تابعنا
لفت الرئيس التركي، إلى أن وزير الداخلية سليمان صويلو توجه إلى الشمال السوري، وأشرف على وضع حجر الأساس لمشروع المنازل، ومضى يقول: "ومع هذا المشروع نكون قد أسّسنا البنية التحتية للعودة الطوعية للسوريين إلى تلك المناطق".

تتسارع خطوات تركيا لتأمين العودة الآمنة الطوعية للاجئين السوريين الموجودين على أراضيها إلى الشمال السوري، عبر إنشاء مزيد من الوحدات السكنية بما يتيح الاستقرار الدائم لهم في وطنهم الأم.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن العمل جارٍ لبناء منازل جديدة تستوعب نحو مليون سوري، بدعم قطري، وفق ما جاء على لسانه في خطاب النصر عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية في 28 مايو/أيار.

وفي كلمة له خلال مشاركته في فاعلية بمدينة إسطنبول بعنوان "صناعة قوية تركيا قوية"، بتاريخ 25 مايو 2023، تطرّق أردوغان إلى أن مؤسسات الدولة والمنظمات المدنية أنشأت منازل من الطوب شمالي سوريا.

كما لفت الرئيس التركي، إلى أن وزير الداخلية سليمان صويلو توجه إلى الشمال السوري، وأشرف على وضع حجر الأساس لمشروع المنازل، ومضى يقول: "ومع هذا المشروع نكون قد أسّسنا البنية التحتية للعودة الطوعية للسوريين إلى تلك المناطق".

وشدّد على أن بلاده "لن تعيد السوريين إلى بلادهم طرداً أو قسراً، سنعيدهم بشكل يليق بالقيم الإنسانية والإسلامية".

وضع حجر الأساس

وخلال وضع حجر الأساس للمشروع، قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو بتاريخ 24 مايو الجاري: "سيستقر لاجئون سوريون يعيشون في تركيا في المنازل في إطار العودة الطوعية التي تحفظ كرامتهم".

وأضاف، "سيُبنى 240 ألف منزل في المنطقة"، آملاً إنجاز المشروع في غضون ثلاث سنوات. ويأتي بناء الوحدات السكنية في إطار مشروع "العودة الطوعية" للاجئين السوريين.

وأعلن أردوغان في الثامن من الشهر الحالي، أن بلاده تعتزم بدعم من منظمات إغاثية دولية بناء مئتي ألف وحدة سكنية في 13 موقعاً في سوريا، في خطوة تهدف إلى إعادة مليون لاجئ سوري يقيمون في تركيا.

واضطر ملايين المدنيين من محافظات مختلفة مثل دمشق وحلب ودرعا وحماة وحمص ودير الزور والرقة للجوء إلى تركيا أو النزوح إلى الشمال السوري عقب المواجهات العسكرية التي اندلعت إثر الثورة في سوريا عام 2011.

ووفقاً للأرقام الحكومية التركية، فإنه يعيش في تركيا حالياً ما يقدر بـ 3 ملايين و381 ألفاً و429 سورياً، إذ يخضع هؤلاء إلى وضعية الحماية المؤقتة.

وتتواصل العودة الطوعية للسوريين إلى الشمال السوري بعد الاستثمارات التي تقوم بها المجالس المحلية بإشراف تركي، في مجالات مختلفة كالتعليم والصحة والمواصلات والبنية التحتية والرياضة وتعزيز التجارة.

وبلغ عدد السوريين العائدين طوعاً من تركيا 554 ألفاً و609 أشخاص حتى تاريخ 25 من الشهر الجاري، وذلك في إطار الجهود التي تقوم بها مكاتب افتتحتها رئاسة إدارة الهجرة في 12 ولاية تركية يتركز فيها السوريون.

ويقصد العائدون المناطق المحررة من الجماعات الإرهابية عبر عمليات "درع الفرات" و"غصن الزيتون" و"نبع السلام" التي نفّذتها القوات المسلحة التركية، مع الجيش الوطني السوري، إذ تشهد تلك المناطق إنشاء خدمات مستمرة لإعادة الحياة إلى طبيعتها.

وقد طهّرت تلك العمليات الثلاث آلاف الكيلومترات من الأراضي من الإرهابيين المنتمين إلى تنظيمي "داعش" وPYG الذراع السوري لتنظيم PKK الإرهابي، وأتاحت الفرصة أمام مئات آلاف السوريين لعودة آمنة إلى أراضيهم.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لفت في مقابلة مع TRT بتاريخ 22 مايو 2023، إلى أن مسألة عودة اللاجئين مدرجة على أجندة مسار الحوار الرباعي المتواصل بين تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري، مبيناً أن هناك مؤشرات إيجابية للغاية بهذا الخصوص.

فكرة رائدة

ووصف الأكاديمي والخبير الاقتصادي السوري، فراس شعبو، المشروع بأنه "الأضخم مقارنة بما سبقه من مشاريع سكنية، لكون الفكرة رائدة جداً، وخاصة إذا كان موقعها قريباً من مراكز المدن ومراكز الخدمات العامة، لأن ذلك سيسرّع عملية العودة الطوعية للاجئين السوريين المقيمين في تركيا".

