بلغاريا تجري انتخابات تشريعية خامسة خلال عامين على أمل تجاوز الجمود السياسي / صورة: AA (AA)
تابعنا

تشهد بلغاريا حالة غموض عشية انتخابات تشريعية ستكون الخامسة في غضون عامين وتجري الأحد على خلفية الحرب في أوكرانيا، التي تسبب انقساماً في هذا البلد القريب تاريخياً من موسكو.

ومنذ نهاية حكم رئيس الوزراء السابق بويكو بوريسوف في 2021 بعد أشهر من تظاهرات ضد الفساد، نظمت انتخابات متتالية في أفقر بلد في الاتحاد الأوروبي.

وقال المحلل دانيال سميلوف ساخراً: "نحطم رقماً قياسياً هنا" في إشارة إلى سلسلة غير مسبوقة من عمليات الاقتراع في الاتحاد الأوروبي.

في العاصمة صوفيا، لا يخفي السكان شعورهم بالمرارة.

تؤكد ألكساندرا كيروفا (41 عاماً) وهي من بين عشرات آلاف خرجوا إلى الشوارع صيف 2020، أنها لن تصوت هذه المرة.

وقالت: "على مر الأيام، أدركت لا عقلانية الحركة، وكان المنطق السائد لنطيح بهم ثم نرى"، معبرة عن أسفها لقصر الرؤية.

وأضافت حائزة دكتوراه في علم الاجتماع: "فجرنا قنبلة موقوتة وهذه هي النتيجة". وأكدت أنها "تنأى بنفسها" لتكريس نفسها لعائلتها وطفلها البالغ من العمر ثلاثة أشهر.

"الجنرال الأحمر"

تتوقع استطلاعات الرأي في الواقع امتناعاً قوياً عن التصويت وتشتتاً في الأصوات التي ستتوزع على عدد من الأحزاب. وهذا ما ينذر بصعوبات كبيرة لتشكيل ائتلاف حكومي مستقر.

وتشير الاستطلاعات إلى أن حزبَي المحافظين "مواطنون من أجل تنمية أوروبية لبلغاريا" بقيادة بوري سوف (63 عاماً) والليبراليين في حزب "لنواصل التغيير" بزعامة كيريل بيتكوف (42 عاماً) سيتعادلان في الاقتراع (نحو 25% أو 26%).

ويقدم حزب رجل الأعمال السابق "لنواصل التغيير" هذه المرة لائحة مشتركة مع التحالف اليميني "بلغاريا الديمقراطية".

ولكن حتى إذا فازوا، فسيكون تشكيل تحالف صعباً لأن الهجوم الروسي على أوكرانيا أدى إلى تعقيد الوضع عبر مفاقمة الخلافات بين الطبقة السياسية.

وقالت المعلمة غاليا بيتشيفا (65 عاماً) التي كانت تشارك في تجمع حاشد لأوكرانيا إن "الحرب وموقف البلغار من هذه المسألة يشكلان تهديداً خطيراً".

وفي مواجهة بوريسوف الحريص على مراعاة مصالح مختلف الأطراف، وبي تكوف المؤيد بشدة لأوروبا، يسجل تشكيل "النهضة" (فازرايدان) القومي الفتي المتطرف الموالي لروسيا تقدماً.

وتتوقع استطلاعات الرأي حصوله على 13.6% من نوايا التصويت، مقابل 10% في أكتوبر/تشرين الأول.

وفي المعسكر المؤيد للكرملين الاشتراكيون ورثة الحزب الشيوعي السابق والرئيس المؤثر رومين راديف الذين كان يلقب في الماضي بـ"الجنرال الأحمر". وقبيل التصويت، أدان "صناع الحرب" الذين يؤيدون كييف، داعياً إلى قطع الطريق عليهم.

من اليورو الى شنغن

يشدد راديف على "إعادة السلام" ويرفض بإصرار تسليم أسلحة أو دبابات أو مقاتلات سوفيتية التصميم إلى أوكرانيا، وإن كانت المصانع تعمل بطاقتها القصوى منذ الحرب على كييف وتصدر الذخيرة بشكل غير مباشر عبر دول ثالثة.

وفي هذه الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) منذ 2004 وفي الاتحاد الأوروبي منذ 2007، لا يزال عدد كبير من السكان يتطلعون إلى الشرق. ويرى كثيرون أن روسيا هي الدولة التي أنهت في 1878 خمسة قرون من الحكم العثماني.

في مواجهة هذه التجاذبات، يحذر المحلل دوبرومير جيفكوف مدير معهد "ماركت لينكس" من أن "هذه الاضطرابات السياسية يمكن أن تستمر لعام أو عامين آخرين"، مع خطر تقويض "مصداقية بلغاريا" بشكل دائم.

اضطرت بلغاريا التي يبلغ عدد سكانها 6.5 مليون نسمة إلى أن تتخلى عن الانضمام إلى منطقة اليورو في 2024، و سبقتها كرواتيا في هذه الخطوة مع أنها بدأت الإجراءات بعدها.

كما تأخرت في إكمال الخطوات اللازمة للحصول على جميع الأموال الأوروبية لخطة التعافي بعد جائحة كورونا.

وتأجل انضمامها إلى منطقة شنغن لحرية الحركة مرة أخرى إذ أشارت هولندا والنمسا إلى الفساد على الحدود البلغارية-التركية التي يستمر تدفق المهاجرين منها.

إلى ذلك تضاف الكلفة الهائلة لتنظيم خمسة انتخابات والتي بلغت أكثر من 400 مليون ليفا (204 ملايين يورو)، أي ما يعادل الميزانية السنوية لوزارة الثقافة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً