آدم يشاري.. بطل الألبان الذي حارب الصرب وقدم عائلته قرباناً لتحرير كوسوفو
يُعد آدم يشاري أحد أبرز مؤسسي وقادة جيش تحرير كوسوفو وأحد رموز استقلال كوسوفو، وعلى الرغم من مرور أكثر من 23 عاماً على اغتياله رفقة 58 فرداً من عائلته على أيدي القوات الصربية، إلا أنه لا يزال حياً في ذاكرة شعبه ووجدان الأحرار حول العالم أجمع.
آدم يشاري.. بطل الألبان الذي حارب الصرب وقدم عائلته قرباناً لتحرير كوسوفو (AA)

بالتزامن مع تزايد الاستفزازات الصربية في منطقة البلقان بشكل عام وكوسوفو بشكل خاص، زار وزير الدفاع التركي خلوصي أكار الأربعاء، قبر قائد المقاومة الكوسوفية المسلمة ضد الصرب، آدم يشاري الذي قاوم بشكل بطولي حتى استشهد مع جميع أفراد عائلته بعد تطويقه من قبل قوات الشرطة الصربية لعدة أيام قبل قتلهم جميعاً، بإستثناء أبن أخيه الذي كان يبلغ حينها 11 عاماً فقط.

ويعتبر يشاري، "والد جيش تحرير كوسوفو"، أحد أبرز الرموز الكوسوفيين الذين حاربوا من أجل استقلال كوسوفو. فقد حصل بعد وفاته على لقب "بطل كوسوفو" تزامناً مع إعلان استقلال الأراضي المتنازع عليها في عام 2008. وتقديراً لبطولاته وتضحياته الكبيرة سُمي المسرح الوطني في بريشتينا ومطار بريشتينا الدولي، بالإضافة للملعب الأولمبي باسمه تخليداً لذكراه.

ويحظى يشاري، الذي تقام في ذكرى استشهاده من كل عام فعاليات رسمية وشعبية، باحترام الألبان بسبب قتاله ومقاومته في سبيل استقلال كوسوفو عن صربيا. فمن هو بطل كوسوفو هذا الذي قدم الغالي والنفيس لتحرير كوسوفو؟.

المولد والنشأة

تمثال آدم يشاري. (Others)

ولد آدم يشاري، الذي حمل اسم فاضل عند ولادته، يوم 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1955 في قرية بريكاز الواقعة وسط كوسوفو، لعائلة مسلمة تنحدر من ألبان كوسوفو الذين لهم سجل حافل على مدار عقود في محاربة القوات اليوغوسلافية.

ونشأ آدم يشاري منذ صغره على قصص الحرب الألبانية، ونادراً ما شوهد بدون مسدس. ووفقاً للصحفي تيم جوداه، فإن يشاري "كان يكره الصرب، وعلى الرغم من أنه كان من أوائل المجندين في جيش تحرير كوسوفو، إلا أنه لم يكن مقاتلاً أيديولوجياً". ولم يكن مرتاحاً بسبب القومية الصربية المتصاعدة بعد تفكك يوغوسلافيا في التسعينيات.

عمل يشاري مزارعاً حتى شارك في انتفاضة مسلحة ضد السلطات الصربية في كوسوفو عام 1991، خلال هذه الفترة، ظهرت لأول مرة منظمة "ألبان كوسوفو الوحدوية" التي أصبحت تعرف لاحقاً باسم "جيش تحرير كوسوفو"، وانضم إليها وصار من أبرز قادتها العسكريين.

قيادة المقاومة

في أعقاب إعلان برلمان كوسوفو انضمامه كجمهورية سابعة لاتحاد يوغسلافيا وإعلانه دستوراً جديداً لدعم هذه التحرك في 2 يوليو/تموز 1990، سرعان ما انضم يشاري إلى المتطوعين في جمهورية ألبانيا لتشكيل ما بات يعرف باسم جيش تحرير كوسوفو.

ومن عام 1991 إلى عام 1992، خضع يشاري وحوالي 100 من الألبان الراغبين في الكفاح من أجل استقلال كوسوفو لتدريب عسكري في بلدية لابينوت مال في ألبانيا. بعد ذلك، بدأ آدم ومقاتليه شن غارات مسلحة استهدفت الجهاز الإداري الصربي في كوسوفو.

وأثناء وجوده في ألبانيا، تعرض يشاري للاعتقال في عام 1993، قبل أن يفرج عنه بناءً على طلب من الجيش الألباني، ليعود في وقت لاحق إلى كوسوفو، حيث واصل قيادة جيش تحرير كوسوفو، وهو منظمة ألبانية كوسوفية قاتلت من أجل انفصال كوسوفو عن جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية خلال التسعينيات، لشن هجمات ضد المؤسسة العسكرية اليوغوسلافية بقيادة الصرب.

مذبحة بريكاز

البيت الذي استشهد فيه آدم يشاري مع عائلته. (Others)

في يوليو/تموز 1997، أدانت محكمة يوغوسلافية آدم يشاري غيابياً بالإرهاب، وصفتها لاحقاً منظمة هيومن رايتس ووتش بأنها محاكمة "أخفقت في الامتثال للمعايير الدولية". وإثر هذه المحاكمة، حاولت القوات الصربية أكثر من مرة اعتقال يشاري أو حتى قتله، لكن نزول المقاومين الألبان من الجبال والغابات لمؤازرته في قريته حالت دون هذه المحاولات، التي كان آخرها في في 22 يناير/كانون الثاني 1998.

بعد فشل محاولة اعتقاله الأخيرة، استمر مقاتليه الموزعين على خلايا صغيرة في مهاجمة قوات الشرطة الصربية في منطقة بريكاز وقتل بعض منهم.

ورداً على مقتل أفراد من الشرطة الصربية، خطط الصرب لـ"مهمة انتقامية واسعة النطاق" تضمنت الدبابات وناقلات الجنود والمروحيات، فضلاً عن دعمهم بقصف مدفعي من مصنع ذخيرة قريب. وبغرض القضاء على يشاري وعائلته، هاجمت الشرطة قرية بريكاز دون سابق إنذار يوم 5 مارس/آذار 1998، وحاصرت منزله وطلبت منه الاستسلام.

وبعد رفض يشاري ومقاتليه الاستسلام، استمرت الاشتباكات المسلحة لمدة يومين أسفرت عن استشهاده واستشهاد 58 شخصاً من عائلته، بينهم 28 طفلاً وامرأة، بما في ذلك زوجته وشقيقه وابنه وجميع من كان في المنزل حينها باستثناء ابن اخيه ذو 11 ربيعاً.

عقب استشهاد رمز الثورة الكوسوفية، شنت القوات الصربية العديد من الحملات العسكرية ضد سكان كوسوفو الساعين إلى الاستقلال، كما ارتكبت العديد من جرائم الحرب، ما أسفر عن مقتل الآلاف وفرار مئات الآلاف من ديارهم بين عامي 1998 و1999.

TRT عربي