السعودية تلتحق بالإمارات.. هل يحفز تغيير أيام العمل اقتصادات الدول؟
وسط أجواء تنافسية لاختراق الأسواق العالمية وجذب المستثمرين، قررت السعودية مؤخراً دراسة إجراء تعديل على نظام العمل، وذلك بتغيير أيام العطل وتقليص أيام العمل. ما أثار الاستفهام عن جدوى هذه القرارات في تحفيز اقتصادات هذه البلدان.
السعودية تلتحق بالإمارات.. هل يحفز تغيير أيام العمل اقتصادات الدول؟ (Getty Images)

دفعت التطورات الإقليمية والعالمية الأخيرة بعضاً من بلدان العالم إلى إجراء مجموعة من التغييرات والتحولات في سياساتها وشبكة تحالفاتها ومساراتها الاقتصادية. وكان من أبرز هذه البلدان دول الخليج، التي بدأت بدورها تبحث عملياً، في وسائل تنويع مصادر اقتصادها استجابة للتحديات الراهنة، وتجسيداً لسياساتها الطموحة في الانفتاح على الأسواق العالمية والتحول إلى مركز اقتصادي عالمي.

وكان السبق في ذلك للإمارات، التي أعلنت بشكل مفاجئ خلال الأشهر الأخيرة، تعديل نظام العمل لديها، بتغيير أيام العطلة الأسبوعية وتقليص أيام العمل، ولم تمضِ فترة قصيرة على ذلك، حتى قررت المملكة العربية السعودية بدورها دراسة نفس القرار، وتحقيقاً لنفس الأهداف الاقتصادية.

استرعى قرار الدولتيْن اللتيْن تحتدم بينهما المنافسة الاقتصادية الإقليمية، انتباه كثيرين، وأثار جدلاً واسعاً، عما إذا كان للقرار فعلاً تأثير على نمو اقتصاد هذه البلدان.

تغيير أيام العمل.. منافسة بين السعودية والإمارات

بعد أن كان من المتعارف عليه طيلة سنوات لدى بلدان الخليج، أن يكون يوم العطلة الأسبوعية هو يوم الجمعة، قررت الإمارات، إجراء تعديل على نظام العمل، بتغيير يوم العطلة الأسبوعي إلى يومي السبت والأحد إضافة إلى نصف يوم الجمعة، وبذلك ينتهي دوام الموظفين في جميع الدوائر، ظهر يوم الجمعة، لتصبح بالتالي أيام العمل الفعلية خلال الأسبوع، أربعة وأيام ونصف فقط. كما تتزامن بذلك العطلة الأسبوعية مع العطلة الرسمية للأسواق العالمية.

كما أقرت الجهات الرسمية في السياق ذاته، تحديد موعد إقامة صلاة الجمعة، لتكون الساعة 1:15 ظهراً على مستوى الدولة طوال العام.

وتأتي هذه الخطوة ضمن مجموعة التغييرات التي دأبت على إجرائها الإمارات باستمرار، في إطار خطتها لتحقيق (رؤية 2050) وفي سبيل الانفتاح على الأسواق العالمية، ولتكون أكثر جاذبية أمام المستثمرين من مختلف الجنسيات، في وقت تواجه فيه منافسة شديدة مع قوى اقتصادية اقليمية صاعدة، لا سيّما المملكة العربية السعودية.

ووفق ما جاء في تقرير سابق لصحيفة فاينينشال تايمز الأمريكية، تعليقاً على قرار الإمارات الأخير تغيير نظام العمل، فإن مختلف هذه التغييرات تسارعت في هذه الدولة الثرية منذ أن بدأت الجارة السعودية، والتي تطبق إصلاحاتها الاجتماعية والاقتصادية الخاصة، في جذب بعض الأعمال والقطاعات التي كانت قد ازدهرت لعقود في الإمارات.

ولكن وبعد أن كانت الإمارات الدولة الخليجية الوحيدة التي أقرت تغييراً في أيام العمل وأيام العطلة الأسبوعية، تدرس اليوم السعودية بدورها إجراء تعديل مماثل على نظام العمل لديها.

وكشف وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالسعودية، أحمد الراجحي، في مؤتمر صحفي يوم الأربعاء 16 فبراير/شباط الجاري، عن وجود نية لدى السلطات في تغيير نظام العمل إلى أربعة أيام مقابل ثلاث أيام عطلة أسبوعية.

وقال الراجحي في هذا السياق: "هدفنا خلق الوظائف في النظام الجديد"، وتابع: "توجد دراسة لنظام العمل والهدف هو أن تكون المملكة جاذبة للمستثمرين" وأضاف: "مهم عند وضع ساعات العمل أن يكون السوق جاذباً ويخلق وظائف" كما أكد قائلاً: "نحن اليوم نحرص على أن يكون النظام الجديد جاذباً للوظائف وبالتالي نخلق وظائف أكثر".

وتندرج هذه الخطوة أيضاً، وفق ما أكده مسؤولون ومختصون في إطار خطة السعودية (رؤية 2030) التي كانت أعلنت عنها سابقاً، وتهدف إلى تنويع موارد المملكة الاقتصادية غير النفطية وتعزيز موقعها في الاقتصادات العالمية.

ويبدو أن المنافسة بين البلدين، وتفتح الباب أمام مزيد من القرارات والتغييرات التي بإمكانها تحفيز المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية على الاستثمار في هذه الأسواق.

هل يؤثر ذلك فعلا على الاقتصاد؟

حسبما أكده مسؤولون ومختصون اقتصاديون، فإن تغيير نظام العمل الذي أعلنته الإمارات سابقاً وتدرس تطبيقه السعودية أيضاً، يهدف أساساً إلى أن تصبح مواقيت عمل هذه البلدان أكثر قرباً مع مواقيت عمل البلدان الغربية، وتطابق أيام التبادلات والتعاملات التجارية والاقتصادية والمالية، وبالتالي ترسيخ موقع هذه الدول على خريطة العالم الاقتصادية وتعزيز موقعها في التنافسية العالمية خاصة في قطاعات الاقتصاد والأعمال.

ويعتبر خبراء هذا الإجراء "إصلاحاً رئيسياً" يؤدي إلى تناسق دولي للأعمال في هذه البلدان، خاصة مع الولايات المتحدة وغالبية الدول في أوروبا وآسيا، ومع أسواق المال والنفط.

وكانت الإمارات تسعى عبر هذا القرار، إلى الحفاظ على ميزتها التنافسية في المنطقة وأن تبقى في الصدارة وفي موقع متقدم على بقية منافسيها، لتصبح بذلك الوجهة الأفضل للمستثمرين الأجانب وتتجه أكثر نحو العالمية، لكن يبدو أن السعودية تحاول اليوم أن تستدرك ذلك، لمواءمة معاييرها مع الاقتصادات العالمية بدورها.

وعلى الرغم من ترحيب طيف واسع من المسؤولين ورواد الأعمال والمختصين بالقرار لدى الإمارات والسعودية على حد سواء، في سبيل تحقيق خطط هذه الدول الطموحة، فإن جزءاً كبيراً من الشارع الخليجي عارض الفكرة، واعتبر ذلك "تماهياً مع الغرب" وقوبل القرار بانتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتفاعلاً مع ذلك وضحت الحكومة الإماراتية في بيان رسمي، أن "التغييرات في أسبوع العمل، والذي يمتد من الأحد إلى الخميس، تهدف إلى تعزيز التوازن بين العمل والحياة الشخصية وتعزيز الرفاهية الاجتماعية، مع زيادة الأداء لتعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية لدولة الإمارات".

TRT عربي