تابعنا
تبدأ الاحتفالات عادةً في الصباح، بتوجه رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان إلى زيارة ضريح أتاتورك في العاصمة أنقرة، ووضع إكليل من الزهور عليه على شكل هلال ونجمة، ثم الوقوف دقيقة صمت وغناء النشيد الوطني.

أينما تسير ستجد الأعلام في كل بقعة في تركيا في هذا اليوم: في الشوارع، والمحلات، والمدارس، والمؤسسات الحكومية... فهذا اليوم هو العيد المئوي لتأسيس الدولة التركية الحديثة عام 1923، تحت قيادة مؤسسها مصطفى كمال أتاتورك.

ويُعدّ "عيد الجمهورية" مناسبة وطنية مهمة، تعبّر عن الفخر والوحدة والتقدم الذي حققته تركيا خلال الأعوام المئة الماضية. فكيف احتفل بها الأتراك؟

احتفالات رسمية

تبدأ الاحتفالات عادةً في الصباح، بتوجه رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان إلى زيارة ضريح أتاتورك في العاصمة أنقرة، ووضع إكليل من الزهور عليه على شكل هلال ونجمة، ثم الوقوف دقيقة صمت وغناء النشيد الوطني.

في الذكرى المئوية، توجه الرئيس أردوغان رفقة رئيس البرلمان نعمان كورتولموش، ونائب الرئيس جودت يلماز، ورئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، ورئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، ورئيسة حزب الخير ميرال أكشنار، وأعضاء مجلس الوزراء الرئاسي ورؤساء الهيئات القضائية العليا، ورئيس الأركان العامة الجنرال متين جوراك وقادة آخرين، إلى قبر أتاتورك لوضع الإكليل.

وفي وقت لاحق، توجه الرئيس أردوغان والوفد المرافق له إلى برج الاتفاق الوطني، ليكتب رسالة خاصة جاء فيها: عزيزي أتاتورك، نشعر بالفخر والفرح لبلوغنا الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية، التي تسميها "أعظم أعمالي"، كأمة.

رئاسة الجمهورية بدورها، أقامت احتفالاً رسمياً دعت إليه عدداً من الشخصيات الرسمية والدبلوماسية والاجتماعية التي هنأت الرئيس بالمناسبة، أعقبها تنظيم عرض عسكري.

ورافق ذلك حفل موسيقي صغير يتكون من أداء مسيرة المئوية والنشيد الوطني والأناشيد المختلفة لفرقة مهتر، والفرقة المختلطة للقوات المسلحة التركية، والفرقة العسكرية الأذربيجانة في الحديقة الأمامية للقصر الكبير، لينطلق بعد ذلك "موكب الذكرى المئوية لجمهوريتنا" أمام الجمعية الوطنية الكبرى لتركيا "البرلمان"، حيث جاب شارع أتاتورك في العاصمة.

وأجرى فريق الاستعراضات الجوية التابع للقوات الجوية التركية (SOLOTÜRK) استعراضاً بالطائرات فوق قبر مؤسس الجمهورية أتاتورك، كما ستحتفل مسارح الدولة بالذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية بمسرحية "مئة عام من الملحمة: النار"، التي يحكي عرضها الأول، قصة النضال التحريري للقائد مصطفى كمال أتاتورك ورفاقه من 19 مايو/أيار 1919 إلى افتتاح البرلمان في 23 أبريل/نيسان 1920.

أما الأوركسترا السيمفونية الرئاسية، فقد أجرت سلسلة من الفعاليات في المسارح الرسمية المختلفة، منها حفل كبير أقامته في المساء.

أنشطة تعكس الفخر والتراث

على الصعيد الاجتماعي، تزخر المدن التركية بالأنشطة؛ فالمدارس مثلاً خصصت يوماً كاملاً، واحتفلت مبكراً لتعريف الطلبة الصغار بتاريخ الجمهورية وتأسيسها وظروف نشأتها على يد أتاتورك عقب حرب الاستقلال.

وفي نطاق الفعاليات الخاصة وبرامج الاحتفال بالذكرى المئوية للجمهورية، نُظمت أيضاً فعاليات بين طلاب المدارس الثانوية، منها مسابقة بين طلاب المدارس الثانوية لكتابة مقالات حول موضوع "الجمهورية وتركيا لدينا" و"ندوة مئة عام من تركيا وقرن تركيا من عيون طلاب المدارس الثانوية".

وأيضاً نُظمت مسابقة في الرسم والشعر والتأليف حول موضوع المئوية، كما ستُعرض الأعمال المميزة منها في مسابقة الرسم في البيئات المادية والرقمية في وزارة التعليم الوطني، والسكك الحديدية الحكومية، ومحطة مترو كيزيلاي، ومحطة مطار إيسنبوغا المحلية، في الفترة من 29 أكتوبر/تشرين الأول إلى 5 نوفمبر/تشرين الثاني.

واحتفاءً بالتطور التكنولوجي الذي تحقق خلال الأعوام المئة الماضية، ينظم مجلس التعليم التركي فعالية خاصة تحت اسم "غابة الذكرى المئوية للتعليم" في 81 محافظة، فضلاً عن عشرات الحفلات الموسيقية في مختلف المحافظات، لا سيّما في المراكز المهمة لحرب الاستقلال، كما يقيم طلاب مدارس "الإمام الخطيب" برنامجاً موسيقياً ضمن المديرية العامة للتربية الدينية، بالتوازي مع مسرحيات في الهواء الطلق، تحاكي قيام الجمهورية التركية.

ونظمت وزارة التعليم أيضاً أنشطة خاصة لرواد الأعمال الشباب، في مركز التقنيات التعليمية والحضانة والابتكار في حرم الجامعة التقنية تكنوكينت "METU Teknokent"، كما أعدت الوزارة "مجلة التربية الخاصة للأطفال" تحت عنوان "مئوية تركيا" بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية.

كما تشمل أنشطة وزارة التعليم فعاليات كثيرة ومتنوعة داخل المحافظات، مثل بطولة الكرة الطائرة بين المعلمين، ومسابقات الذكرى المئوية لجمهورية تركيا، والمحادثات العلمية، ومسيرات الشباب، بالإضافة إلى معرض نساء الجمهورية، ومعرض العلماء المصغر في الذكرى المئوية للجمهورية، وزيارات المتاحف، وكانت هناك أيضاً فعاليات مختلفة مثل الغابات التذكارية الخاصة لهذا العام.

احتفالات في إسطنبول عنوانها "البوسفور"

في إسطنبول، الواجهة الثقافية والاقتصادية لتركيا، تكسب الاحتفالات طابعاً ثقافياً يحاكي المدينة، ففي ميدان تقسيم، يجري عرض فيلم "قرن تركيا من الماضي إلى الحاضر"، أمام مركز أتاتورك الثقافي لتقديم رؤية القرن التركي من الماضي إلى الحاضر بتجربة تفاعلية وتكنولوجية، مع ستائر وعروض مائية وشاشات تبث محتوى ثلاثي الأبعاد.

ويرافق ذلك فعاليات خاصة ومعارض رقمية وعروض ثلاثية الأبعاد بمناسبة الذكرى المئوية للجمهورية في ساحات عدّة، مثل: أوسكودار، وتقسيم، وباكيركوي، وكذلك الأماكن التاريخية مثل: برج غلطة، ومحطة قطار حيدر باشا، وقصر دولمة بهجة، وغيرها.

ويُجري فريق شركة تركش ستارز "Turkish Stars" رحلة استعراضية جوية فوق مضيق البوسفور، بمشاركة 20 طائرة.

أما القوات البحرية التركية، فتقيم استعراضاً بمشاركة 100 سفينة حربية، بما في ذلك أكبر سفينة حربية تركية "تي سي جي أناضول" (TCG Anadolu)، في مضيق البوسفور يرافقها إطلاق 101 طلقة من طلقات المدفعية قبل أن ينضم الرئيس للحشود في إسطنبول لإلقاء خطاب خاص هناك.

ويرافق كل ذلك عروض بالألعاب النارية، وعروض ضوئية في البوسفور وجسر "شهداء 15 تموز" بمشاركة طائرات من دون طيار.

وحول ذلك تقول رويدا عربجي، وهي مواطنة من إسطنبول، إنّ مناسبة عيد الجمهورية هي فرصة للتعبير عن الشعور بالفخر الوطني.

وتضيف عربجي لـTRT أنّ هذا يوم مهم لتعليم الأطفال الصغار تاريخ بلدهم وزرع الشعور الوطني، كما أنّها مناسبة لاستذكار كل الذين أسهموا في بناء الجمهورية طوال قرن من الزمن، مشيرةً بالقول: "نحن كعائلة نستمتع بوقتنا في ظل الأنشطة الثقافية والفنية التي تنطلق في هذا اليوم".

ولا تقتصر الاحتفالات بعيد الجمهورية على الداخل التركي فقط، بل تقيم الجاليات التركية احتفالات أخرى في دول الخارج، إضافةً إلى الاحتفالات الرسمية التي تنظمها السفارات والقنصليات التركية في مختلف دول العالم، للتعريف بهذه المناسبة.

وبدورها الجالية التركية في ألمانيا، تقيم احتفالات غير رسمية، تشهد طبخ أطعمة تركية وفعاليات متنوعة، حيث يقول محمد زنكين، مواطن تركي يقيم في مدينة شتوتغارت الألمانية: "إنّ الاحتفالات رغم أنّها ليست كمثيلاتها في تركيا، لكنّها فرصة أخرى تُقرّبنا من الوطن".

ويضيف زنكين لـTRT: "رغم البُعد الجغرافي، فإن التجمع مع الأصدقاء والاستمتاع بهذا الحدث، يجعلنا نشعر بأنّنا في تركيا، إنّها فرصة عظيمة للتعبير عن حبنا لبلدنا".

TRT عربي