مقتل السائقين المغاربة في مالي.. هل تورطت البوليساريو بالهجوم؟
شهدت مالي يوم السبت كميناً استهدف شاحنة تجارية مغربية أدى إلى مقتل سائقيها ونجاة الثالث بجراح خطيرة. لم يكن الهدف السرقة فلا شيء من بضاعة الشاحنة اختفى ولا مقتنيات السائقين. فيما يبقى المنفذون مجهولين حتى الآن.
هجوم مسلح على شاحنة بضائع مغربية بمالي ومقتل السائقين (AA)

متوجهة نحو العاصمة المالية باماكو بحمولة من الصادرات المغربية إلى البلد الإفريقي وعلى بعد 300 كلم من بلوغ وجهتها الأخيرة تعرَّضت شاحنة مغربية لكمين من قبل مسلحين أطلقوا الرصاص بكثافة على قمرة قيادتها، ما أدى إلى مقتل اثنين من سائقيها وإصابة الثالث بجراح خطيرة.

حسب رواية شهود عيان، فالمهاجمون الذين لم تعرف هويَّتهم بعد كانوا ملثمين يرتدون سترات واقية للرصاص ويتواصلون بينهم باللا سلكي. لم يكن هدفهم من العملية السرقة كون أي من حمولة الشاحنة أو مقتنيات السائقين لم تختفِ. بالمقابل لا تزال تحقيقات السلطات المالية جارية لكشف ملابسات الأمر.

فيما أشارت وسائل إعلام مغربية إلى أن الهجوم له أهداف سياسية ودبلوماسية معادية للمغرب، ولوح بعضها بفرضية ضلوع حركة "بوليساريو" الانفصالية فيه رغم عدم توجيه سلطات الرباط أي اتهام صريح إلى أي جهة فيما وقع.

تفاصيل الهجوم

يوم الأحد 12 سبتمبر/أيلول أعلنت مصادر دبلوماسية مغربية الأحد مقتل سائقي شاحنة مغربيين وإصابة ثالث في هجوم مسلح في مالي عندما كانوا في طريقهم إلى العاصمة باماكو. وأفادت السفارة المغربية في باماكو بأنها على اتصال مع السلطات المختصة في البلدين، مشيرة إلى "طلب فتح تحقيق من طرف السلطات المالية لمعرفة ملابسات الحادث واتخاذ ما يلزم من إجراءات".

بالمقابل أكد مصدر أمني مالي أن الضحيتين "قُتلا على يد مجموعة مسلحة قرب بلدة ديديني"، مشيراً إلى "نشر قوات أمن في موقع الحادث". مضيفاً "أنه جرى نقل جثتي الضحيتين إلى العاصمة المالية بينما تلقى الجريح العلاجات في موقع الهجوم". فيما أعلنت السفارة المغربية في بيانها التواصل مع السلطات المالية لنقل الضحية الثالثة لتلقي العلاج بمصحة خاصة في باماكو.

بلدة ديدني الواقعة على بعد 300 كلم على العاصمة باماكو تقع تحت سيطرة القوات الحكومية المالية، وحسب مصادر أمنية فلم "يتسنَّ في الحين تحديد ما إذا كان المهاجمون الذين انسحبوا فوراً من دون سرقة أي أغراض، جهاديين أو قطاع طرق". فيما أظهر مقطع فيديو على يوتوب آثار الهجوم الدموي على الشاحنات.

هذا ونقلت وكالة المغرب العربي للأنباء الأحد عن شهود أن أفراد المجموعة المسلحة كانوا "مختبئين بين الأشجار على جنبات الطريق"، وأنهم "كانوا مقنعين ويرتدون واقيات من الرصاص ولديهم أجهزة اتصال لاسلكي". وأضافت الوكالة أن السفارة المغربية في باماكو على اتصال مع السلطات المختصة في البلدين، مشيرة إلى "طلب فتح تحقيق من طرف السلطات المالية لمعرفة ملابسات الحادث واتخاذ ما يلزم من إجراءات".

وأدانت الخارجية المالية بشدة ما سمته "الهجوم الجبان والهمجي". أوضح البلاغ الصادر وزيرها عبدلاي ديوب لسفير المغربي حسن الناصري أن وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المالي "أدان بشدة نيابة عن الرئيس الانتقالي رئيس الدولة العقيد عاصمي غويتا والحكومة الهجوم الجبان والهمجي الذي ارتكبه مسلحون مجهولون في 11 سبتمبر/أيلول 2021 ضد قافلة تجارية مغربية بجماعة ديديني بمنطقة كايس وتسبب في خسائر في الأرواح بينهم مواطنان مغربيان وجرحى".


هل بوليساريو متورطة في الهجوم؟

لم تقدم الوكالة الرسمية المغربية ولا السلطات الدبلوماسية للمملكة أي اتهام لأي جهة بعينها. متمسكة بالتريث في إطلاق الحكم وانتظار ما ستفصح عنه التحقيقات المالية. فيما تحدثت تقارير إعلامية عن استنفار أمني مغربي كبير وبتعليمات من العاهل المغربي الملك محمد السادس لاستجلاء حقيقة الأطراف التي تقف خلف الهجوم الذي استهدف قافلة الشاحنات المغربية التجارية المتجه براً إلى العاصمة المالية باماكو.

هذا ودخل "المرصد الوطني للنقل وحقوق السائقين المهنيين" المغربي على خط الحادث، داعياً أعضاء المركز الإفريقي لحقوق الإنسان إلى التدخل العاجل وتعيين لجنة خاصة للتحقيق في مقتل سائقين مهنيين يعملان في النقل الدولي بمالي. ومتحدثاً عن الأخطار التي يعانيها السائقون الدوليون المغاربة في رحلاتهم إلى غرب إفريقيا، على رأسها "تحرُّش عناصر البوليساريو بهم داخل المنطقة العازلة".

فيما روَّجت شخصيات إعلامية فرضية علاقة جبهة البوليساريو بالحادث. على رأسها رشيد نيني مدير جريدة الأخبار المغربية الذي كتب أن: "ما حدث بمالي ليس عملاً معزولاً ويجب ربطه بأحداث أخرى لفهم الصورة". قبل أن يقول: "بعدما فشلوا في قطع طريق معبر الكركارات بواسطة مرتزقة وضعوا حجارة لعرقلة مرور الشاحنات المغربية (...) ها هم اليوم يمرون لأسلوب جديد هو الترهيب بعد قتل سائقي شاحنتين مغربيتين في مالي رمياً بالرصاص".

قطاع الطرق بعدما فشلوا في قطع طريق معبر الكركارات بواسطة مرتزقة وضعوا حجارة لعرقلة مرور الشاحنات المغربية، فانقلب...

Posted by Rachid Niny on Sunday, September 12, 2021

الصحفي الجزائري وليد كبير هو الآخر روَّج لنفس الفرضية، قائلاً في تدوينة له إن "الجهة التي خططت للجريمة التي أودت بحياة سائقي الشاحنتين تريد قطع الطريق الذي يربط المغرب بعمقه الإفريقي". وأردف بأن "من ارتكبوا الجريمة البشعة لم يسرقوا شيئاً وهذا يؤكد أن لهذه الجريمة أبعاداً سياسية واقتصادية". وختم تدوينته بالقول: "وعلى الباغي تدور الدوائر".

الجهة التي خططت للجريمة التي أودت بحياة سائقي الشاحنتين تريد قطع الطريق الذي يربط المغرب بعمقه الإفريقي من ارتكبوا...

Posted by ‎Oualid KEBIR - وليد كبير‎ on Sunday, September 12, 2021

هذا وفي تحقيق صحفي له أورد الموقع المغربي "الصحيفة" أن الاستخبارات الخارجية المغربية المعروفة اختصاراً بـ"La DGED" دخلت على خط الحادث من خلال تجميع كل المعلومات والمعطيات المرتبطة بالحادث وتحليل جميع الفرضيات بما فيها أن العملية "إرهابية" مخطط لها. "طارحة كل الفرضيات أمامها" حسب ذات المصادر.

ضمن هذه الفرضيات فالاستخبارات المغربية "لا تستبعد استعمال المرتزقة لتنفيذ هذه العملية" كون "الأمر يتعلق برسالة مُعينة أريد منها إيصال شيء ما إلى المغرب". هذا وتنشط جماعات مسلحة عدة في منطقة مالي، إحداها "الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى" التي يتزعمها عدنان أبو الوليد الصحراوي "الذي ينحدر من مخيمات تندوف".

فيما سبق لحبوب الشرقاوي مدير "المكتب المركزي للأبحاث القضائية" التابع لـ"المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني" المغربية أن حذر من وجود 100 عنصر من جبهة "البوليساريو" ينشطون في صفوف تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" المتمركز بمنطقة الساحل. واعتبر الشرقاوي أن انخراط عناصر جبهة "البوليساريو" بالمجموعات الإرهابية المصغرة أو داخل تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي أو بصفوف تنظيم داعش في الصحراء الكبرى هو "معطى ثابت".

TRT عربي