ويرى شعبو في حديثه مع TRT عربي أن مشاريع العودة الطوعية والآمنة يجب أن تترافق مع إيجاد بنية تحتية وبيئة اقتصادية واجتماعية لتلك العائلات العائدة إلى الشمال السوري.

وهذه "البُنى تشمل معامل ومواصلات ومدارس وجوامع وتأمين فرص عمل للشباب فضلاً عن الخدمات المتنوعة"، حسب ما قاله لـTRT عربي.

واعتبر الخبير الأكاديمي أن "المشروع يعدّ الخطوة الأولى، وفي حال نجاحه سيكون هناك تتابع وتقبّل من المواطنين السوريين للعودة عندما يشاهدون الامتيازات في هذه المساكن الجديدة".

وقال: "إن استمرارية المشروع في إعادة مليون لاجئ سوري من تركيا هي تجربة يجب أن يتبعها تنسيق مع دول أخرى في ظل الحديث عن تسوية للملف السوري، وربما يكون هناك إعادة إعمار سواء في الشمال أم الداخل السوري".

وأشار إلى ضرورة ضبط الوضع الأمني في تلك المنطقة، وذلك "لأن الحياة الإنسانية متكاملة وتشمل المسكن وتوفير الطعام والاستقرار والأمان وبيئة اجتماعية وبيئة اقتصادية وتشريعية"، حسب شعبو.

وختم بقوله: إن "نجاح هذا المشروع سيشجّع بقية الدول لأخذ المنحى التركي ذاته لبناء مدن وتجمعات للسوريين في مناطق ثانية".

وسبق أن تحدثت وكالة "الأناضول" الرسمية في تقرير لها عن تواصل أعمال بناء المزيد من المنازل على قدم وساق في العديد من النقاط شمالي سوريا من أجل إيواء الأسر النازحة وعودة اللاجئين.

ولفتت إلى أن تجمّعات المنازل التي يتواصل تشييدها تضم مرافق مختلفة مثل المدارس والمساجد والمستوصفات الصحية وحدائق الألعاب.

وتُبنى المنازل إما بطابق واحد أو أكثر، إذ تتألف من غرفة واحدة إلى ثلاث غرف مع مرافقها فضلاً عن الحدائق. كما أنه ثمة اهتمام بتوفير البنية التحتية اللازمة لتلك التجمعات السكنية وتزويدها بالمياه الصالحة للشرب والكهرباء، وفق الوكالة.

امتيازات منتظرة

وضمن هذه الجزئية، يرى مدير مركز ماري للأبحاث والدراسات الأكاديمي، معروف الخلف، أن "هذا المشروع يُعدُّ نوعياً لمناطق الشمال السوري لكونه يشمل 9 مناطق من ضمنها جرابلس والباب ورأس العين، ولا سيما أنه لا يخصّ الوحدات السكنية، بل المشروع يدعم البنية التحتية والمنشآت الصناعية والمناطق الزراعية".

وأضاف لـTRT عربي أن "هذا المشروع لا يُعدُّ إنسانياً بل مشروع له علاقة بإقامة فرص العمل وتحسين مستويات المعيشة لتأمين العودة الطوعية لمليون لاجئ سوري في تركيا".

ولفت الخلف إلى "أنه مع نهاية هذا العام سيكون هناك نحو 5 آلاف مسكن جاهز للاجئين وهذا يُعدُّ مؤشراً جيداً، ولا سيما أنّ صندوق قطر للتنمية هو من دعمه، ما يؤكد أن المشروع نوعي أسوة ببقية المشاريع التي يعمل عليها هذا الصندوق في الشمال السوري".

وذهب الخلف للقول: "إن المشروع هو رسالة بأن المنطقة أصبحت آمنة ومستقرة وهي بحاجة إلى التنمية والنهوض بالاقتصاد، وهي أمور لن تتم ما لم يكن هناك تجمعات سكنية ومدن صناعية ومناطق زراعية ومن خلالها يمكن الحديث عن تنمية المنطقة وتحقيق مستويات معيشية مناسبة للمواطنين من خلال خلق فرص عمل بما تشكل رافداً حقيقياً للشمال السوري وتخفيفاً في معدلات العمل".

"المشروع هو رسالة بأن المنطقة أصبحت آمنة ومستقرة وهي بحاجة إلى التنمية والنهوض بالاقتصاد"، وفق ما قاله معروف الخلف لـTRTعربي.

وختم الخلف بالقول إن "هذه المساكن هي إشارة إلى المستثمرين لكي يعاودوا استثماراتهم في المنطقة، لأن الكتلة البشرية ستكون كبيرة وخاصة أن الحديث يدور عن عودة مليون شخص، ما يدعو إلى توسيع السوق المحلية وإقامة مشاريع إنتاجية بما يدفع عجلة التنمية إلى الأمام".

TRT عربي