زيارة الرئيس الأوكراني لقواته على الحدود مع روسيا (Str/AFP)
تابعنا

اتفقت تصريحات كل من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن والأمين العامّ لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ على التحذير من خطر روسي محدق على أوكرانيا.

كان ذلك إثر مشاركتهما في مؤتمر "رويترز نيكست"، المنعقد من 1 إلى 3 ديسمبر/كانون الأول الجاري، حين صرَّح ستولتنبرغ قائلاً: "قلناها جميعاً بوضوح شديد، إن الثمن الذي سيتعيَّن دفعه (من الروس) سيكون باهظاً، وستكون العقوبات ضمن الخيارات". وأضاف: "أعتقد أن من الواضح تماماً أن روسيا تعرف بالفعل أنها ستدفع ثمناً أكبر".

من جانبه قال وزير الخارجية الأمريكي بأن بلاده تشعر بقلق عميق وسط أدلّة على أن روسيا وضعت خططاً لتحركات عدائية واسعة النطاق ضد أوكرانيا، مضيفاً أن الخطط الروسية تشمل جهوداً لزعزعة استقرار أوكرانيا من الداخل بجانب عمليات عسكرية ضخمة.

مقابل ذلك حثَّ وزير الخارجية الأوكراني كولِبا ديميترو، الذي كان حاضراً الاجتماع، كلاً من الناتو والولايات المتحدة إلى اتخاذ عقوبات رادعة ضد موسكو، قائلاً: "ندعو حلفاءنا للانضمام إلينا من أجل أن نضع بشكل مشترك حزمة (عقوبات) مؤلمة ضد روسيا إن هي اختارت المضي في السيناريو الأسوأ".

هذا ومنذ أشهر وكييف توثق صلاتها الدبلوماسية والعسكرية مع الحلف الدفاعي الغربي، آخرها كانت المناورات البحرية التي أجرتها وإياه قبل أسابيع في مياه البحر الأسود، كما سلَّم الناتو زورقين حربيين للبحرية الأوكرانية. لكن مع تصاعد مخاطر نشوب نزاع بينها وبين جيرانها الروس، عاد الحديث مجدداً عن آمال أوكرانيا في الانضمام إلى دول الحلف الثلاثين من أجل ردع نفوذ الكرملين، فيمت لا تزال قيادة الحلف مترددة لخوض هذه الخطوة.

مصيرها مرهون بالحلفاء الثلاثين

عُقدت يوم الاثنين بالعاصمة اللاتفية ريغا قمة لوزراء خارجية حلف الناتو، الذي قال أمينه العامّ خلال المؤتمر الصحفي الذي تلاها على أنها كانت لـ"تباحث الوضع على حدود أوكرانيا وتدارس التحركات غير العادية للقوات الروسية هناك".

فيما كان أول سؤال وُجّه إلى الأمين العامّ بعد إنهاء تلاوة بيانه حول "أي انضمام مرتقب لأوكرانيا إلى الحلف؟"، طرحه صحفي "وول ستريت جورنال" الأمريكية، وأجاب ستولتنبرغ: "نحن متشبثون بكل القرارات التي اتُّخذت في هذا الصدد، خصوصاً بعضوية أوكرانيا في الحلف".

وأضاف الأمين العامّ: "نحن ندعم مسار انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، من أجل تحقيق اندماج أورو أطلسي أكبر، بدعم الإصلاحات الواجبة عليها من محاربة الفساد وتحديث مؤساساتها الدفاعية والأمنية". لكن عدا هذا الدعم "لكي تصبح عضواً في الناتو عليك أن تنضبط بمعايير الحلف، وأن يقرر الثلاثون الأعضاء الموافقة على انضمامك"، أردف الأمين العام دون أن يقدم قراراً حاسماً في الأمر، عوض ذلك شدَّد على أنه "ليس من حق روسيا تعطيل هذا المسار".

وقرأ مراقبون في الردّ نوعاً من التردُّد واستبعاد أي إجابة نهائية عليه على المستوى القريب. هذا التردُّد الذي يشوب موقف دعم الناتو للكييف اتضح كذلك في جواب ستولتنبرغ عن سؤال صحفي قناة BBC البريطانية حول "ما نجاعة العقوبات السياسية والاقتصادية في كبح أي اعتداء روسي محتمَل على أوكرانيا؟ وهل هناك خطة تدخل عسكري؟". ردّ مسؤول الناتو بأن "من المهم أن نفهم الفرق بين ما نفعله كدعم شريكنا الأوكراني، ومسؤوليتنا في حماية الدول الحلفاء في منطقة البحر الأسود"، في إشارة إلى احتمال انفجار صراع مسلَّح في المنطقة قد يهدّد الدول الأعضاء حول البحر الأسود.

ويتزامن نقاش علاقات كييف والناتو مع تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحلف من تخطي "الخطّ الأحمر" في أوكرانيا. وقال بوتين إن بلاده مستعدة لتوجيه صواريخها نحو أوروبا إذا ما وجب عليها الرد على تحركات قوات الناتو على حدودها الشرقية.

أعوام من الانتظار الأوكراني

ويعود قرار الموافقة على انضمام حلف أوكرانيا إلى حلف الناتو إلى مؤتمر بوخاريست سنة 2008، وأُطلِق مسار العضوية للدولة السوفييتية السابقة، بما يوجب عليها تنفيذ إصلاحات كبيرة على مستوى ترسانتها القانونية والحقوقية، ومحاربة الفساد بمؤسساتها الحكومية، وتحديث مؤسساتها الأمنية والدفاعية.

هذا المسار الذي شرعت فيه أوكرانيا منذ ذلك الحين تَعطَّل سنة 2010 مع انتخاب فيكتور يانكوفيتش القريب من روسيا رئيساً للجمهورية. وزاد تأخرَ المضي في برنامج العضوية الاحتجاجاتُ التي عرفتها البلاد سنة 2013، وأدت إلى إسقاط يانكوفيتش الذي هرب إلى روسيا سنة 2014.

قبل تلك الأحداث كان الرأي العامّ الأوكراني يميل إلى معارضة الانضمام إلى الناتو، لكن مع احتلال روسيا شبه جزيرة القرم سنة 2015، ونشوب حرب دونباس شرق البلاد مع الانفصاليين المدعومين من موسكو، وثّقت الاستطلاعات تحوُّل هذا الرأي العامّ إلى الإلحاح بتعجيل إقرار عضوية البلاد للحلف الدفاعي.

TRT عربي
الأكثر تداولاً