قانون جديد للمسلمين وحدهم.. كيف تنمو معاداة الإسلام بفرنسا؟ ومن يغذيها؟ / صورة: AA (AA)
تابعنا

في السنوات الأخيرة، كانت فرنسا في قلب جدل ساخن حول معاملتها لسكانها المسلمين تحت شعار الحفاظ على علمانية الدولة. إذ تحولت ممارسات التمييز هذه إلى سياسة ممنهجة قانونياً يتبعها قادة البلاد، وعلى رأسهم الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي أعلن في عام 2020 عن مشروع قانون أسماه آنذاك "الانفصال الإسلامي" يهدف إلى "مواجهة الإسلام السياسي"، وفق مزاعمه.

وعلى خطى ماكرون، قال إدوار فيليب، رئيس الوزراء السابق والمرشح الرئاسي الحالي لليمين الفرنسي لمنافسة إيمانويل ماكرون على منصب الرئاسة، في كتاب جديد، إن الإسلام قد يتطلب قانوناً جديداً وهيئة حكومية لتنظيمه في فرنسا، وفقاً لما جاء في تقرير لمجلة L'Obs يوم الأحد.

وقد أثار هذا التصريح المثير للجدل الذي نددت به نحو 50 شخصية، من بينها أستاذ علم اجتماع العلاقات الدولية المؤثر برتران بادي ومؤسس علم اجتماع العلمانية جان بوبيرو والكاتبة آني إيرنو، مخاوف على الصعيدين المحلي والدولي.

"قانون خاص بالمسلمين"

دعا إدوارد فيليب إلى ضرورة السيطرة على الإسلام في فرنسا من خلال وضعه تحت إشراف الدولة، وذلك من خلال إنشاء "نظام خاص" على شكل "قانون" يسمح للحكومة بالتدخل بشكل مباشر في تنظيم العبادة الإسلامية في فرنسا.

وكتب فيليب، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في عهد ماكرون من 2017 إلى 2020، في كتابه الصادر حديثاً "Des Lieux Qui Disent" (الأماكن التي تتحدث) أنه قد يكون من الضروري إنشاء "قانون وتنظيم محدد للمسلمين".

فيما أشارت مجلة L'Obs إلى أنها المرة الأولى التي يدافع فيها شخص بمكانة فيليب السياسية عن ما يمكن أن يكون في الأساس قانوناً منفصلاً يتعلق بالعلمانية الفرنسية ويستهدف المسلمين فقط.

وفي مقابلة على قناة إنتر، قال فيليب إن قانون 1905 الذي يكرس العلمانية "ربما لا يكون قادراً على التعامل مع خصوصيات الإسلام"، معتقداً أنه لا بد، في يوم من الأيام، أن تطرح قضية إنشاء نظام خاص "يفرض التزامات خاصة على المؤمنين والمسؤولين في المجتمعات الإسلامية"، كما ذكرت صحيفة L'Obs.

"الإسلاموفوبيا الفرنسية"

ما يدافع عنه إدوارد فيليب هو التشكيك في هذا المبدأ الأساسي لقانون 1905 الذي ينادي بالمساواة لجميع المواطنين أمام القانون، لأنه باختصار يطالب بمعاملة المسلمين الفرنسيين بطريقة مختلفة وفقاً لدينهم. الأمر الذي دفع المنددين باقتراح فيليب للقول إن "هذا النهج ينتهي بالخوف من الإسلام وكراهيته، وهو ما أصبح الآن افتراضاً بلا خجل".

وقد أصبحت الكراهية ضد الإسلام والمسلمين ممارسة سائدة في فرنسا. وبدلاً من إدانة أعمال الجماعات الصغيرة التي تنشر الكراهية والتعصب والعنف، تستهدف السلطات الفرنسية جوهر نظام العقيدة الإسلامية وتشكك في مدى توافقه مع القيم الحديثة.

وسبق أن أثار قانون "مبادئ تعزيز احترام قيم الجمهورية" (قانون الانفصالية) المثير للجدل الذي تبناه البرلمان الفرنسي منتصف عام 2021، استياء المسلمين في البلاد الذين اعتبروا أنه يهدف إلى تهميشهم والحد من وعيهم.

وحسب وكالة الأناضول، واجه "قانون الانفصالية" الذي أعدته حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، انتقادات من قبيل أنه يستهدف المسلمين في البلاد، ويكاد يفرض قيوداً على مناحي حياتهم كافة، ويسعى إلى إظهار بعض الأمور التي تقع بشكل نادر وكأنها مشكلة مزمنة.

وإلى جانب فرض رقابة على المساجد والجمعيات المسؤولة عن إدارتها ومراقبة تمويل المنظمات المدنية التابعة للمسلمين، فإنه يفرض أيضاً قيوداً على حرية تقديم الأسر التعليم لأطفالها في المنازل، كما يحظر ارتداء الحجاب في مؤسسات التعليم ما قبل الجامعي.

من يغذي العنصرية ضد المسلمين؟

من خلال تصريحاته الأخيرة، من المؤكد أن المرشح الذي يستعد لخوض الانتخابات الرئاسية الفرنسية لعام 2027 يسعى للاستفادة من الإمكانات الانتخابية الهائلة لليمين واليمين المتطرف. وهذا الخطاب المثير للانقسام لا يؤدي إلى استقطاب المجتمع فحسب، بل يضفي الشرعية على التمييز ضد المسلمين، وفق مراقبين.

ورغم دفاع فرنسا المستميت عن سياساتها "الديمقراطية" التي تضمن حقوق الإنسان والتسامح غير المشروط حيال المعتقدات الدينية للأقليات، باتت تُعرف في السنوات الأخيرة بأنها واحدة من أكثر دول أوروبا معاداة للإسلام وهجوماً عليه. إذ يشهد المجتمع الفرنسي توتراً يتغذى بشكل منتظم على قضاياً ارتداء النساء للحجاب والنقاب، ومساحات للنساء في المسابح، أو التشكيك في بعض البرامج المدرسية التابعة للأقليات الدينية في البلاد.

ولعبت وسائل الإعلام دوراً في إدامة الصور النمطية السلبية عن الإسلام والمسلمين. يمكن أن تؤدي التقارير المثيرة إلى تحريف التصور العام والمساهمة في إذكاء المشاعر المعادية للإسلام. فيما خلقت الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة بين المجتمعات الإسلامية، شعوراً بالمزيد من التهميش.

TRT عربي
الأكثر تداولاً