بالخطابات والفيديوهات.. كيف تفوقت المقاومة في توظيف الإعلام ضد الاحتلال؟
بموازاة إنجازاتها العسكرية في التصدي للعدوان على قطاع غزة، تفوقت المقاومة  في توظيف أبرز أدوات الحرب النفسية، المتمثل في الإنتاج الإعلامي المتنوع لعملياتها التي تستهدف جنود الاحتلال وآلياته.
كتائب القسام تعلن مواصلة استهداف آليات الاحتلال الإسرائيلي في غزة بقذائف الياسين 105 (Others)

بالتوازي مع فشلها في تحقيق أي من أهدافها المعلنة خلال عدوانها على غزة، فشلت إسرائيل أيضاً في توظيف الإعلام الحربي بما يخدم روايتها.

وفي الوقت الذي فشلت فيه ماكينة الإعلام الحربي الإسرائيلي فشلاً ذريعاً بخروجها بفيديوهات تصور المدنيين العزل على أنهم مقاومون قد ألقوا السلاح واستسلموا، استطاعت المقاومة الفلسطينية توظيف الإعلام الحربي خير توظيف، سواء لمخاطبة الجماهير والرأي العام، أو لدب الرعب بقلوب الجنود الإسرائيليين وزيادة الضغط على الجبهة الداخلية الإسرائيلية.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لم تكتفِ المقاومة الفلسطينية في غزة بنشر فيديوهات لمقاتليها وهم يستهدفون دبابات وآليات جيش الاحتلال الإسرائيلي من المسافة صفر فحسب، بل داومت على نشر خطابات ناطقها العسكري، "أبو عبيدة"، التي حث الجماهير فيها على مقاومة الاحتلال على جميع الأصعدة، وقدَّم من خلالها كذلك كشف حساب لعدد قتلى جيش الاحتلال وآلياته المدمرة.

وكما هي العادة منذ القدم، إذ اعتادت الشعوب توثيق انتصاراتها ومتابعة تحركات جيوشها عبر الوسائل المتاحة في كل عصر، بات متابعو العدوان على غزة ينتظرون بفارغ الصبر خطابات المقاومة وفيديوهاتها التي تعج بالمثلثات الحمراء المقلوبة، التي توثق إنجازات المقاومين في استهداف جنود وآليات الاحتلال.

ما المقصود بالإعلام الحربي؟

يعد الإعلام الحربي إحدى أهم أدوات الحرب النفسية خلال الحروب والصراعات، فيما تعتبر الخطابات التي بثتها محطات الراديو، بالإضافة إلى المنشورات التي ألقتها المناطيد والطائرات، من بين أقدم الأساليب التي استُخدمت قبل بضعة قرون، ويُعتقد أن فرنسا كانت من بين أوائل الدول التي استخدمت المنشورات الورقية في حربها مع روسيا عام 1870، حسب الأرشيف البريطاني.

وبينما استخدمت الطائرات لإلقاء المنشورات على نطاق أوسع خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، كانت روسيا من أوائل الدول التي استخدمت محطات الراديو في عام 1920 لبث دعايتها الحربية باللغة الأجنبية.

ومع ظهور التلفاز وانتشار الصحف الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، وظفت الدول هذه الأدوات وطوَّرتها بشكل يمكنها من التلاعب بالتغطية الإعلامية لإظهار فعالية متزايدة لأنظمة الأسلحة وتجنب تغطية الخسائر في صفوف المدنيين، أو تقليل التركيز عليها. ومن الأمثلة على هذه التغطية تغطية حرب الخليج، وقصف الناتو يوغوسلافيا، وحرب العراق.

وبالعودة إلى فلسطين، اخترع الفلسطينيون في الثمانينيات إبان الانتفاضة الأولى -انتفاضة الحجارة- وسيلة مبتكرة للتواصل والمقاومة على حد سواء، وهي الطريقة التي تمثلت في الكتابة والرسم على الجدران.

تفوق ملحوظ

إلى جانب توجيهها سلسلة من الصدمات الاستخباراتية والعسكرية المفاجئة وغير المسبوقة، تواصل حماس والمقاومة الفلسطينية توجيه ضرباتها لإسرائيل. وبموازاة إنجازاتها العسكرية في التصدي للعدوان على قطاع غزة، تفوقت حماس في توظيف أبرز أدوات الحرب النفسية، المتمثل في الإنتاج الإعلامي المتنوع لعملياتها التي تستهدف جنود الاحتلال وآلياته.

وخلال 75 يوماً منذ بدء العدوان الإسرائيلي، أظهرت المقاومة الفلسطينية تفوقاً ملحوظاً في دحض الصورة النمطية التي دائماً ما روَّجتها إسرائيل بزعم امتلاكها جيشاً لا يُقهر ومركبات عسكرية عصية على التدمير، وذلك من خلال الفيديوهات التي تبثها كل يوم تقريباً لتدمير الدبابات واستهداف الجنود من مسافة صفر.

وبينما نجحت المقاومة في توثيق انتصاراتها على آلة الحرب الإسرائيلية وما يدعمها من وسائل إعلامية غربية كبرى، جاءت فيديوهات روايات الأسرى المفرج عنهم وعمليات التبادل لتوثق أيضاً نجاح المقاومة في الأبعاد الإنسانية والأخلاقية.

وفي حين انغمست إسرائيل في نشر صور وفيديوهات غير إنسانية تُظهر الأسرى الفلسطينيين عُراة، اكتسبت المقاومة الفلسطينية تعاطف واحترام فئة كبيرة من الجمهور الغربي في أثناء بثها فيديوهات تُظهر معاملتها الإنسانية العالية للأسرى الإسرائيليين.

فشل إسرائيلي ذريع

حسب كثير من المراقبين، فشلت إسرائيل، التي دائماً ما كانت تجيد لعب دور الضحية عبر استغلال "الهولوكوست" في إدارة الحرب الإعلامية عبر عدوانها على غزة.

وفي مقابل ذكاء المقاومة في إدارة المعركة الإعلامية، سقطت الماكينة الإعلامية الإسرائيلية رغم كل ما تملكه من أدوات ودعم كبرى وسائل الإعلام الغربية في تبرير أعمال الإبادة الجماعية بحق المدنيين، فضلاً عن تبريرها استهداف المستشفيات لتحقيق أي انتصار حقيقي على الأرض.

وعندما فشلت في مجاراة المقاومة الفلسطينية في الميدان الإعلامي، قررت إسرائيل استخدام الأساليب القديمة بعد أن قطعت الإنترنت وشبكات التواصل، وذلك من خلال إلقاء منشورات تحث الفلسطينيين في قطاع غزة على النزوح وتسليم قيادة حماس.

TRT عربي