مطلع الشهر الجاري، أدت الحكومة الأسترالية الجديدة التي ضمت عدداً قياسياً من النساء ووزراء من الأقليات الدينية والسكان الأصليين، اليمين القانونية بحضور رئيس الحكومة أنتوني ألبانيز في مراسم بالعاصمة كانبيرا. ولأول مرة في تاريخ أستراليا، أصبح وزير الصناعة أدهم نور الدين هوسيك ووزيرة الشباب آن علي، أول وزيرين مسلمَين في الحكومة الاتحادية الأسترالية.
وفي الوقت الذي أدى فيه أعضاء وزارة رئيس الوزراء أنطوني ألبانيز القَسَم واحداً تلو الآخر في مقر الحكومة يوم الأربعاء، أدى كل من آن علي وأدهم نور الدين هوسيك اليمين القانونية وهما يحملان مصحفاً وردي اللون. فيما ضم مجلس وزراء ألبانيز 23 وزيراً بينهم 10 نساء، مقارنة بـ7 وزيرات في حكومة رئيس الوزراء السابق سكوت موريسون الليبرالية، لتصبح الحكومة الأكثر تنوعاً في تاريخ البلاد.
يذكر أن الحكومة مشكَّلة من حزب العمال الذي سيحكم منفرداً بعد حصوله بعد حصوله على 77 مقعداً في مجلس النواب المؤلف من 151 مقعداً، ما يسمح له بتشكيل حكومة أغلبية دون دعم المستقلين والخضر الذين يركزون على قضايا المناخ.
لحظة أمل
أمام الحاكم العام ديفيد هيرلي، أدى السيد هيوسك يمين المنصب ليصبح وزيراً للصناعة وأول عضو مسلم في أستراليا في الحكومة الفيدرالية. وأدى هوسيك اليمين بينما كان يحمل نسخة القرآن التي أهدته إياها عاملة المجتمع والرئيس التنفيذي لجمعية النساء المسلمات، مها عبده.
وتعقيباً على تلك اللحظة التاريخية، قالت المديرة التنفيذية لجمعية المسلمات مها عبده إن اللحظة تمثل "لحظة أمل". فيما قال هيوسك: "لن أكذب، لقد كنت متوتراً للغاية. شعرت بثقل تلك اللحظة".
وأشار هيوسك إلى إنه يريد استغلال هذه اللحظة للإشادة بمناصرة السيدة عبدو وعمل الأستراليين المسلمين الآخرين الذين يخدمون مجتمعاتهم". وأردف قائلاً "لقد كانت مها مهمة جداً في مساعدة العائلات في الأزمات وقد فعلت الكثير لجمع المجتمعات معاً، وأردت أن أسلط الضوء على أن الأستراليين المسلمين في جميع أنحاء البلاد يؤدون واجبهم لمساعدة المجتمعات على أن تكون أماكن أفضل للعيش فيها."
من هي آن علي؟
ولدت آن علي في مصر يوم 29 مارس/آذار 1967 في الإسكندرية وانتقلت مع عائلتها إلى أستراليا عندما كانت في الثانية من عمرها. وأثناء لجوء الأسرة في أستراليا، عمل والدها سائق سيارة أجرة لتأمين قوت يومهم.
تخرجت آن علي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة في 1990، وواصلت تعليمها العالي في أستراليا حتى حصلت في عام 2008 على دكتوراه في الفلسفة من جامعة إديث كوان، وكانت رسالتها بعنوان: "دور الإعلام في نبذ الإرهاب: الخوف من الإرهاب". بعد تخرجها، شغلت عدداً من المناصب العليا في الخدمة العامة في أستراليا الغربية قبل دخول عالم السياسة.
وخلال سرد حياتها لوكالة "إس بي سي نيوز" الأسترالية، أشارت آن إلى أنها نجت من العنف المنزلي، وأنها شاركت قصتها عام 2020 عند ما كانت تدعو إلى حملة وطنية لمواجهة الوباء، وقالت: "لقد كنت صبورة، عالجت كدماتي وأخفيت ألمي ولزمت الصمت، بقيت صامتة لفترة طويلة".
وعقب تنصيبها وزيرة لوزارة التربية والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة ووزارة الشباب، قالت آن: "قد أكون أول امرأة مسلمة في الحكومة، لكنها مسؤولية كبيرة أن أضمن ألا أكون الأخيرة، وألا أغلق الباب خلفي".
من هو أدهم نور الدين هوسيك؟
وُلد أدهم نور الدين هوسيك في سيدني يوم 3 فبراير/شباط 1970، ابناً لمهاجرَين مسلمين من البوسنة جاءا إلى أستراليا في أواخر الستينيات، عمل والده لحاماً في مشروعات أيقونية مثل مجمع سنوي ماونتنز، فيما كانت والدته حسيبة ربة منزل.
في التسعينيات، عمل هوسيك مسؤولَ أبحاث لعضو البرلمان عن تشيفلي، روجر پرايس. وفي عام 1997 انتُخب هوسيك لأول مرة كمنظم فرعي لحزب العمال.
في عام 2004 خاض هوسيك الانتخابات على مقعد في البرلمان الاتحادي، لكنه لم يفز. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، صرح هوسيك بأن احتمال اختياره من قبل زملائه السياسيين من حزب العمال لقيادة الحزب في المستقبل يعود إلى تجاوز السكان الأستراليين مخاوفهم بشأن الإسلام. وأشار مؤخراً إلى: أنه على الرغم من فخره بإيمانه، إلا أنه لا يريد أن يُنظر إليه من منظور واحد كسياسي من خلفية إسلامية.
وخلال حديثه مع قناة "إيه بي سي" الأسترالية، أكد هوسيك أن تعيينه رفقة الوزيرة آن في منصبيهما هو أمر لا يتعلق بهما فقط، بل بجميع المسلمين في أستراليا الذين "يعتقدون أننا نستطيع أن نكون في أماكن كبيرة"، على حد قوله.
