تابعنا
يرى خبراء أمنيون أن العمليات التي جرت في مجال مكافحة الإرهاب والإنجازات الأمنية التي حُققت هذا العام، تعكس مدى جاهزية السلطات التركية وحرصها على ضبط الأمن، في ظل تعرض البلاد لعديد من محاولات زعزعة الاستقرار الأمني.

كشف وزير الدفاع التركي يشار غولر في كلمة ألقاها في 13 ديسمبر/كانون الأول الجاري أن قوات بلاده حيّدت 2067 إرهابياً داخل تركيا وخارجها منذ مطلع العام الجاري (2023).

وأكد غولر خلال جلسة مناقشة موازنة وزارته في البرلمان التركي أن القوات التركية تواصل كذلك التصدي للهجمات الإرهابية التي تستهدف بلادها، فضلاً عن إفشالها مشروع إنشاء "ممر إرهابي" على طول الحدود مع سوريا.

تصريح وزير الدفاع حول العمليات الأمنية ضدّ الإرهابيين كان قد سبقه في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تصريح لوزير الداخلية التركي علي يرلي قايا، الذي أعلن فيه عن تحييد 721 إرهابياً، بينهم 84 قتيلاً، خلال 19 ألفاً و756 عملية أمنية، في الفترة بين 1 يناير/كانون الثاني و1 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الجاري.

ويرى خبراء أمنيون أن هذه العمليات التي جرت في مجال مكافحة الإرهاب سواء كان خارج الحدود أو داخلها، إضافةً إلى الإنجازات الأمنية التي جرى تحقيقها هذا العام، تعكس مدى جاهزية السلطات التركية وحرصها على ضبط الأمن، في ظل تعرض البلاد لعديد من محاولات زعزعة الاستقرار الأمني، التي كان من أبرزها العملية الإرهابية التي استهدفت مدخل المديرية العامة للأمن التابعة لوزارة الداخلية في أنقرة خلال أكتوبر/تشرين الأول.

تأمين الحدود

تُولي السلطات التركية مسألة أمن الحدود أهمية كبيرة، لا سيّما تلك الحدود المشتركة بين تركيا وكل من سوريا والعراق، اللتين تنشط فيهما التنظيمات الإرهابية مثل داعش الإرهابي وPKK الإرهابي وأذرعه في سوريا.

لذلك يربط المسؤولون الأتراك دائماً بين مسألة مكافحة الإرهاب وضمان أمن الحدود، وهذا ما أكده وزير الدفاع السابق خلوصي أكار في أثناء جولة تفقدية في مايو/أيار الماضي للقوات المتمركزة في الشريط الحدودي مع سوريا، إذ قال إنّ القوات المسلحة التركية تنفذ مهمات ناجحة للغاية في مجال مكافحة الإرهاب، وضمان أمن الحدود في الوقت نفسه.

وفي هذا السياق أوضح مستشار العلاقات العامة والإعلام بوزارة الدفاع التركية زكي آق تورك، في أغسطس/آب الماضي، أن عدد الأشخاص الذين جرى القبض عليهم خلال محاولتهم دخول الأراضي التركية بشكل غير قانوني خلال العام الحالي بلغ 4931، بينهم 369 ينتمون إلى تنظيمات إرهابية.

إلى جانب ذلك تعمل السلطات التركية على تفكيك شبكات تهريب المهاجرين، إذ أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا، القبض على 1385 شخصاً من منظمي عمليات تهريب المهاجرين خلال شهرَي يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين.

وفي العام الماضي أنهت تركيا بناء جدار أمني وشق طريق للدوريات (بمحاذاة الجدار) على طول 1028 كيلومتراً من أصل 2949 كيلومتراً من الحدود الشرقية والجنوبية الشرقية، بهدف تحقيق أقصى قدر من الأمن ومنع الهجرة غير النظامية.

عمليات أمنية مكثفة ومركزة

نفذت الاستخبارات التركية بالتعاون مع فرق مكافحة الإرهاب عمليات أمنية كبيرة، امتازت -حسب الباحثين في المجال الأمني والعسكري- بالدقة والتركيز والوصول إلى أماكن اختباء الشبكات الإرهابية، مما ساهم في إفشال كثير من المخططات التي كانت تستهدف أمن تركيا.

وقد ساهم التطور الكبير الذي شهدته الصناعات العسكرية والأمنية، سواء أكانت في طائرات التجسس أو أنظمة المعلومات، في تحقيق نجاحات كبيرة ساهمت في الوصول إلى أعشاش الإرهابيين وإفشال مخططاتهم، وفق ما يرى الخبير العسكري والاستراتيجي في مركز آسام للدراسات الاستراتيجية إيرسان إيرغور.

