"عيد الميلاد الدامي"..  جراح إبادة جماعية لم تندمل في قبرص التركية
رغم مضي 59 عاماً على ارتكابها، لم تغادر مجزرة "عيد الميلاد الدامي" التي ارتكبها مقاتلو منظمة (EOKA) القبرصية اليونانية الإرهابية، ذاكرة القبارصة الأتراك. وأدت الإبادة الجماعية آنذاك إلى استشهاد 364 شخصاً بينهم أطفال ومسنون.
 ارتكب مقاتلو منظمة (EOKA) القبرصية اليونانية الإرهابية مجزرة ضد المسلمين الأتراك في جزيرة قبرص. / صورة: AA (AA)

تستذكر جمهورية شمال قبرص التركية، اليوم الذكرى السنوية الـ59 لمجزرة "عيد الميلاد الدامي"، التي ارتكبها مسلحو منظمة (EOKA) القبرصية الرومية الإرهابية ضد مدنيين من أبناء المكون التركي المسلم في الجزيرة.

وفي 21 ديسمبر/كانون الأول 1963، شن مسلحو منظمة (EOKA) القبرصية الرومية الإرهابية سلسلة هجمات استهدفت القبارصة الأتراك، ما أدى إلى استشهاد 364 شخصاً وإخلاء 103 قرى ذات غالبية تركية مسلمة في الجزيرة.

وقال الدكتور خسرو داغسون، أحد الناجين من المجزرة والشاهدين الأحياء على أحداث عيد الميلاد الدامي، وإسماعيل بوزقورت، الذي قاتل تحت مظلة قوات المقاومة التركية ضد جرائم القبارصة الروم، إن أحداث عيد الميلاد الدامي لا تزال حيّة متّقدة في ذاكرة القبارصة الأتراك، رغم مضي 59 عاماً على تلك الأحداث الدامية.

وأضاف داغسون الذي كان يعمل طبيب أسنان في لفكوشا (نيقوسيا) آنذاك، أن القبارصة الروم (اليونانيين) نظموا عديداً من الهجمات المسلحة ضد المدنيين من القبارصة الأتراك، وذلك قبل أحداث عيد الميلاد الدامي.

وأشار داغسون أن الجميع كان يشعر بأن شيئاً ما سيحدث ضد القبارصة الأتراك في الجزيرة، إلى أن شنّ مسلحو منظمة (EOKA) القبرصية الرومية الإرهابية في ليلة 20-21 ديسمبر/ كانون الأول من عام 1963 بشكل منهجي هجمات مسلحة ضد القبارصة الأتراك.

وذكر داغسون أنه هرع في تلك الليلة لتقديم العلاج للمصابين والتأكد من وفاة الضحايا قبل دفنهم في مقابر جماعية، مشيراً إلى أنه شهد بأم العين جريمة القتل الجماعي التي تعرض لها القبارصة الأتراك من سكان منطقتي "آيواصل" و"تورك ايلي" شمالي قبرص.

وقال: "الأحداث كانت عبارة عن إبادة جماعية ممنهجة ضد القبارصة الأتراك. كانت عملية تطهير عرقي مكتملة الأركان. نسأل الله ألا نعيش أحداثُا مشابهة مرة أخرى. وفي تلك الليلة ذهبت إلى منطقة "تورك ايلي" التي شهدت أحداثاً دامية ضد القبارصة الأتراك. كان الطقس بارداً وممطراً. بدأنا البحث عن الضحايا في أحد الحقول. حفرنا أماكن المقابر الجماعية واستخرجنا جثث الشهداء وأرسلناهم إلى لفكوشا من أجل التعرف على أصحاب الجثث. لم نتمكن من تحديد هوية جميع الجثث لأن بعضها كان مشوهاً تماماً".

وأضاف: "رأيت آثار التعذيب وكانت واضحة على أجساد الضحايا. جرى نقل الجثث في شاحنات، وإعادة دفنها بعد تحديد هوية معظمها. معظم الشهداء أصيبوا برصاصات في الصدر والظهر. كانوا جميعاً من المدنيين العزل. ما زلت أشعر بالأسى على الضحايا رغم مرور 59 عاماً على تلك الأحداث".

وكشف داغسون أن الطفلة عائشة، التي أُخرجت جثتها من إحدى المقابر الجماعية التي ارتكبها القبارصة الروم ضد القبارصة الأتراك خلال عيد الميلاد الدامي، في منطقة تورك ايلي، لا تزال ماثلة في ذاكرته حتى الآن.

وقال: "بعض الأشخاص الذين كان يحفرون الأرض لاستخراج جثث الضحايا أغمي عليهم عند رؤية جثث الشهداء، وخاصة الأطفال. كانت إحدى الجثث صغيرة جداً. كانت جثة عائشة الصغيرة. جرى إخراجها من المقبرة الجماعية. وأخذتها بين ذراعي وسرعان ما فقدت الوعي لهول الموقف. لا يزال قلبي يؤلمني عليها حتى الآن. لقد كانت قصتها مؤلمة للغاية. لقد جرى إطلاق النار على الفتاة المسكينة بعد قتل والدتها ووالدها وخالتها وعدد كبيرة من أقاربها".

القبارصة الروم هاجموا لفكوشا من جميع الجهات

من جهته، قال إسماعيل بوزقورت، أحد المقاتلين في صفوف المقاومة التركية في قبرص وشغل منصب وزير الثقافة والسياحة بعد تأسيس جمهورية شمال قبرص التركية، إن القبارصة الروم حاولوا الاستيلاء على لفكوشا خلال أحداث عيد الميلاد الدامي.

وأضاف: "لقد سعى مسلحو القبارصة الروم لكسر مقاومة الأتراك من خلال إزهاق أرواح المدنيين. هاجموا لفكوشا من جميع الجهات ما اضطرنا إلى حمل السلاح والمقاومة دفاعاً عن أنفسنا. قاتلنا ضد هجمات القبارصة الروم من عام 1963 وحتى عام 1974، وهو العام الذي انطلقت فيه عملية السلام القبرصية التركية".

وأشار بوزقورت إلى أن معظم ضحايا المجزرة كانوا من المدنيين، وأن المسلحين الروم ذبحوا أطفالاً من القبارصة الأتراك تبلغ أعمارهم 6 أشهر فقط، فيما بلغ أعمار بعض الضحايا 80 عاماً. هذه الأحداث لا يمكن وصفها بأي شيء سوى الإبادة الجماعية.




TRT عربي - وكالات