تابعنا
نحو 1.05 مليون طفل دون سن الثامنة عشر يسكنون في قطاع غزة قبل الحرب، يشكلون ما نسبته 47.1% من سكان القطاع، منهم نحو 32% دون سن الخامسة (340 ألف طفل)

يتجول الفتى الفلسطيني عوني أبو كويك بين خيام النازحين في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة لبيع ما يتوفر لديه من مواد غذائية أو سلع يعمل على بيعها في تلك المناطق للمساعدة في توفير احتياجات عائلته التي نزحت من مدينة غزة.

ومنذ أن نزح أبو كويك من منزله في مدينة غزة وهو يعمل في أسواق رفح ومناطق إيواء النازحين بعد أن فقد مقعد دراسته نتيجة للحرب الإسرائيلية المدمرة التي يشنها الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على قطاع غزة.

وحسب الإحصاء الفلسطيني، فإن نحو 1.05 مليون طفل دون سن الثامنة عشر يسكنون في قطاع غزة قبل الحرب، يشكلون ما نسبته 47.1% من سكان القطاع، منهم نحو 32% دون سن الخامسة (340 ألف طفل).

وفي أغسطس/آب 2023 التحق أكثر من 625 ألف تلميذ وتلميذة بمقاعد الدراسة في القطاع، منهم 305 آلاف في مدارس حكومية، ونحو 300 ألف في مدارس "أونروا"، و21 ألفاً بمدارس خاصة، قبل أن يتوقف العام الدراسي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وفقاً لبيانات وزارة التربية والتعليم.

ويُعتبر الفتى أبو كويك الذي يدرس في المرحلة الثانوية واحداً من بين عشرات الآلاف الفتية والأطفال الذين فقدوا مقاعدهم الدراسية بفعل الحرب الإسرائيلية التي دخلت شهرها الخامس على التوالي في سابقة غير معهودة للحروب التي اندلعت في غزة.

ميدانياً، فإنّ السوق الشعبية والمعالم المشهورة في مدينة رفح مثل ميدان العودة والنجمة تشهد حضوراً كثيفاً للأطفال على صعيد البيع والشراء، إذ تعمل فئة كبيرة منهم في مجال بيع ما هو متوفر من سلع غذائية أو مواد تنظيف.

في الوقت ذاته، فإنّ فئة أخرى تعمل في مجال بيع المشروبات الساخنة مثل القهوة والشاي إضافة لبيع المياه المعدنية أو المعلبات، وهو أمر غير معتاد لعشرات الآلاف من الأطفال الذين كانوا على مقاعدهم المدرسية حتى صباح السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

عمل لمساعدة الأهل

في الأثناء، يقرّ الفتى إياد أبو كويك أنّ عمله جاء من أجل مساعدة والده على ظروف الحياة اليومية، في ظل ارتفاع أسعار المواد الأساسية والغذائية وعدم وجود مصدر دخل للعائلة نتيجة لفقدان والده عمله بسبب تدمير المنشأة التي كان يعمل بها.

ويقول إياد لـTRT عربي، إنّ عمله يومياً يختلف ما بين بيع المشروبات الساخنة أو بعض السلع والمواد الغذائية وفقاً لما هو متوفر من بضائع شحيحة في السوق، يستهدف من خلالها توفير احتياجات عائلته في ظل النزوح وفقدان المأوى ومصدر الدخل.

ويشير إلى أنّه اشتاق إلى العودة إلى مقاعد الدراسة من جديد بعدما كان أحد الطلبة المتفوقين طوال سنوات دراسته الفائتة، في الوقت الذي دمّر فيه الاحتلال الإسرائيلي مدرسته وهو ما يعني أنّ مصير العام الدراسي سيبقى مجهولاً.

ويأمل الفتى الفلسطيني أبو كويك أن تنتهي الحرب قريباً وإعادة إعمار المنازل والمنشآت والمدارس بأسرع وقت ممكن من أجل أن يعود الأطفال والفتية إلى مقاعد الدراسة التي تركوها منذ أكثر من 4 أشهر بفعل الحرب الإسرائيلية.

وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) إلى أنّ نحو 500 ألف طفل كانوا يحتاجون إلى خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في قطاع غزة، قبل الحرب، واليوم، تؤكّد التقديرات أنّ جميع الأطفال تقريباً يحتاجون إلى تلك الخدمات، أي أكثر من مليون طفل.

بسبب الظروف الصعبة

أما الفتى أحمد نتيل فنزح هو الآخر من مناطق غرب مدينة غزة إلى رفح مع عائلته بعد أن تعرض منزله للقصف ولم يعد يملك أيّ مأوى باستثناء الخيمة، التي تضج بنحو 11 فرداً من أفراد العائلة وهو ما دفعه إلى العمل.

ويتحدث نتيل إلى TRT عربي، أنّ العائلة لا تملك كثيراً من المال، إذ خرج الجميع دون أي ممتلكات وفقدت العائلة المنزل ولا تملك أي شيء لتوفير المواد الأساسية وبالذات الطعام والشراب في ظل ارتفاع الأسعار بشكل كبير.

ويشير إلى أنّه يعمل مع عدد من أصدقائه وإخوانه في بيع المشروبات الساخنة وبعض البضائع من أجل توفير سيولة محدودة للعائلة تمكّنهم من توفير أبسط الاحتياجات في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية وعدم وجود أفق لانتهائها.

ويأمل بأن تضع هذه الحرب أوزارها وأن يعود إلى ممارسة هوايته المفضلة بلعب كرة القدم مع أصدقائه وزملائه في المدرسة، وإعادة إعمار وبناء منزله من جديدة الذي فقده في غارة إسرائيلية شنها الاحتلال على الحي الذي يعيشه به.

ووفقاً لبيانات يونيسيف، فإنّ تقديرات المؤسسة الأممية تشير إلى أنّ 17 ألف طفل على الأقل في قطاع غزة، باتوا غير مصحوبين، أو انفصلوا عن عائلاتهم، بعد نحو 4 أشهر من بدء العدوان الإسرائيلي، في الوقت الذي قال المتحدث باسم المنظمة في الأراضي الفلسطينية جوناثان كريكس، إنّ هذا الرقم يمثل 1% من إجمالي عدد النازحين البالغ 1.7 مليون شخص.

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة استشهد نحو 29 ألف فلسطيني وأصيب نحو 70 ألف آخرين بجراح مختلفة 70% منهم من النساء والأطفال، وفقاً لتقديرات وزارة الصحة الفلسطينية حتى يوم 16 من فبراير/شباط الجاري.

أما الطفل يوسف أحمد فنزح من النصيرات إلى رفح خلال الشهرين الماضيين من عمر الحرب بعد أن دمر الاحتلال مناطق واسعة من المخيم الذي يعيش به مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة المحاصَر إسرائيلياً.

وأدّت الظروف الصعبة التي يعيشها الطفل يوسف إلى عمل في عدة مجالات أبرزها تنظيف الخيام الخاصة بالنازحين الفلسطينيين مقابل مبالغ مالية بسيطة تساعده وأسرته في توفير الاحتياجات الأساسية من مشرب ومأكل يومياً.

ويتحدث الطفل يوسف إلى TRT عربي عن أمله بعودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل الحرب الإسرائيلية الحالية والرغبة في استئناف العام الدراسي واستئناف اللعب مع رفاقه وأقاربه في الحي الذي كان يقطن به في مخيم النصيرات.

TRT عربي
الأكثر تداولاً