حسن تشينجيتش.. رفيق عزّت بيغوفيتش ومؤمّن سلاح البوسنيين لمواجهة مذابح الصرب
توفي يوم الأحد السياسي والمناضل البوسني حسن تشينجيتش، بعد عُمر قضاه في خدمة بلاده والدفاع عن مسلميها من بطش الإبادة الصربية. حيث رافق الرئيس علي عزّت بيغوفيتش في معتقله، وكان مصدر التسليح الرئيسي للمقاومة البوسنية.
وزير الدفاع البوسني السابق حسن تشينجيتش (Others)

عن عُمر ناز 64 سنة، أخلصه كلّه في الدفاع عن مسلمي البوسنة أمام بطش القوات الصربية إبان حرب البلقان الأهلية، وقبلها سنوات من النضال لصالح الهوية المسلمة للبلاد. توفي حسن تشينجيتش، أحد أبرز منظّري "الشبيبة الإسلامية" ورفيق رئيسها علي عزّت بيغوفيتش في المعتقل.

ونعى نعمان كورتولموش نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي المناضل البوسني: "نعلم كيف ناضلت الأمة البوسنية، سواء خلال الحرب أو بعدها، من أجل الصمود موحدة. والفقيد كان أبرز ممن أخلصوا عمرهم لأجل هذا الهدف". مشدداً على أنّ "إخواننا البوشناق يعلمون، والعالم كلّه يعلم، المكانة الخاصة للبوسنة بالنسبة لنا في تركيا، وكم نحن حريصون على دعمهم ودعم هويَّتهم الوطنية".

الشبيبة الإسلامية والعمل الديموقراطي

ولد حسن تشينجيتش سنة 1957، ببلدة فوتشا شرقي البلاد. وترعرع في كنف أسرة تحمل همَّ الهويَّة المسلمة للبلاد. حيث الأب، خالد تشينجيتش، يُعدّ أحد الأعضاء المؤسسين لحزب "العمل الديمقراطي" البوسني وأحد قيادييه البارزين.

لكن كان الابن، حسن، قبل ذلك قد أبدى التزامه بالقضية. حيث خوَّلته تربيته الدينية ومساره الأكاديمي الطويل، لِلعب دور مركزي داخل منظمة "الشبيبة الإسلامية" التي انبثق عنها الحزب الذي كان وقتها التنظيم السياسي الوحيد الذي يمثّل مسلمي يوغوسلافيا والذي حمل بعدها هم استقلال البوسنة والهرسك.

خلال سنوات السبعينات، قاد حسن تشينجيتش، إلى جانب الرئيس علي عزت بيغوفيتش، مجهود إحياء الهوية الإسلامية وتجديد القراءات الدينية بما يوافق متطلبات وضع الشعوب المسلمة في يوغوسلافيا وتحقيق نهضتها.

سنة 1983، ألقت الشرطة اليوغوسلافية القبض على عزّت بيغوفيتش رفقة إثني عشر من رفاقه، كان تشينجيتش من بينهم، وحوكموا بتهم نشر المبادئ الإسلامية القومية التي كانت تعُدّها سلطات البلاد نشاطات معادية. كما اتُّهموا بتنظيم زيارة إلى المؤتمر الإسلامي في طهران.

سبع سنوات بعدها أسَّس الرفيقان، بيغوفيتش وتشينجيتش، حزب "العمل الديمقراطي البوسني" الذي سيكتسح الانتخابات في البلاد، ويقودها نحو الاستقلال سنة 1991.

طريق السلاح وقيادة الدفاع

بالتزامن مع ما شهدته يوغوسلافيا من تفكك سنة 1991، واندلاع حربي كرواتيا وسلوفينيا، كان خيار بيغوفيتش التشبّث بالسّلام. حيث أعلنها صراحة: "أودّ أن أضحّي بالسّلام لسيادة البوسنة والهرسك، ولكن لأنّ السّلام قائم في البوسنة والهرسك، أودّ أن ألا أضحّي بالسيادة". غير أنّ مجريات الأمور سرعان ما انساقت إلى عكس إرادته، واندلعت حرب البوسنة في أبريل/نيسان 1992.

وقتها كان حسن تشينجيتش عنصراً محورياً في تزويد خطوط المقاومة البوسنية بالسلاح والتمويل. بداية من الدور الذي لعبه في فيينا النمساوية في تجميع الأموال لدعم كتائب الجيش البوسني، خصوصاً تلك التي قادها والده بمدينة فيسوكو.

إضافة إلى الدور الذي لعبه في توفير السّلاح من إيران عبر كرواتيا إلى الجيش البوسني. حيث تٌقدِّر إحصاءات وكالة الاستخبارات الأمريكية أنه ما بين مايو/آيار 1994 ويناير/كانون الثاني 1996، شُحن نحو 14 ألف طن من الأسلحة بقيمة تتراوح بين 100 و200 مليون دولار إلى البوسنة والهرسك.

بعد انتهاء الحرب عبر توقيع اتفاق دايتون، نُصّب حسن تشينجيتش وزيراً للدفاع البوسني، في مهمة صعبة أوكلت له بتأسيس قوات نظامية تكون هي صمّام الحفاظ على الوحدة والهوية الوطنية للبوسنة والهرسك.

يحكي تشينجيتش عن تلك الحقبة قائلاً: "لقد أُنشئ جيشنا أثناء فترة العدوان على البوسنة وكان ذلك في أسوأ الظروف، حيث فرضت علينا الأمم المتحدة حظر استيراد الأسلحة". مضيفاً أنّ "أولوياتنا العسكرية بعد توقيع اتفاقية دايتون هي تنظيم الجيش وتحويله إلى جيش نظامي في ظروف السلام، وكان ذلك يحتاج لأموال لم تكن متوفرة في ذلك الوقت".

وبعد هذا المنصب الوزاري قاد تشينجيتش منصب وزير مشرّدي ولاجئي الحرب البوسنية. إضافة إلى مناصب في وكالة استخبارات بلاده، ورئاسة البرلمان وعضويته.

TRT عربي