عبّر الأردنيون عن موقفهم الرافض لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في حق المدنيين في قطاع غزة المحاصر، وذلك من خلال المظاهرات والاحتجاج والتبرّعات.
فيما اختار آخرون التعبير عن هذا التضامن عبر الفن، وهؤلاء فنانون نظموا معارض فنية تعكس معاناة الشعب الفلسطيني، وخصصوا عائداتها لدعم سكان غزة.
الفن من أجل غزة
اختلفت تعبيرات الشعب الأردني في دعمه للفلسطينيين، باختلاف توجهات وانتماءات أبنائه منذ بدء الحرب على قطاع غزة، في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومن المواطنين الأردنيين من شارك في المظاهرات السلميّة في مختلف محافظات المملكة، أما آخرون فكان تعبيرهم نابعاً من هويتهم وعملهم فنانين ورسامين، يعبّرون بالفن عن موقفهم الأخلاقي والسياسي تجاه ما يحدث من جرائم في حق غزة.
ونظّمت رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين معرضاً فنياً تشكيليّاً نصرة لغزة، في مركَزَي عروض مختلفيْن في العاصمة عمّان.
وعُرض جزء من الأعمال الفنية المشاركة في "المركز الثقافي الملكي"، فيما عُرض الجزء الآخر داخل "جامعة العلوم التطبيقية الخاصة"، ويشارك في تنظيم الحدث الفني كلّ من كلية الفنون والتصميم البصري والرابطة.
ويضم المعرض لوحات فنية تشكيلية، أبدعتها أنامل فنانين أردنيين، أحبّوا التعبيرعمّا يجري بداخلهم من حزن وغضب، بريشتهم وألوانهم، فيما ستذهب عائدات مبيعات جميع اللوحات التي تُباع في المعرض إلى غزة، عن طريق الجهات الحكومية الأردنية.
معرض مُميّز
ويوضح رئيس رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين عبدالله التميمي، أن ما يميز المعرض هو مشاركة نخبة مميزة من الفنانين التشكيليين الأردنيين.
ويضيف التميمي في حديثه لـTRT عربي، أن ما يميّز المعرض أيضاً هو ما يحتوي عليه من "مجموعة رائعة من اللوحات الفنية المعبرة عن الأحداث التي تمر بها الأراضي الفلسطينية".
ويرى رئيس رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين في تقييمه للأعمال المشاركة بأن "اللوحات الفنية المعروضة ذات أساليب متنوعة وأفكار تشكيلية جميلة، تعكس الواقع الحقيقي الذي نعيشه هذه الفترة".
من جانبه يقول الفنان التشكيلي طارق عبد الهادي، المشارك في المعرض، إن اختياره المشاركة بأعماله يأتي لاستعمال الفن وسيلة من أجل نقل مشاعر الفنانين تجاه مجريات الأحداث في غزة إلى العالم.
ويبيّن عبد الهادي في حديثه مع TRT عربي، أن هذه الفكرة نشأت بناءً على رغبة مجموعة من الفنانين التشكيليين، في المساهمة بكل الوسائل المتاحة أمامهم، في نقل رسالة الشعب الفلسطيني إلى العالم.
ويضيف أنّ ذلك "يظهر من خلال اللوحات المعروضة"، لافتاً إلى أن الأعمال "تباع للحصول على عائدات، تُحوّل دعماً إلى غزة، من أجل مساعدة أهلنا هناك بالوسائل التي نملكها".
فيما يتعلق بفكرة تقديم المعرض في مكانين مختلفين، أحدهما جامعة العلوم التطبيقية الخاصة، يوضح عبد الهادي أن هذا الخيار جاء انطلاقاً من رغبة الفنانين والمنظمين في الوصول إلى فئات مجتمعية مختلفة، مؤكداً أن "الغرض هو الوصول إلى المتلقّي سواء في مكان عمله أو دراسته".
ويعتبر أن تنظيم المعرض في مواقع متعدّدة يمكن له المساهمة في إثراء مستوى التفكير لدى جمهور المعرض، مشيراً إلى أن "من ضمن الأهداف التي يسعى المعرض لتحقيقها، هو نقل رسالة إيجابية إلى أهلنا المحاصرين في غزة، ونؤكد لهم أننا نقف إلى جانبهم وسنقدم الدعم اللازم لهم".
ويلفت الفنان التشكيلي إلى أن تنظيم المعرض داخل جدران الجامعة أيضاً، كان "محطة مهمة جداً في مشوار خطة التثقيف لجمهور الشباب"، خصوصاً أن "جزءاً من اللوحات المعروضة كانت مشاركات فنية من طلبة الفنون في الجامعات الأردنية".
ويبين عبد الهادي أن نتيجة هذا التوجه كانت الوصول إلى "تفاعل رائع مع الكبار والصغار من الجمهور، مما أعطى لرابطة الفنانين التفاؤل بأن الفكرة من الوصول إلى باب المتلقي هو أمر جيد جداً يعطينا دافعاً للاستمرار".
لوحات إنسانية
أما الفنّان أحمد شاويش، وهو أحد الفنانين المشاركين في المعرض، فيؤكّد أن الرسالة التي أراد إيصالها من خلال لوحاته الفنية، تتركز حول قصص الإخوة الذين ظلوا يدعم بعضهم بعضاً بعد فقدانهم لأهلهم.
ويضيف شاويش لـTRT عربي، أن هؤلاء "لم يبقَ لهم السند والمعيل عقب فقدانهم ذويهم في الحرب الإسرائيلية على غزة"، ما يدفعه إلى أن يسعى من خلال هذه اللوحات إلى "توثيق التاريخ، لكي لا ينسى العالم ما حدث وما مرّت بهذه الأرواح البريئة".
لم تقتصر رسالة شاويش على هذا، بل كانت لديه رسالة أخرى يريد إيصالها، تتمثل في الحديث عن حالة الآباء الذين فقدوا أبناءهم جرّاء القصف والغارات الإسرائيلية التي استهدفت المنازل والمستشفيات والمباني المدنية.
ويوضح أن شعوره لا يختلف عن مشاعر الجمهور من عامة المواطنين وطلبة الجامعات، عازياً ذلك إلى أن الأردنيين يتشاركون الألم والحزن نفسه تجاه الأبرياء الذين يقتلون في غزة.
ويلفت الشاويش إلى أن مشاعره وهو يرسم اللوحات، كانت تؤكد أن هؤلاء الناس لا تصل صورهم إلى العالم بالشكل الذي يجب أن تصل به، فكأنهم "يعيشون في كوكب آخر، مختلف عمّا نسمعه في الإعلام".
ويستدرك: "هنا نشعر أن هؤلاء الناس في جانب آخر من العالم، لا تنطبق عليهم لا حقوق الإنسان، ولا الحريات الشخصية، ولا حقوق الطفل".
يُذكر أن دولاً عربية وإسلامية وغربية عدّة شهدت تنظيم معارض وعمليات بيع لأعمال فنية دعماً لسكان قطاع غزة، الذي يتعرض للحرب منذ قرابة الشهرين.
ويرى الفنانون الذين يشاركون في هذه المبادرات أن من أدوارهم نصرة القضايا العادلة، ومن ضمنها القضية الفلسطينية الذين تعرضوا لجرائم ترقى، وفق منظمات حقوقية، إلى جرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي.