تابعنا
في جميع أنحاء قطاع غزة يواجه 90% من الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 6 و23 شهراً والنساء الحوامل والمرضعات فقراً غذائياً حاداً، وفقاً لتقرير صدر عن مجموعة التغذية العالمية، وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية المعنية بالتغذية وتقودها منظمة يونيسف.

تعرّض الفلسطيني أحمد النجار للإصابة المفاجئة بمرض التهاب الكبد الوبائي في ظل وجوده في أحد مخيمات النازحين المتكدسة بالمواطنين في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة جرّاء تواصل الحرب الإسرائيلية للشهر السادس على التوالي.

وعلى مدار شهور الحرب على غزة التي بدأت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإن المئات من الفلسطينيين قضوا بسبب نقص الرعاية الصحية الموجودة، إلى جانب أزمة التجويع الحاصلة بفعل الحرب والحصار.

وحسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فإن الوضع الإنساني في قطاع غزة مأساوي ويزداد سوءاً يوماً بعد يوم، مشيرة إلى التخوفات من انتشار الوَفَيَات بسبب القصف، علاوة على الخشية من انتشار الوَفَيَات على نطاق واسع بسبب الجوع.

وفي جميع أنحاء قطاع غزة يواجه 90% من الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 6 و23 شهراً والنساء الحوامل والمرضعات فقراً غذائياً حاداً، وفقاً لتقرير صدر قبل أسبوعين عن مجموعة التغذية العالمية، وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية المعنية بالتغذية وتقودها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).

بين النزوح والمرض

ويقول النازح والمريض أحمد النجار إن تجربة المرض كانت قاسية بالنسبة إليه بعد أن نزح من منزله في مدينة خان يونس جنوبي القطاع لتستقر الحال به في أحد مخيمات النزوح غرب مدينة رفح مع عدد كبير من أفراد عائلته.

ويضيف النجار لـTRT عربي أنه اكتشف إصابته بمرض التهاب الكبد الوبائي بعد أن أعلمه أحد أصدقائه الموجودين في مخيم النازحين بنبأ إصابته بالمرض، لتدخل الشكوك إليه بالذات مع استشعاره بالإعياء بشكل متدرج.

ويبيّن النازح الفلسطيني أنه فور إجرائه للفحص في أحد المشافي المحلية في مدينة رفح عمل على الانعزال بشكل تام عن عائلته وتجنّب الاختلاط بهم في الخيمة التي يسكنونها، من أجل ضمان عدم انتشار الفيروس بينهم بشكل أكبر.

ويلفت النجار إلى أن النظافة شبه معدومة بسبب تكدس النازحين وغياب دورات المياه وتمديدات الصرف الصحي وخروج شبكات المياه عن الخدمة في كثير من الأوقات، ما ينعكس بالسلب على الحالة الصحية للنازحين بشكل عام.

ويشعر النجار بألم شديد جرّاء الظروف النفسية التي عايشها إلى جانب مرضه من خلال اضطراره إلى اتخاذ إجراء للانعزال عن عائلته، عدا عن صعوبة توفير الاحتياجات الخاصة به طَوال هذه الفترة وحالة النزوح التي يعيشها أصلاً.

وكشفت بيانات وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول وحتى أواخر فبراير/شباط الماضي سجّلت 700 ألف إصابة بالأمراض المعدية غير المألوفة طَوال السنوات القليلة الماضية في قطاع غزة.

انتشار واسع النطاق

أمّا الفلسطينية غدير المعصوابي التي نزحت من مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غربي مدينة غزة، لتستقر بها الحال في المستشفى الأوروبي مع عشرات الآلاف من النازحين في المشفى الواقع جنوبي مدينة رفح، فتعاني من تكرار إصابة أبنائها بأمراض جلدية.

وتروي المعصوابي لـTRT عربي تجربتها بالقول إنّ طفليها تعرّضا للإصابة بأمراض جلدية نتيجة الاختلاط بكثير من الأطفال النازحين في المستشفى، وعلى الرغم من حرصها على نظافتهما فإنّ الأعداد الموجودة في المشفى ضخمة وكبيرة للغاية.

وتوضح أنه فضلاً عن الأمراض الجلدية فإن أمراض الجهاز التنفسي أصابتها هي وأبناءها وزوجها مرات عدّة في وقت قليل وقياسي، في ظل نقص كبير في الأدوية والمستهلكات الطبية المتوفرة في المستشفيات أو حتى الصيدليات الخاصة التي بقيت تعمل.

وتعرب المعصوابي عن خشيتها من أن استمرار الحرب لوقت أطول مما هي عليه الآن من الممكن أن يؤثر بالسلب في الحالة الصحية لها ولطفليها، لا سيما أن الفترة الأخيرة شهدت تزايداً في تعرُّض الأطفال للإصابة بنزلات البرد وحالات الإسهال الدائم وارتفاع الحرارة لأسباب مجهولة.

أمراض غير مألوفة

بدورها تفيد إيناس حمدان القائمة بأعمال مدير مكتب الإعلام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في غزة بأن التقارير الأخيرة لم تسجل ظهور أمراض غير اعتيادية، لكن توجد زيادة ملحوظة وعالية في تسجيل حالات التهاب الكبد والإسهال المدمي والمائي، بسبب تردي الأوضاع المعيشية للسكان نتيجة للظروف المأساوية.

وتضيف حمدان لـTRT عربي أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في انتشار أمراض الجهاز التنفسي والإسهال، تزامناً مع الوضع الصحي الصعب للغاية في ظل استمرار إلحاق الضرر بالمراكز الصحية والكوادر الطبية، على الرغم من أن القوانين الدولية تحتم حماية المنشآت الصحية خلال فترات الحرب.

وتوضح أن الاكتظاظ الكبير في مناطق النزوح ومراكز الإيواء وتكدس النازحين في خيام أو غرف صغيرة تفتقر إلى الحدّ الأدنى من مقومات الحياة الطبيعية، يزيد تفاقم الأوضاع الصحية وتدهورها، لافتة إلى النقص الحاد في المواد الغذائية الضرورية وارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال والأمهات.

وتؤكد حمدان أن "معظم مناطق النزوح لا تتوفر فيها مياه نظيفة، مما ساعد في انتشار كثير من الأمراض المعدية وازدياد المشكلات الصحية"، مشيرة إلى أن ربع آبار المياه التي كانت تُستخدم لاستخراج مياه صالحة للشرب تعرّضت للتدمير بفعل القصف المتواصل.

أرقام قياسية

ويؤكد الدكتور غسان وهبة، المسؤول عن الطب الوقائي في المحافظات الجنوبية بالقطاع، أن هناك ارتفاعاً غير مسبوق وتسجيلاً لأمراض كانت موجودة بمعدلات قليلة للغاية، وبعضها كان يسجل حالات بسيطة جداً على فترات زمنية طويلة.

ويبيّن وهبة في حديثه مع TRT عربي أن مرض التهاب الكبد الوبائي شهد ارتفاعاً في أعداد الإصابات المسجلة، إذ وصلت حتى منتصف مارس/آذار الماضي إلى أكثر من 12 ألف حالة ممن أُجريت لهم فحوصات في مختبرات مستشفيات القطاع التي بقيت تعمل حتى اللحظة.

ويشير إلى أن أمراضاً أخرى شهدت تسجيل أكثر من 8 آلاف إصابة مثل الأمراض الجلدية، إلى جانب عشرات الآلاف من الإصابات بالأمراض التنفسية والجهاز التنفسي جرّاء حالة الاكتظاظ الحاصلة وضعف الشق الغذائي بفعل حصار الاحتلال الإسرائيلي والحرب التي يشنها.

ويؤكد المسؤول عن الطب الوقائي في وزارة الصحة أنه من المحتمل وجود أمراض لم تظهر بشكلٍ علني لعدم وجود فحوصات مخبرية، وحالة الضعف الشديد التي يعيشها الجهاز الصحي بفعل القصف الإسرائيلي المركز الذي تتعرض له المستشفيات والعيادات الصحية.

ولا يستبعد وهبة أن تظهر خلال الفترة المقبلة أمراض لم تكن موجودة في القطاع بسبب التجويع وعمليات القصف وتأثيرات المواد التي تحتويها الصواريخ، مثل الملاريا أو أمراض أخرى نتيجة لتردي الأوضاع المعيشية والصحية في الفترة الأخيرة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً