تابعنا
ازداد الدعم العسكري الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي منذ عملية "طوفان الأقصى"، إذ عملت واشنطن منذ الأيام الأولى للحرب على إمداد جيش الاحتلال الإسرائيلي بأطنان الأسلحة والذخائر.

أعلنت القيادة المركزية الأمريكية في 3 مارس/آذار الحالي إجراء أول عملية إنزال جوي مشتركة مع القوات الأردنية للمساعدات الإنسانية في قطاع غزة.

وذكر بيان القيادة أن "طائرات أمريكية من طراز (C-130) أنزلت ما يزيد على 38 ألف وجبة طعام على طول ساحل غزة، ما أتاح للمدنيين الوصول إلى المساعدات الحيوية".

ووفق ما أعلنه البيت الأبيض في 7 مارس/آذار الحالي، فإن عمليات إرسال المساعدات الأمريكية لن تقتصر على المجال الجوي فحسب، إذ سيكلّف الرئيس الأمريكي جو بايدن جيش بلاده بإنشاء ميناء عسكري على ساحل قطاع غزة لإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة إليه عن طريق البحر.

هذه الخطوة الأمريكية انتقدتْها المنظمات الدولية، إذ وصف جانتي سويريبتو رئيس منظمة إنقاذ الطفولة، عمليات الإنزال الجوي في غزة بأنها "مسرحية"، محذّراً من أنها تغذّي الفوضى على الأرض.

وهذه الإنزالات لا تسمن ولا تغني من جوع، حيث بات سكان قطاع غزة لا سيما محافظتي غزة والشمال على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو 1.9 مليون فلسطيني منذ بداية عملية طوفان الأقصى من جهة، ومن جهة أخرى تأتي هذه المساعدات "الضئيلة" بعد 5 أشهر من دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حرب الإبادة الجماعية على القطاع وتقديمها مختلف أنواع الأسلحة والذخائر الفتاكة.

100 صفقة سلاح منذ أول الحرب

ازداد الدعم العسكري الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي منذ عملية "طوفان الأقصى"، إذ عملت واشنطن منذ الأيام الأولى للحرب على إمداد جيش الاحتلال الإسرائيلي بأطنان الأسلحة والذخائر.

وفي اليوم الأول للحرب على القطاع قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، إنه أوعز إلى مجموعة حاملة الطائرات الهجومية "فورد" بالإبحار إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، لتكون مستعدة لمساعدة إسرائيل بعد الهجوم الذي شنته فصائل فلسطينية.

من جهته قال بايدن في ديسمبر/كانون الأول الماضي، خلال احتفال في البيت الأبيض بمناسبة عيد "حانوكا" اليهودي، إن بلاده ستواصل تقديم الدعم العسكري لإسرائيل حتى تتخلص من حركة المقاومة الإسلامية حماس، مؤكداً التزامه بدعم إسرائيل.

وكشفت أيضاً صحيفة واشنطن بوست عن أن الولايات المتحدة الأمريكية وافقت على أكثر من 100 صفقة مبيعات سلاح لإسرائيل وسلّمتها لها منذ بداية حربها المدمرة على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، موضحةً أن المبيعات تضمنت آلاف الذخائر الموجهة، والقذائف الخارقة للتحصينات، وغيرها من المساعدات الفتاكة.

ومن ضمن قائمة الأسلحة التي حصل عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي، حسب تقارير أمريكية، 2000 صاروخ "هيلفاير" الموجه بالليزر، وطائرات أباتشي الحربية، و36 ألف طلقة من عيار 30 ملم لمدفعها.

يأتي تزويد إدارة بايدن إسرائيل بالمعدات العسكرية متسقاً مع تاريخ طويل من المساعدات الأمريكية لها، بدأ في عام 1948 وتضمن منحها نحو 158.6 مليار دولار، أغلبها لضمان تفوُّقها العسكري النوعي واستدامة أمنها ونفوذها في منطقة الشرق الأوسط.

دعم لوجيستي وسياسي

لم يقتصر الدعم الأمريكي على الأسلحة والذخائر فقط، إذ عملت واشنطن على تقديم الدعم الأمني واللوجيستي، وإرسال الضباط والمستشارين للمشاركة الميدانية في الحرب، وفي هذا السياق وجه وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي قوات العمليات الخاصة الأمريكية لتقديم دعم في التخطيط والاستخبارات لإسرائيل.

ووفقاً لهذا التوجيه أصدر أوستن في وقت لاحق من الشهر ذاته قراراً بأن يستعد ما يقارب من 2000 جندي لاحتمال نشرهم في إسرائيل لتقديم المساعدة في مهام مثل الدعم الطبي واللوجيستي، وفقاً لعديد من مسؤولي الدفاع في الولايات المتحدة.

وإلى جانب أنظمة دفاع جوي متطورة، أرسلت الولايات المتحدة بعثة من المستشارين العسكريين الخبراء في حرب الشوارع لمرافقة جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال اجتياحه البري لقطاع غزة، ورافق هذا الوفد العسكري الجنرال جيمس جلين الملقب بـ"سفاح العراق".

