أول علاج لاكتئاب ما بعد الولادة.. ماذا تعرف عن حبة "زورانولون"؟
ووفق على حبة "زورانولون" التي ستُباع تحت الاسم التجاري "زورزوفاي" عَقاراً يُؤخذ مرة واحدة لمدة 14 يوماً، ومن المُتوقع، حسبما أعلنته شركتا تصنيع الأدوية سايج ثيرابوتيكس وبيوجين، طرحه في الربع الأخير من العام الجاري في الأسواق.
أقرّت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في الرابع من أغسطس/آب الجاري، أول دواء لعلاج اكتئاب ما بعد الولادة. / صورة: AA (AA)

أقرّت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في الرابع من أغسطس/آب الجاري، أول دواء لعلاج اكتئاب ما بعد الولادة، وهو المرض الذي تعاني منه واحدة من كل سبع أمهات، حسب الجمعية الأمريكية لعلم النفس.

وووفق على حبة "زورانولون" التي ستُباع تحت الاسم التجاري "زورزوفاي" عَقاراً يُؤخذ مرة واحدة لمدة 14 يوماً، ومن المُتوقع، حسبما أعلنته شركتا تصنيع الأدوية سايج ثيرابوتيكس وبيوجين، طرحه في الربع الأخير من العام الجاري في الأسواق وغالباً في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

فما هذا الدواء؟ وما أهميته؟ وكيف يختلف عن باقي مضادات الاكتئاب؟ وكيف يناسب مريضات كآبة النِّفاس؟

الفرق بين اكتئاب ما بعد الولادة وغيره من الاكتئابات

وحسب اليونيسيف، فإنّ اكتئاب ما بعد الولادة عادةً يحدث خلال أسبوعين إلى ثمانية أسابيع بعد الولادة، ولكنّه قد يحدث خلال ما يصل إلى سنة بعد ولادة الطفل.

وتوضّح بروفيسورة الطب بجامعة كارولينا الشمالية الدكتورة أليسون ستوبي، أنّ "أحد الجوانب المهمة في اكتئاب ما بعد الولادة هو أنّه ليس مجرّد شعور بالحزن"، فالشعور بقلق شديد يمثّل سمّة شائعة أيضاً في اكتئاب ما بعد الولادة.

ومن أعراض اكتئاب ما بعد الولادة التي ينبغي الانتباه لها، الشعور بجسامة العبء، والبكاء المستمر، ونقص الارتباط العاطفي مع الطفل، وتشكُّك الأم في قدرتها على رعاية نفسها أو طفلها.

ويؤكد استشاري طب نفسي بجامعة ماربورج في ألمانيا الدكتور طلال فيصل، أنّ اكتئاب ما بعد الولادة لا تختلف أعراضه كثيراً عن الاكتئاب العادي، فهو يتضمن شعور شديد بالحزن وانعدام القيمة والهدف، بالإضافة إلى اضطرابات الشهية والنوم، وعدم القدرة على التمتع بالأشياء المبهجة، ونقص الطاقة، وضعف التركيز، وأحياناً الرغبة في نهاية الحياة سواء بتمني الموت أو التفكير في الانتحار.

ويضيف فيصل في حديثه مع TRT عربي، أنّ الشيء المميز في اكتئاب ما بعد الولادة هو توقيته، فهو يأتي مع أواخر أيام الحمل وبعد الولادة، وهذه الأعراض تكون مستمرة بنفس الدرجة من 4 إلى 6 أسابيع.

ويلفت استشاري الطب النفسي إلى نقطة مهمة، هي أنّ تجربة الحمل والولادة كأي تجربة جديدة يمرّ بها الإنسان، إذ يصاحبها القلق والحزن والخوف إضافةً إلى اضطراب الهرمونات الذي تعانيه الأم في هذه الفترة.

ويبيّن أنّ الشعور بأعراض الحزن والشك والقلق في هذه التجربة الجديدة أمر طبيعي، ولكن من غير الطبيعي أن يصل في بعض الحالات أن تنتاب الأم أفكار بإيذاء طفلها.

ما أهمية زورزوفاي؟

إلى ذلك، اعتمد إقرار حبّة الدواء الجديدة على نتائج دراستين، إذ أظهرتا أنّ النساء الّلائي تناولن عقار زورزوفاي ظهر لديهن علامات أقل للاكتئاب على مدى 4 إلى 6 أسابيع مقارنةً بمن تناولن حبوباً وهمية.

ومن المعروف أنّ مضادات الاكتئاب العادية المطروحة في الأسواق قد تستغرق أسابيع حتى تساعد وفي بعض الأحيان لا تعطي التأثير المطلوب، فيما يعمل الدواء الجديد سريعاً ونتائجه مضمونة، حتى إنّه، حسب الشركتين، لُوحظ تحسُّن بعض السيدات بعد مرور 3 أيام من بدء تناول الدواء.

ورغم عدم الإفصاح عن تكلفة الدواء، فإنّ المنظمة الدولية لدعم النساء في فترة ما بعد الولادة تأمل خيراً في هذا الدواء خياراً علاجياً بسيطاً ذا فاعلية عالية ويسهل الوصول إليه.

وعبّرت المنظمة عن تمنيها بأن يكون الدواء في متناول المريضات المحتاجات، بخطة علاجية عن طريق طبيب نفسي أو غير نفسي، لدعمهن بشكل أسرع وأسهل.

ويختلف زوزروفاي عن مضادات الاكتئاب الأخرى في تركيبته الكيمائية، إذ يقول الدكتور فيصل، إنّ "مضادات الاكتئاب العادية تعمل على الدوبامين والسيروتونين، فيما يعمل زورانولون على مادة غابا Gaba مع مواد أخرى، وحسب نتائج الأبحاث حدث تحسن واضح لمجموعات النساء اللاتي تناولن الدواء، وسيظهر مفعوله أكثر في الاستخدام الحقيقي بعد طرحه في الأسواق".

ويشير الاستشاري النفسي إلى أنّ تشخيص اكتئاب ما بعد الولادة مرضاً منفصلاً حدث في السنوات الأخيرة فقط، وظلّ يُعالَج بمضادات الاكتئاب العادية التي تستغرق فترات قبل التأثير والعمل.

ويتابع القول: "كان في عام 2019 دواء مخصص لاكتئاب النفاس ومرّ بجميع مراحل التصنيع والأبحاث والتجربة، وأوقف عند مرحلة التكلفة لأنّ المصنعين وجدوا أنّه لن يختلف عن بقية مضادات الاكتئاب في السعر، إلا أنّ الدواء الجديد كان له تأثير واضح وسريع وتحسن كبير للسيدات اللاتي تناولنه".

ماذا قالت السيدات عن الدواء الجديد؟

"ش. ر" وهي أم لطفلين في أواخر الثلاثينات وتعمل مُدرسة، تقول لـTRT عربي: "تأخروا كثيراً علينا، أنا خائفة من الحمل مجدداً بسبب اكتئاب ما بعد الحمل الذي عانيت منه، خاصةً مع عدم وجود دعم، كانت فترات جحيم".

وتشاركها "أ. أ" الرأي وتقول: "خطوة متأخرة جدّاً منهم، لقد عانيت لمدّة عامين ونصف من الإحساس بالذنب والظلام في حياتي، كنت محتاجة إلى مساعدة طبية، نعم، ولكنّني لم أكن منتبهة لنفسي ولا لطفلتي".

وتضيف "أ. أ" لـTRT عربي: "كنت أشعر بالفشل والضياع أماً، وحتى الآن حين تتأخر دورتي الشهرية تحدث لي نوبة هلع خوفاً من تكرار تجربة الحمل والولادة والاكتئاب، لكنّه عموماً خبر رائع لمن بعدنا من أمهات جديدات".

بينما السيدة الأربعينية "ج. م" وهي وأم لطفلتين، تتحدث لـTRT عربي، أنّها عانت لمدّة عامَين من اكتئاب ما بعد الولادة، لافتةً إلى أنّها لجأت إلى طبيب نفسي لكنّه لم يصف لها دواءً بسبب الرضاعة الطبيعية، بجانب الأفكار الانتحارية التي راودتها، فلم تجد أي دعم من زوجها، لذا فخبر الدواء الجديد جيد، لكنّ الأهم منه هو التوعية لمن هم حول الأم ليدعموها بجانب الدواء.

TRT عربي