شتاء قارس وأسعار ملتهبة.. 5 أسباب لغلاء وندرة السلع عالمياً
كشف وباء كوفيد-19 عن مدى ترابط العالم في عصرنا الحالي، فقد أدّت الاختناقات المتعددة التي حدثت بسبب الوباء إلى تعطيل سلاسل التوريد العالمية التي كانت تنساب من خلالها البضائع المختلفة، مما قد يؤدّي إلى شتاء قارس وأسعار ملتهبة.
أدى وباء كوفيد-19 إلى اضطراب في سلاسل التوريد العالمية (وزارة التجارة البريطانية)

كشف وباء كوفيد-19 عن مدى ترابط العالم في عصرنا الحالي، إذ عطّلت الاختناقات المتعددة بسبب الوباء سلاسل التوريد العالمية التي كانت تنساب من خلالها البضائع المختلفة، مما قد يؤدي إلى شتاء قارس وأسعار ملتهبة.

هذه السلاسل تضمنت أولئك الأشخاص والشركات، ووسائل النقل التي تحمل البضائع من المصانع وأماكن الإنتاج، وتسليمها إلى المستودعات أو المتاجر، أو حتى إلى أبوابنا مباشرة.

تناول تقرير نشره موقع "The Conversation" حول "خمس مشكلات يمكن أن تبطئ إمدادات الغذاء وأجهزة الكمبيوتر والسيارات وغيرها من السلع هذا الشتاء"، اختلال سلاسل التوريد وأثره في اقتصادات الدول والأفراد.

ويمضي التقرير إلى القول إنه بسبب قلة الطلب لارتفاع تكلفة المعيشة، فمن غير المرجح حدوث نقص واسع النطاق، فلن يحدث نقص في العرض أمام طلب متواضع وتدنِّي القوة الشرائية لدى الأسر المنهكة اقتصادياً. ولكن قد يكون مزيد من التأخير في شحن بعض البضائع بسبب اضطراب سلاسل التوزيع، لا سيما تلك المصنوعة في الدول الآسيوية، وتسليمها للأسواق الغربية.

يذكر التقرير خمس مشكلات تتعلق بسلسلة التوريد يمكن أن تؤثر في ما يمكننا شراؤه هذا الشتاء:

1. ارتفاع تكاليف المعيشة

أدى التضخم المتصاعد بشدة إلى تضرر الأسر الملحوظ من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، كما قادت توقعات أن المستهلكين سيُضطرّون إلى تقليص الإنفاق بشدة هذا الشتاء، إلى إغراق الطلب على السلع والخدمات في ظل وجود حالة من عدم اليقين.

يصعّب هذا على واضعي خطط سلسلة التوريد تقدير كميات وأنواع السلع التي قد يحتاج إليها المستهلكون مقدماً بدقة.

درجت العادة على توفير مخزون البضائع الخاصة بالتسوق لأعياد الميلاد في ديسمبر، إلى تجهيزها وشحنها مقدماً بأشهر، لذا من المحتمَل أن يؤدي عدم اليقين الحالي إلى تغذية توقعات غير صحيحة، وعدم توفر البضائع في الأرفف قي الوقت المحدد.

2. الاضطرابات العمالية

أضرب عمال الرصيف في المواني بألمانيا والمملكة المتحدة، فيما يُتوقّع أن تغلق مراكز الشحن في أيرلندا بسبب الإضرابات في ميناء ليفربول الذي تمرّ به البضائع عبر البحر الأيرلندي. طرح بعض النقابات في المملكة المتحدة فكرة الإضراب المنسق في الأشهر المقبلة، مما قد يسبّب مزيداً من الاضطراب في سلاسل التوريد.

بالإضافة إلى ذلك، استمر هذا العام نقص سائقي الشاحنات في أوروبا الذي كان خلال عام 2021. في واقع الأمر، امتدّ نقص العمالة إلى قطاعات أخرى تدعم سلاسل التوريد، بما في ذلك المواني والمستودعات، فضلاً عن إضراب عمال المطارات في عدد من المطارات العالمية.

3. نقص الطاقة

لم يعد التضخم مشكلة لأسعار الموادّ الغذائية فحسب، بل ولتكاليف الطاقة. يجبر ارتفاع أسعار الغاز وانخفاض الإمدادات من روسيا، الشركات الأوروبية على البحث عن مصادر طاقة بديلة مثل الفحم، فيما يُظهِر البحث من غرف الصناعة والتجارة الألمانية أن 16% من شركاتها تتوقع إما تقليص الإنتاج وإما وقف العمليات التجارية جزئياً.

لكن حتى البلدان الأقل اعتماداً على الغاز الروسي تشهد ارتفاعاً في أسعار الطاقة، له عواقب وخيمة على الشركات.

من جانبهم، يخفض تجار التجزئة الأمريكيون توقعات مبيعاتهم، ويشعر صانعو السيارات في المملكة المتحدة بالقلق بشأن إنتاج سيارات جديدة. وفي جنوب غرب الصين بدأت بالفعل مصانع تجميع السيارات ومصانع الإلكترونيات الإغلاق بسبب نقص الطاقة، ومن شأن كل هذه الاضطرابات أن تسبّب تموجات واختلالات على طول سلاسل التوريد العالمية.

4. عدم اليقين الجيوسياسي

تُعتبر الحرب في أوكرانيا أحد الأسباب الرئيسية لكثير من الدول التي تعاني تضخُّم أسعار الطاقة والغذاء في الوقت الحالي.

ففي حين غادر بعض سفن الحبوب أوكرانيا الآن، وفُتح بعض خطوط الإمدادات الهامة التي ستعالج المجاعة في بلدان مثل اليمن، إلا أنه لابد من بذل المزيد من الجهود حتى تحلّ أزمة الإمدادات الغذائية العالمية.

يمكن لأي تصعيد إضافي للتوترات في العالم، بخاصة بين الصين وتايوان، أن يعطل مثلاً سلاسل التوريد التي تقدّم قطع أشباه الموصلات المستخدمة في أجهزة الكمبيوتر للمصنّعين في جميع أنحاء العالم.

5. قساوة الطقس

يُعَدّ تغيُّر المناخ مشكلة طويلة الأمد لسلاسل التوريد. تَسبَّب الجفاف هذا العام في انخفاض مستويات المياه في جميع أنحاء العالم، مما أثر في طرق إمداد الشحن الرئيسية.

تعني المياه المنخفضة أن السفن لا يمكنها حمل سوى جزء صغير من حمولتها التي كانت تحملها عادة لتقليل مخاطر الجنوح أو الغرز في قاع النهر. صحيح أن بالإمكان تحويل الشحن إلى أنواع أخرى من النقل، والاستعاضة ببدائل أخرى، ولكن قد تتطلب السفينة الواحدة أكثر من 500 شاحنة لنقل حمولتها.

في الأشهر الأخيرة أُغلقَت أمام السفن أجزاء من نهر اليانغتسي الصيني الذي كان يُنقَل فيه 45% من الناتج الاقتصادي للبلاد، لأن مستويات المياه أقلّ من المعتاد بـ50%، كما يعاني ثلثا أوروبا ظروف الجفاف المتوقع أن تزداد سوءاً.

TRT عربي