وعن أسباب هذا الدعم الأمريكي المفتوح يقول الصحفي الفلسطيني إبراهيم المدهون إن "الولايات المتحدة ما زالت تعد أمن إسرائيل جزءاً من أمنها القومي، وأن الحفاظ على التفوق العسكري والأمني لإسرائيل هو جزء من الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، لذلك نجد أن ضباطاً كباراً كوزير الدفاع الأمريكي شاركوا في مجلس الحرب الإسرائيلي لإدارة المعركة ضد قطاع غزة".

أما على الصعيد الدبلوماسي، فيشير المدهون في حديثه مع TRT عربي إلى أن أمريكا حشدت الدول لصالح الاحتلال وكانت تطالب بمهاجمة حماس وطردها، إلى جانب استخدام حق النقض "الفيتو" ضد أي قرار يتخذه مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة.

وكانت المرة الثالثة التي استخدمت فيها الولايات المتحدة "الفيتو" في مجلس الأمن منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة ، في 21 فبراير/شباط الماضي ضد قرار قدمته الجزائر، يدعو إلى وقف "فوري" لإطلاق النار في القطاع لأسباب إنسانية.

نقطة في بحر المجاعة

ذكرت شبكة إن بي سي نيوز في 2 مارس/آذار، أن 3 طائرات شحن أمريكية أسقطت 66 حزمة مساعدات و38 ألف وجبة غذاء في أول عملية إنزال جوي أمريكية على قطاع غزة.

وأكدت منظمات إغاثية أن عمليات الإنزال الجوي لا تكفي لتلبية الاحتياجات الماسة للغذاء والإمدادات في القطاع، حيث يواجه عديد من السكان البالغ عددهم 2.2 مليون شخص المجاعة، حسب الشبكة الأمريكية ذاتها.

من ناحيته وصف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة هذه الإنزالات بأنها "غير مجدية"، وأن حجم المساعدات التي أُسقطت من الجو على القطاع لا يعادل حمولة شاحنتين، وهو أمر أشبه بنقطة في بحر بالنسبة لنحو 700 ألف فلسطيني محاصرين ويُقتلون بالتجويع شمال قطاع غزة.

ويصف إبراهيم المدهون هذه المساعدات المحدودة التي تُنزَل عن طريق الجو بأنها "أمر مثير للسخرية، في ظل الدعم العسكري والسياسي المفتوح لدولة الاحتلال، وتأتي لذرّ الرماد في العيون".

ويضيف المحلل السياسي أن "الولايات المتحدة تستطيع أن تنقل هذه المساعدات عبر الشاحنات أو يمكن أن تعمل على فتح المعابر البرية لتدفق المساعدات، لكن يبدو أن الولايات المتحدة أعجبها موضوع الظهور والبروباغندا الإعلامية التي ترافق عملية الإنزال".

من ناحيته قال متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إنه يجب على المجتمع الدولي التركيز على تقديم مساعدات واسعة النطاق إلى قطاع غزة الفلسطيني عن طريق البر.

رسائل سياسية

منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وإلى جانب حرصها على حماية أمن إسرائيل، وإظهار تفوقها العسكري والأمني بعد الصدمة التي خلّفتها عملية "طوفان الأقصى"، عملت الإدارة الأمريكية على إنهاء حكم حماس، وهذا ما أكد عليه الرئيس بايدن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عندما دعا في حديث مع صحيفة واشنطن بوست إلى إعادة توحيد غزة والضفة الغربية في ظل بنية حكم واحدة، وفي نهاية المطاف في ظل سلطة فلسطينية متجددة بعد إنهاء حكم حماس من القطاع الذي تحكمه منذ عام 2007.

وفي هذا السياق، يوضح الباحث الفلسطيني صادق أبو عامر، أن موضوع الإنزال الجوي مرتبط برؤية أمريكية بمنع أو إنهاء سلطة حماس في غزة، لأن مرور الشاحنات من معبر رفح من الجنوب إلى الشمال سيحتّم وجود جهة تؤمّن هذه الشاحنات، وبالتالي سيُعترَف بسلطة الأمر الواقع التي تمثلها حركة حماس، "لذلك هناك محاولة لسحب هذه الورقة من حماس".

ولا تقتصر الرسائل الأمريكية على حركة حماس، إذ يوضح الباحث أبو عامر لـTRT عربي أن "الإنزال الجوي هو رسالة مبطنة سلبية إلى مصر، وربما تحمل محاولة ما لتهميش مصر وسحب منها ورقة الحدود المجاورة لغزة، وبالتالي تأثيرها ودورها في عملية التفاوض، التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الرؤية المصرية، وهذا الأمر يُعقّد العملية التفاوضية أكثر"، حسب قوله.

وكان الرئيس الأمريكي بايدن اتهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بإغلاق معبر رفح الحدودي أمام المساعدات المقدمة لقطاع غزة، قائلاً أمام حملته الانتخابية في 2 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي: "أنا من تَحدَّث إلى السيسي لإقناعه بفتح باب معبر رفح الذي يربط جنوبي القطاع بمصر".

من ناحيتها ردَّت الرئاسة المصرية على هذه التصريحات بالقول إن القاهرة فتحت معبر رفح منذ اللحظة الأولى من دون قيود أو شروط لإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة، وضغطت بشدة على جميع الأطراف المعنية لإنفاذ دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً