أسرع من الصوت 6 مرات.. كيف تغيّر الصواريخ فائقة الصوتية اللعبة في العالم؟
تمثّل تكنولوجيا الصواريخ فائقة الصوتية طفرة عسكرية هائلة تسعى جميع الجيوش حول العالم لاقتنائها، حيث يستطيع الصاروخ الذي تفوق سرعته سرعة الصوت، الوصول إلى أيّة نقطة في العالم في غضون ساعة فقط. فكيف تغيّر تلك التكنولوجيا اللعبة الاستراتيجية في العالم؟
اختبار صاروخ "هواسونغ-8" فائق الصوت من قبل أكاديمية علوم الدفاع في جمهورية كوريا الشمالية (Reuters)

تمثّل تكنولوجيا الصواريخ فائقة الصوتية طفرة عسكرية هائلة تسعى الجيوش حول العالم كافة إلى اقتنائها، حيث يستطيع الصاروخ الذي تفوق سرعته سرعة الصوت "هايبر سونيك"، الوصول إلى أيّة نقطة في العالم في غضون ساعة فقط، وحسب مراقبين أصبح هذا الصاروخ في مرتبة الذكاء الاصطناعي العسكري وأسلحة الليزر.

ويعتبر خبراء عسكريون أن امتلاك الصواريخ فائقة الصوتية بات بمثابة ضرورة لحفظ توازن القوى العالمي. فمع سرعته الفائقة، يستطيع الصاروخ فائق الصوتية التحرّك في الطبقات السفلى من الغلاف الجوي للهروب من عمليات الكشف عن الرادار والمناورة، وذلك في نهاية مساره للتعرّج بين الدفاعات الصاروخية والتغلّب عليها.

وأمّا عن سرعته الفائقة، فبإمكان الصاروخ الطيران بأكثر من ستة أضعاف سرعة الصوت، وهو ما يخلّ بالتوازن العسكري العالمي، حسب محلّلين ومختصين بالشؤون العسكرية.

وبعد كوريا الشمالية، التي تزعم أنها اختبرت صاروخاً تفوق سرعته سرعة الصوت في نهاية سبتمبر/أيلول المنصرم، أجرت روسيا طلقتين اختباريتين لصاروخ كروز "زيركون" فائق الصوتية، في أوائل أكتوبر/تشرين الأول الجاري من غواصة في أعماق البحار.

ومن حيث السرعة الفائقة، تظل موسكو متقدمة بخطوة على منافسيها، فيما تحاول القوى العالمية الأخرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والصين، اللحاق بسباق التسلّح بـتلك الفئة الجديدة من الصواريخ المتطوّرة.

فيما أُثيرت مخاوف جديدة حيال سباق الحصول على التكنولوجيا التي قد تزعزع الاستقرار النووي العالمي.

تكنولوجيا الـ"هايبر سونيك"

بإمكان الصواريخ فائقة الصوت التحليق بسرعة تتجاوز بست مرّات سرعة الصوت، على غرار الصواريخ البالستية التقليدية القادرة على حمل أسلحة نووية، غير أنّ الصواريخ البالستية تحلّق على ارتفاع عال وبشكل مقوّس لبلوغ هدفها، فيما تحلّق تلك الصواريخ فائقة الصوتية ضمن مسار منخفض في الجو، ما يعني أنها تبلغ الهدف بشكل أسرع.

وفيزيائياً، تقاس سرعة الصوت بمقياس "ماخ"، وتصل سرعته إلى 1 ماخ في الساعة وهو ما يعادل 767 ميلاً في الساعة، وحيث إنّ صواريخ "هايبر سونيك" تتراوح بين 5-12 ألف ميل في الساعة، فهي تستطيع تجاوز سرعة الصوت بأضعاف.

وتعمل روسيا والولايات المتحدة والصين على تطوير صواريخ جديدة تتراوح سرعتها بين 10 و20 ماخ، وهو ما يُنذر باستمرار السابق في هذه الصناعة المقلقة.

ويمكن إطلاق الصواريخ فائقة الصوت من منصات متعددة، سواء من البر عبر قاذفات صواريخ، أو من البحر عبر غواصات أو سفن، أو من الجو عبر قاذفات استراتيجية.

ويعتبر الخبراء أن من أهم ما يميز تلك الفئة من الصواريخ أنّها قادرة على المناورة، وذلك على غرار صاروخ "كروز" الروسي، وهو أمر يجعل تعقّبه واعتراضه أكثر صعوبة، وفق ما ذكره موقع "ميليتري" (Military) المتخصص في الشؤون العسكرية.

وبينما طوّرت دول مثل الولايات المتحدة أنظمة مُصمّمة لاعتراض صواريخ كروز وتلك البالستية، لا يزال من غير الواضح إن كانت قادرة على تعقّب وإسقاط الصواريخ فائقة الصوتية.

ويمكن استخدام الصواريخ فائقة الصوتية لحمل رؤوس حربية تقليدية، بشكل أسرع وأكثر دقة من الصواريخ الأخرى.

لكن يمكن أن تزيد قدرتها على نقل أسلحة نووية التهديد، ما يرفع خطر اندلاع نزاع نووي.

سلاح الكبار عالمياً

أثار اختبار كوريا الشمالية صاروخاً أسرع من الصوت، الأسبوع الماضي، مخاوف جديدة حيال سباق الحصول على التكنولوجيا التي قد تزعزع الاستقرار النووي العالمي.

وتقود السباق روسيا، التي أعلنت الاثنين، أنّها اختبرت صاروخاً يخترق جدار الصوت أطلقته لأول مرة من الغواصة النووية "سيفيرودفينسك"، تعقبها الصين والولايات المتحدة فيما يؤكّد خبراء أنّ خمس دول على الأقل تعمل حالياً على تطوير هذه التكنولوجيا.

وحسب تقرير صدر مؤخراً عن خدمة أبحاث الكونغرس الأمريكي، فإنّ ألمانيا وأستراليا والهند واليابان وفرنسا يعملون على تطوير الصواريخ فائقة الصوتية، بينما أجرت إيران وإسرائيل وكوريا الجنوبية أبحاثاً أساسية بشأن هذه التقنية.

وفي تأكيده على مدى أهمية وخطورة الصواريخ فائقة الصوتية، أعلن الأميرال تشارلز ريتشارد، قائد القوات البحرية الأمريكية، أن شبكة أجهزة الاستشعار الأمريكية غير كافية لاكتشاف الصواريخ فرط الصوتية، في حين روسيا متقدمة كثيراً في هذا المجال.

وتتضمّن ترسانة روسيا من الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت مركبات انزلاقية تفوق سرعة الصوت من طراز "أفانغارد"، وصاروخ "كينزال" الذي يُطلق من الجو.

كما تعمل الصين جاهدة على تطوير التقنية، التي ترى أنّها أساسية لحمايتها من التقدّم الذي حققته الولايات المتحدة في مجال الصواريخ الخارقة لجدار الصوت وتقنيات أخرى، حسب تقرير خدمة الأبحاث.

وبالنسبة لكوريا الشمالية، فيشير إعلانها عن الاختبار بأن الطريق ما زالت طويلة إذ ركّز الاختبار على "القدرة على المناورة" و"ميّزات التحليق".

وجاء في بيان للجيشين الكوري الجنوبي والأمريكي أنّه "بناء على تقييم لميّزات مثل السرعة، فإنّه (الصاروخ) في المرحلة الأولى من التطوير وسيستغرق نشره وقتاً لا بأس به".

تغيير اللعبة الاستراتيجية في العالم؟

يشير بعض الخبراء إلى أنّ الصواريخ فائقة الصوتية لن تقلب بالضرورة الميزان النووي العالمي، لكنها ستضيف طريقة جديدة لإيصالها إلى مجموعة القاذفات التقليدية والصواريخ البالستية العابرة للقارات التي يجري إطلاقها من البر، والصواريخ البالستية التي تطلقها الغواصات.

فيما يرى مختصّون عسكريون أن مكمن الخطر فيما يتعلّق بتلك الصواريخ، هو عدم القدرة على معرفة إن كان صاروخ العدو يحمل رأساً تقليدياً أم نووياً.

ويصف خبير ضبط الأسلحة لدى جامعة "ستانفورد" كاميرون تريسي، الصواريخ فائقة الصوتية بالتقدّم "التطوري"، ويشدّد تريسي على أهميّة المفاوضات الرامية إلى ضبط انتشار الأسلحة النووية.

وخُلص تريسي إلى أنّ "السباق على الأسلحة فرط الصوتية، قد لا يمثّل وضعاً يُعَد الأكثر استقراراً. لذا، سيكون من الجيّد التحرّك بأسرع ما يمكن"، مؤكداً ضرورة ضبط سباق التسلّح بتلك الصواريخ تفادياً لأي نزاع عسكري نووي قد ينتج عنه.

TRT عربي