وأطلقت تركيا في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عملية أمنية متزامنة ضد خلايا تابعة لتنظيم PKK الإرهابي في 18 ولاية.

وفي سياق الحديث عن العمليات الأمنية يبيّن إيرغور في حديثه مع TRT عربي أن الإنجاز الأكبر للأمن التركي خلال العام الماضي كان الاستحواذ على الأرشيف الذي يحتوي على بيانات شخصية لأكثر من 9500 عنصر من تنظيم داعش الإرهابي، والمعروفين باسم "الذئاب المنفردة"، وهم العناصر المنتشرون في عدد كبير من دول العالم.

ويضيف أن المعلومات التي يحتويها الأرشيف هي أسماء العناصر وأماكن إقامتهم والتدريبات والدورات التي تلقوها من التنظيم، والتي ساعدت الأمن التركي في مهاجمة أماكن خلايا التنظيم واعتقال عناصره.

يُذكر أن السلطات التركية وقفت في يناير/كانون الثاني الماضي إرهابياً في ولاية إسطنبول ينتمي إلى تنظيم داعش الإرهابي، كان يخطط لتنفيذ عملية في إحدى المناطق الحيوية بالمدينة.

عمليات خارج الحدود

لا تقتصر العمليات الأمنية التركية على الداخل التركي، بل تتعداها إلى الدول المجاورة التي تتخذ منها التنظيمات الإرهابية نقاط انطلاق لمهاجمة تركيا وتنفيذ عمليات إرهابية فيها.

وخلال عام 2023 نفذت القوات التركية عديداً من هذه العمليات، كان آخرها ما أعلنته وزارة الدفاع التركية السبت 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري عن تدمير 29 هدفاً وتحييد أعداد كبيرة من الإرهابيين في غارات جوية على مواقع إرهابية شمالي والعراق وسوريا، رداً على استشهاد 12 جندياً تركياً شمالي العراق جرّاء هجمات لإرهابيي تنظيم PKK.

من جانبها دمّرت الاستخبارات التركية في شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري نحو 50 منشأة لتنظيم PKK الإرهابي في عين العرب والقامشلي وعامودا بسوريا.

وحول ذلك يوضح الخبير العسكري إيرغور أن تركيا في فترة ما بعد الانقلاب الفاشل تبنّت مفهوم الكشف عن الإرهاب وتدميره من مصدره، ووفقاً لهذا المفهوم قامت القوات التركية بثلاث عمليات على طول الحدود الجنوبية (درع الفرات ونبع السالم وغصن الزيتون) لتأمين الحدود الجنوبية لتركيا من خطر التنظيمات الإرهابية.

ويؤكد أنها "تتلقى دعماً من الولايات المتحدة، من خلال تقديم عشرات الآلاف من شاحنات الأسلحة والمواد اللوجستية للعناصر الإرهابية العاملة في المنطقة"، مشدداً على أن "الإرهاب لا يمكن أن ينتهي في المنطقة إلا بخروج الولايات المتحدة منها"، وفق إيرغور.

تفكيك شبكات تجسس

ونجحت الاستخبارات التركية في تفكيك شبكات تجسس عديدة خلال 2023، وكان أغلبها مرتبطاً بإسرائيل، ومن أبرز هذه العمليات ما كانت في شهر يوليو/تموز الماضي، حيث كشفت وكالة الاستخبارات الوطنية التركية (MIT) عن خلية مؤلفة من 56 شخصاً يتجسسون على مواطنين غير أتراك في البلاد نيابةً عن الموساد.

وقالت المخابرات التركية حينها إن المشتبه بهم السبعة هم من بين 56 شخصاً مرتبطين بما مجموعه 9 شبكات، يشرف على كل منها 9 أشخاص للموساد في تل أبيب، ولديهم القدرة على العمل على نطاق دولي.

وقبل هذه العملية كانت الاستخبارات التركية نفذت عمليةً نوعية ضدّ أشخاص مرتبطين بالاستخبارات الإسرائيلية داخل تركيا، إذ جرى القبض على قائد الشبكة الذي جرى تدريبه على يد الموساد في أوروبا، سلجوق كوجوكايا، و12 شخصاً آخرين، وفق ما نشرته صحيفة Akşam التركية.

وعن سبب تركيز إسرائيل على زرع شبكات التجسس داخل تركيا، يرى الخبير العسكري إيرغور أن تركيا من الدول التي تقف بوجه المخططات الإسرائيلية في المنطقة، وعليه تعمل الولايات المتحدة وإسرائيل على دعم المنظمات الإرهابية في المنطقة لإضعاف تركيا وشَغلها في مكافحة الإرهاب.

TRT عربي