ماذا تعرف عن السوق السوداء لتجارة الأعضاء البشرية في الصين؟ (lasse-san/flickr)
تابعنا

يتوافد سنوياً الآلاف من الأجانب الأثرياء إلى الصين كطريق مختصر من أجل عمليات زراعة الأعضاء التي من الممكن أن تنقذ حياتهم، لكن قلة منهم يعرفون أن هذه الأعضاء قد أُخذت على الأغلب من سجناء محكومين بالإعدام أو من مخطوفين وقعوا ضحايا تجار سوق الأعضاء السوداء المزدهرة بالصين.

وفي 14 يوليو/تموز الماضي، وتزامناً مع استمرار الانتهاكات التي تتعرض لها أقلية الأويغور المسلمة في الصين، جدد خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة من قلقهم وJخوفهم من التقارير القادمة من الصين، والتي تتحدث عن مزاعم "حصاد الأعضاء" التي ترتكبها السلطات الصينية بحق الأقليات الدينية والعرقية في البلاد، بما في ذلك الفالون غونغ والأويغور وغيرهم.

ومنذ استضافة بكين لدورة الألعاب الأولمبية عام 2008، والتي سعت بكين من خلالها لتسويق صين عظمى ومتطورة تتماشى مع المعايير العالمية المعمول بها، اضطرت بكين للانحناء ولو شكلياً أمام الضغوط الدولية والانتقادات الحقوقية الحادة بجانب التقارير الصحفية التي كشفت عن كواليس هذه التجارة المهووسة، وأقرت قوانين وتدابير للحد من عمليات الإعدام وأخذ أعضاء السجناء، فضلاً عن الحد من سياحة الأعضاء المزدهرة والتي تدر المليارات سنوياً.

سوق سوداء وتجارة بالمليارات

في بداية عام 2014، ذكرت صحيفة (Newyorker) الأمريكية في تقريرها "هل تستطيع الصين وقف تهريب الأعضاء؟ "، قصة الطفل غو بين ذي الست سنوات من مقاطعة شانشي شمالي الصين، الذي ظن أن السماء حالكة والوقت ليلاً عندما استيقظ صباح يوم صيفي. وجده والديه يبكي والدم يغطي وجهه أمام منزلهم بعد اختطافه لعدة أيام، للوهلة الأولى ظن والده أنه سقط وحطم وجهه، وما أن أقترب من طفله وحمله حتى لاحظ أن مقلتي الطفل قد قلعتا من وجه وأن عيونه تحولت إلى حفر.

أثارت حادثة الطفل غو بين وقصص أخرى مشابهة تحدث بشكل يومي، الكثير من السخط داخل المجتمع الصيني، وفتحت الباب واسعاً على سوق تجارة الأعضاء وجشع العصابات والأطباء المدفوعين بدافع الربح السريع فقط، دون أي مباله منهم بحياة الضحية أو مستقبله.

وفي السنوات الأخيرة تمكن سوق تجارة الأعضاء في الصين من نقل تجارته إلى شبكة الإنترنت ونجح في بناء شبكات معقدة لتسهيل تجارة الأعضاء بالرغم من القوانين الصينية التي تمنع ذلك. وحسب الخبراء الاقتصاديين، تتجاوز عوائد تجارة الأعضاء في الصين أكثر من 20 مليار دولار سنوياً، وتتراوح الأسعار بين 170 ألف دولار للكبد و130 ألفاً للكلى وقرابة 60 ألفاً للقرنية.

ووفقاً لتقرير نشرته (France24) عام 2009، فإنه وعلى الرغم من منع الصين لسياحة الأعضاء، إلا أن هذا المنع يجري التغاضي عنه في مدينة تيانجين الساحلية، على بعد حوالي 70 كيلومتراً جنوب شرق بكين، حيث يبدو أن هناك نظاماً معقداً لتسهيل التجارة.

ويذكُر التقرير وجود مقبرة إسلامية في المنطقة، مخصصة للمرضى القادمين من الشرق الأوسط الذين يموتون أثناء إجراء عملية النقل. كما تشير تقارير أخرى إلى أن هناك ما يطلق عليه تجارة "الأعضاء الحلال" والتي تباع للمسلمين بضعف الثمن تقريباً، والتي يجري حصدها من أقلية الأويغور المسلمة في معظم الأوقات.

السجناء مصدراً للأعضاء في الصين

في كل مكان في العالم، عدد المرضى الذين يحتاجون إلى زراعة أعضاء جديدة يفوق عدد المانحين، لكن الوضع في الصين مختلف تماماً. فعلى الرغم من أن الصين تجري عمليات زرع أكثر من أي بلد آخر باستثناء الولايات المتحدة، فإن أقل من 1% من المواطنين المحتاجين يحصلون على فرصة زراعة، مقارنة بحوالي 20% في الولايات المتحدة.

حفزت القوانين والتدابير في السنوات الأخيرة زيادات أعداد المتبرعين في الصين، لكنها لا تزال أقل بكثير مما هي عليه في أجزاء أخرى من العالم، حيث وصلت لحوالي 4.4 تبرع لكل مليون شخص، مقارنة بـ49 لكل مليون في إسبانيا. ويرجع السبب في ذلك"، إلى أن المعتقدات الصينية تدعو إلى دفن أو حرق جسد المتوفى بشكل كامل، لتأمين عودته سليماً إلى الحياة مجدداً.

ووفقاً للإحصائيات الصادرة عن منظمة العفو الدولية، تغطي الصين 90% من احتياجاتها للأعضاء البشرية من السجناء الذين يجري إعدامهم بشكل دوري. تقر السلطات بهذه الممارسة، لكنها تصر على أخذ الموافقة المسبقة إما من قبل المتبرع أو أسرته، وهو الأمر الذي ينفيه أقارب العديد من المدانين الذين جرى إعدامهم.

وإلى جانب سجناء الأقليات الذين يجري إعدامهم واقتلاع أعضائهم فور وصول المريض الأجنبي من الخارج، فإن تجارة الأعضاء سائدة بين الكثير من الأطباء الذين ينتزعون أعضاء متوفي الحوادث ومرضى الشلل الدماغي.

TRT عربي