مكثفة.

وجهات جديدة

هناك اليوم أكثر من 40 شركة تركية في قائمة أكبر 250 شركة مقاولات في العالم. 5% من المشاريع في السوق العالمية تقوم بها شركات تركية. الهدف هو زيادة هذا العدد والمعدل عبر استهداف مناطق ودول جديدة.

هدف قطاع المقاولات التركي لعام 2023 وما بعده هو أوروبا الغربية والأمريكيتان ودول آسيا والمحيط الهادئ. ويهدف إلى تنفيذ المزيد من المشاريع، وخاصة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ إذ تهيمن الشركات الصينية وأمريكا الجنوبية إلى جانب الشركات الأمريكية.

كما تحتل تركيا المرتبة السابعة في العالم من حيث الشركات الاستشارية العالمية. ويوجد 7 شركات تركية في قائمة أكبر 225 شركة للاستشارات التقنية في العالم.

وفي سياق متصل، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال حفل توزيع جوائز النجاح في خدمات المقاولات الدولية بالعاصمة أنقرة في أغسطس/آب الماضي، إن بلاده تستهدف رفع حصتها من خدمات المقاولات الدولية إلى 75 مليار دولار كمرحلة أولى. وذكر أردوغان أن التوقعات تشير إلى بلوغ حجم خدمات المقاولات الدولية 750 مليار دولار في 2030، وأن هدف تركيا هو رفع حصتها إلى 10%، ثم 15% في 2053.

أرامكو تفتح أبوابها للمقاولين الأتراك

خلال زيارة ولي العهد السعودي لأنقرة في يونيو/حزيران 2022، أعلنت تركيا والمملكة العربية السعودية عزمهما بدء "حقبة جديدة من التعاون". علماً أنه لطالما اعتبرت السعودية واحدة من الأسواق الرئيسة في الخارج للمقاولين الأتراك.

فبين عامي 1972 و2023، حصلت شركات المقاولات التركية على ما قيمته 24.95 مليار دولار من المشاريع في المملكة، وهو ما يمثل 5.2% من المشاريع التي قام بها المقاولون الأتراك في الخارج على مدى العقود الخمسة الماضية، حسب ما نقلته صحيفة حريات ديلي نيوز التركية.

وعن فحوى الاجتماعات التي جمعت المقاولين الأتراك مع ممثلي أرامكو، قال رئيس اتحاد المقاولين الأتراك إردال إرين، متحثاً لـ بلومبرغ: "تريد أرامكو أن ترى أكبر عدد ممكن من المقاولين الأتراك في مشاريعها ... إنهم يخططون لمصفاة وخطوط أنابيب ومبانٍ إدارية وإنشاءات أخرى للبنية التحتية تبلغ قيمتها 50 مليار دولار".

وأضاف إرين: "إن الشركة، التي تحتل المرتبة الثالثة في العالم من حيث القيمة بعد آبل ومايكروسوفت (أرامكو) ستضع قريباً قائمة بالمقاولين الذين يمكنهم المشاركة في مناقصات المشاريع". مشيراً إلى أن الجانبين سيجتمعان مرة أخرى قريباً في المملكة العربية السعودية.

TRT عربي