هل رضخت شركات الطاقة الأوروبية لشروط بوتين؟  (Bta Lubomira Filipova/AP)
تابعنا

منذ اندلاع الهجوم الروسي على أوكرانيا، سعى الجانبان المتنافسان سياسياً خلالها، روسيا والغرب، للي ذراع بعضهما معتمدين الغاز والنفط ورقة ضغط لإخضاع أحدهما الآخر. هكذا سرعان ما هرعت موسكو لفرض الدفع مقابل صادراتها الغازية بعملاتها المحلية، بينما تسعى أوروبا لتجد مخرجاً من ارتهانها بالغاز الروسي وتضمّنه حزمة العقوبات التي فرضتها على نظام بوتين.

أمام هذا الواقع، ومع صعوبة ايجاد بديل يسد فجوة الغاز الروسي، اضطرت شركات أوروبية إلى للاستجابة والدفع بالروبل مقابل وارداتها الغازية، متجاهلة تحذيرات حكوماتها وراضخة لإرادة بوتين. أبرزها شركة "إيني" الإيطالية، التي أعلنت فتح حساب بالروبل لهذا الغرض.

شركات طاقة أوروبية تدفع بالروبل

في تحدٍ لتهديدات بروكسل بمقاضاة الشركات التي تكسر العقوبات الاقتصادية على روسيا، وتدفع مقابل غازها بالروبل، أعلنت شركة "إيني" الإيطالية، في بيان لها، نيتها فتح حساب بالعملة المحلية الروسية، ذلك قبل أيام من موعد سداد مدفوعاتها المقبلة للغاز.

وقالت الشركة المملوكة بنسبة 30% للحكومة الإيطالية، والتي توفر ما يقارب 40% من حاجيات البلاد الطاقية، بأنها ناقشت خطتها مع "مؤسسات إيطالية"، نافية انتهاك هذه الخطة للعقوبات الأوروبية. وأوضحت ذلك بأنه في غضون 48 ساعة من الدفع، سيحوّل وكيل لها في بورصة موسكو اليورو إلى روبل، دون تدخل البنك المركزي الروسي.

وأكدت "إيني" أن الأمر يتعلق بإجراء مؤقت بلا مساس بحقوقها التعاقدية"، والتي لا تزال تتوخى فيها الدفع باليورو. مشددة على أن "هذه الشروط الصريحة ستدرج في إجراءات الدفع".

وليست "إيني" وحدها التي رضخت لشروط الدفع الروسية، فحسب وكالة "بلومبرغ" الأمريكية، فتح حوالي 10 عملاء أوروبيين حسابات بالروبل لدى "غازبروم" ممثل المجموعة الطاقية الروسية، ذلك مع اقتراب المواعيد النهائية لسداد واردات شهر أبريل/نيسان المنصرم.

وتضيف الوكالة، نقلاً عن مصدر مطلع رفض الإفصاح عن اسمه، بأن إجمالي الشركات التي فتحت حسابات بالروبل بلغ 20 شركة أوروبية، إضافة 14 عميلًا يطلبون الأوراق اللازمة لفتح حسابات كذلك. ولم يذكر المصدر أسماء هذه الشركات.

مأزق الحكومات الأوروبية

هذا وحذّرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في تقرير لها، من أن خطوة "إيني" ومثيلاتها، قد تكون شرارة صدام بين هذه الشركات وبروكسيل. إذ اعتبر المتحدث باسم المفوضية الأوروبية إريك مامر يوم الثلاثاء أن فتح حساب بالروبل لدى "غازبروم" سيكون انتهاكاً لعقوبات الكتلة.

وأردف مامر: بأن "أي شيء يتجاوز التوجيه المقدم للدول الأعضاء، في فتح حساب بالعملة المتوقعة في العقد، والدفع بتلك العملة والإدلاء ببيان يفيد بإتمام الدفع بمجرد توصيل الغاز بتلك العملة، يعد انتهاكاً (...) وفتح حساب ثانٍ بالروبل يتجاوز التوجيهات التي قدمناها للدول الأعضاء، في الواقع".

وقد يضع هذا الصدام، بين هذه الشركات والاتحاد الأوروبي، قادة الدول في مأزق. وعلى رأسهم رئيس وزراء إيطاليا، ماريو دراغي، الذي قد يضعه قرار "إيني" في وضع حساس.

خاصة وأن دراغي كان الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، وأحد مهندسي العقوبات ضد البنك المركزي الروسي، وحكومته هي الجهة المنفذة القانونية للعقوبات في إيطاليا. وبالتالي، يمكن أن تتخذ بروكسل إجراءات قانونية ضد روما إذا قررت أن إيطاليا فشلت في تطبيق العقوبات، وهي عملية قد تستغرق سنوات.

هذا وحاول دراغي التخفيف من حدة التوتر، حين صرّح بأن "للشركات إمكانية للدفع بالروبل دون أن تخرق العقوبات الأوروبية". وأردف في مؤتمر صحفي أن "معظم مستوردي الغاز فتحوا بالفعل حساباتهم بالروبل مع غازبروم (...) بما فيهم ألمانيا، أكبر مستورد للغاز الروسي، دفعت بالفعل بالروبل".

TRT عربي