انتهت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية مساء الأحد 28 مايو/أيار بحصول الرئيس أردوغان على 52.16% من الأصوات، فيما حصل منافسه كمال كليجدار أوغلو على 47.84% وفق النتائج الأولوية. وسبق أن نجح حزب العدالة والتنمية وحلفائه بتحالف الجمهور بالاحتفاظ بأغلبية برلمانية بحصولهم على 323 مقعداً من أصل 600 مقعد.
على مدار العقدين الماضيين شهدت تركيا 18 استحقاقاً انتخابياً موزعة على 7 انتخابات برلمانية و4 انتخابات رئاسية و4 انتخابات محلية و3 استفتاءات شعبية، تمكن حزب العدالة والتنمية خلالها من الفوز والاحتفاظ بالمرتبة الأولى.
الانتخابات البرلمانية.. 7 انتخابات برلمانية والحزب بالمقدمة
منذ تأسيس حزب العدالة والتنمية في أغسطس/آب 2001 خاض الحزب 7 انتخابات برلمانية استطاع فيها الحفاظ على موقعه كأول وأكثر الأحزاب تمثيلاً في البرلمان التركي بدوراته المختلفة، ما أهله لقيادة تركيا على مدار العقدين الماضيين والخمس سنوات المقبلة.
بدأت مسيرة فوز الحزب بالانتخابات البرلمانية الـ22 في نوفمبر/تشرين الثاني 2002، شكلت الانتخابات تحدياً حقيقياً للحزب وكوادره الشابة، فلم يمضِ بعد على تأسيس الحزب أقل من عام.
اشتداد الأزمة الاقتصادية وعدم الثقة بالنخبة السياسية القائمة، والأهم الطرح الجديد على مستوى الخطاب والكوادر الذي قدمه الحزب، عوامل كلها أدت إلى فوز العدالة والتنمية بالأغلبية البرلمانية بحصوله على 34.29% من الأصوات، و363 نائباً من أصل 550 نائباً ليتمكن الحزب من تشكيل الحكومة منفرداً بعد سنوات من عدم الاستقرار السياسي التي تركتها الحكومات الائتلافية.
النجاحات السريعة لحزب العدالة والتنمية وحكوماته وتحديداً في الملف الاقتصادي والإداري، وقدرته على تقديم نموذجاً جديداً في العمل السياسي بالإضافة إلى حزمة الإصلاحات الديمقراطية والمدنية قادته مجدداً إلى الفوز بالأغلبية البرلمانية الـ23 عام 2007 بحصوله على 46.58%، و341 نائباً، ليستمر بقيادة عملية التحول في تركيا.
وبعد التعديلات الدستورية عام 2010 جدد الناخب التركي ثقته بالعدالة والتنمية الذي حافظ على الأغلبية البرلمانية في الانتخابات البرلمانية الـ24، في يونيو/حزيران 2011، بحصوله على 49.83% من الأصوات، بواقع 327 نائباً، ليستمر في قيادة تركيا للمرة الثالثة على التوالي.
دخل الحزب الانتخابات البرلمانية الـ25 في يونيو 2015 بدون زعيمه التاريخي رجب طيب أردوغان الذي أصبح رئيساً لتركيا بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية عام 2014، ما فرض تحدياً حقيقياً على الحزب الذي تراجعت نسبته بالانتخابات ووصلت إلى 40.87%، دون الحصول على عدد المقاعد الكافية لتشكيل الحكومة، ما تداركه بالانتخابات البرلمانية الـ26 المبكرة في نوفمبر 2015 ليحصل على 49.50%، بواقع 317 مقعداًن ما أهله لتشكيل الحكومة منفرداً.
مرت تركيا بتغيرات جذرية شكلتها أحداث تاريخية، أهمها المواجهة التي قادها الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية مع تنظيم كولن الإرهابي، بلغت ذروتها بالمحاولة الانقلابية بيوليو/تموز 2016، وما تبعها من تطورات سياسية أهمها الانتقال إلى النظام الرئاسي عام 2017.
توجه الناخب التركي لأول مرة إلى الانتخابات البرلمانية وفق النظام السياسي الجديد عام 2018، ودخل العدالة والتنمية الانتخابات العامة متحالفاً مع حزب الحركة القومية ليشكلا "تحالف الشعب"، نجح التحالف بالفوز بأغلبية برلمانية بحصوله 344 نائباً من أصل 600 نائب يتكون منها البرلمان.
وفي الانتخابات الأخيرة وعلى أعتاب احتفال الجمهورية التركية بمئويتها الأولى نجح العدالة والتنمية وتحالفه الانتخابي مجدداً بالفوز بالأغلبية البرلمانية في دورتها الـ28 بحصوله على 323 مقعداً في البرلمان التركي، ليكمل الحزب مسيرته بقيادة تركيا لخمس سنوات جديدة.
مسيرة الفوز
خاض حزب العدالة والتنمية أربع انتخابات رئاسية، 2 منها قبل الانتقال إلى النظام الرئاسي والأخرى بعده، ففي عام 2007 انتهت الفترة الرئاسية للرئيس أحمد نجدت سيزار، رشح حزب العدالة والتنمية أحد مؤسسيه ووزير الخارجية عبد الله غول.
واجه الحزب تحديدات وعقبات سياسية من أحزاب المعارضة، وتهديدات بمحاولة تعطيل الإرادة الشعبية، لكن الثقة التي عبّر عنها الشعب التركي مجدداً للعدالة والتنمية، وتمسك الحزب بموقفه أوصلت عبد الله غول إلى منصب الرئيس بعد حصوله على أصوات 339 نائباً من نواب البرلمان.
توجه الناخبون الاتراك إلى صناديق الاقتراع لأول مرة لاختيار رئيس الجمهورية بعد التعديلات الدستورية عام 2007، والتي بموجبها قلصت الفترة الرئاسية لمدة 5 سنوات بعد أن كانت 7 سنوات، وجرى انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب بعد أن جرى انتخابه من البرلمان التركي في الفترات السابقة.
واجه الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية المرشح أكمل الدين إحسان أوغلو المدعوم من سبع أحزاب سياسية. تمكن الرئيس أردوغان من الحصول على 51.79% من أصوات الناخبين، فيما حصل منافسه إحسان أوغلو على 38.44% من الأصوات، ليصبح الرئيس الثاني عشر للجمهورية التركية.
وعام 2018، جرت الانتخابات الرئاسية لأول مرة وفقاً للنظام الرئاسي الجديد الذي جرى إقراره عام 2017، تمكن الرئيس أردوغان مجدداً من الفوز بنسبة 52.59%، فيما حصل منافسه مرشح حزب الشعب الجمهوري محرم إنجه على 30.64% من الأصوات، لتدخل تركيا عهد النظام الرئاسي تحت قيادة الرئيس أردوغان.
وفي الانتخابات الرئاسية الحالية، ترشح الرئيس أردوغان عن تحالف الشعب، وشهدت الانتخابات الرئاسية ولأول مرة الذهاب إلى جولة انتخابية ثانية، تمكن خلالها الرئيس أردوغان من الفوز على مرشح المعارضة زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو المدعوم من 8 أحزاب معارضة.
الانتخابات المحلية.. بدايات العدالة والتنمية وميدانه
للانتخابات المحلية أهمية كبيرة في النظام السياسي التركي، فالبلديات تعد من أهم أدوات الحكم والتغيير، كما تشكل المصدر الأهم لتصعيد الكوادر والقيادات السياسية. فجزء كبير من قيادات حزب العدالة والتنمية وتحديداً رئيسه أردوغان برزت في العمل البلدي.
خلال العقدين الماضيين، شهدت تركيا تنظيم 4 استحقاقات انتخابية محلية، أولها كان بمارس/آذار 2004. شكلت الانتخابات المحلية الأولى لحزب العدالة والتنمية نصراً كبيراً، إذ تمكن من الحلول أولاً والحصول على 41.67% من أصوات الناخبين بعموم تركيا والفوز بـ12 بلدية كبرى على رأسها إسطنبول والعاصمة أنقرة وبورصا وغيرها من البلديات الكبرى.
وفي الانتخابات المحلية عام 2009، حافظ العدالة والتنمية في موقعه كأول حزب على مستوى الجمهورية، بنسبة 38.39%، محتفظاً بأهم البلديات الكبرى على رأسها إسطنبول، وأنقرة، وبورصة، وقونية، وأنطاليا ومرسين. عاد الحزب ليحتل المرتبة الأولى في الانتخابات المحلية عام 2014، ويحصل على 45.5% من الأصوات في أعلى نسبة يحصل عليها في الانتخابات المحلية، كما فاز بـ18 بلدية كبرى من أصل 30 بلدية كبرى.
وفي الانتخابات المحلية عام 2019، وعلى الرغم من خسارة الحزب لعدد من البلديات الكبرى كإسطنبول وأنقرة، حصل على 44.3% من أصوات الناخبين محتلاً المرتبة الأولى بترتيب الأحزاب التركية.
الاستفتاءات الشعبية: أداة الحزب الأهم في الإصلاح
سعى العدالة والتنمية لإحداث إصلاحات سياسية وقانونية في البلاد، فخلال سنوات العدالة والتنمية نُظمت 3 استفتاءات شعبية من 7 استفتاءات عامة شهدتها تركيا بتاريخها.
وعام 2007 جرى تعديل المواد المتعلقة بانتخاب الرئيس، أهمها جعل انتخاب الرئيس من الشعب بدلاً من البرلمان، إضافة إلى مواد أخرى تمكن العدالة والتنمية من إنفاذ التعديلات بعد موافقة 68.95% من الشعب التركي عليها.
عام 2010 وفي إطار حراك تركيا للإصلاحات القانونية والقضائية جرى الاستفتاء على تعديل 26 مادة دستورية تخص القضاء التركي والحقوق الفردية للمواطن التركي، نجح حزب العدالة والتنمية بإنفاذ التعديلات الدستورية بعد أن صوت 57.88% من الناخبين بنعم على التعديلات المطروحة.
وبعد سنوات تنظير وعمل سياسي نجح العدالة والتنمية بتحقيق أهم مشاريعه الإصلاحية للنظام السياسي التركي بالانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي بتعديل 18 مادة من الدستور. دعم العدالة والتنمية وحليفه الحركة القومية التعديلات وعارضتها أحزاب المعارضة. وبعد طرح التعديلات وافق 51.41% من الشعب التركي عليها لتنتقل تركيا إلى النظام الرئاسي.