مخططات سرية وعلنية.. ما سيناريوهات إسرائيل وأمريكا للحكم في غزة؟
ما بين السري والعلني، وما قد يكون واقعياً وآخر مستحيل التنفيذ، إليكم في هذا التقرير أبرز السيناريوهات التي تُحاك في واشنطن وتل أبيب لإدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
مخططات سرية وعلنية.. ما سيناريوهات إسرائيل وأمريكا للحكم في غزة؟ / صورة: AFP (AFP)

بعد التصريحات التي نقلتها هيئة البث الإسرائيلية عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي أكد فيها لنواب بالكنيست ومسؤولين أمريكيين أنه لن توجد سلطة فلسطينية في قطاع غزة على الإطلاق، عادت إلى الأضواء مجدداً السيناريوهات التي يحيكها كل من تل أبيب وواشنطن لحكم غزة في المستقبل.

وفي تقرير حديث نشرته، الاثنين، أشارت صحيفة بوليتيكو إلى أن الإدارة الأمريكية بصدد إعداد خطة استراتيجية تتعلق بقطاع غزة ما بعد الحرب الإسرائيلية.

وخلال عمر العدوان الذي شارف على دخول الشهر الثالث، تزاحمت السيناريوهات التي وُضعت في إسرائيل والولايات المتحدة لإدارة غزة بعد انتهاء الحرب و الآمال بالقضاء على المقاومة الفلسطينية، في مشهد من التخبط الإسرائيلي الداخلي والخلاف مع واشنطن ما بين خطط سرية وعلنية.

سيناريو قدوم سلطة فلسطينية متجددة

في الوقت الذي يرفض نتنياهو فكرة أن تتولى سلطة فلسطنية الحكم في غزة بعد انتهاء العدوان، قالت بوليتيكو إن مسؤولي إدارة بايدن قد أمضوا أسابيع في صياغة خطة لعب متعددة المراحل لمرحلة ما بعد الحرب، وتتصور سيطرة السلطة الفلسطينية المتجددة في نهاية المطاف على قطاع غزة.

وحسب الصحيفة الأمريكية، فعلى الرغم من أنه حل غير مثالي، فإن المسؤولين الأمريكيين ينظرون إليه باعتباره أفضل الخيارات السيئة للمنطقة، خاصة بعد أن أدى العدوان الإسرائيلي إلى تدمير البنية التحتية وقتل الآلاف من الفلسطينيين وتشريد أكثر من 1.5 مليون آخرين.

وأشارت الصحيفة إلى أن مثل هذا السيناريو يمكن أن يضع الولايات المتحدة على مسار تصادمي مع الحكومة الإسرائيلية.

وفي وقت سابق، قال جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن السلطة الفلسطينية هي الوحيدة التي يمكنها إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب. وأضاف خلال مشاركته في حوار المنامة: "حماس لا يمكنها إدارة غزة بعد الآن.. إذاً مَن سيدير غزة؟ أعتقد أن السلطة الفلسطينية هي الوحيدة التي تستطيع".

وفي هذا السياق، سبق أن قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إن السلطة يمكن أن تضطلع بدور في إدارة غزة إذا وُجد حل سياسي كامل، في إشارة إلى اتخاذ خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ 1967، يشمل أيضاً الضفة الغربية المحتلة.

من جانبها أدانت حماس تصريحات البيت الأبيض المتعلقة بمستقبل غزة دون حماس، وأوضح القيادي في الحركة أسامة حمدان أن الولايات المتحدة تحاول تشكيل قيادة سياسية فلسطينية وفق معاييرها.

وأكد حمدان خلال مؤتمر صحفي مطلع الشهر الماضي، أن اختيار قيادة الشعب الفلسطيني شأن فلسطيني صرف يكون عبر الانتخابات.

سيناريو المنطقة العازلة

حسب ما نقلت رويترز عن مصادر إسرائيلية، مطلع الشهر الجاري، أبلغ نتنياهو وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن إسرائيل تنوي إقامة "منطقة عازلة" والسيطرة أمنيّاً على قطاع غزة بعد انتهاء الحرب. وقال مصدر أمني إسرائيلي رفيع إن "إسرائيل تريد إقامة منطقة عازلة من شمال حتى جنوب غزة لمنع حماس وآخرين من التسلل ومهاجمتها".

وذكر مسؤول أمريكي أن إسرائيل عرضت علينا قضية "المنطقة العازلة"، لكنه شدد على أن واشنطن تعارض كل خطة من شأنها أن تقلص مساحة الأراضي الفلسطينية.

من جهته، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي: "لا ندعم تقليص المساحة الجغرافية لقطاع غزة، يجب أن تظل أرضاً فلسطينية ولا يمكن تقليص مساحتها".

سيناريو عودة الاحتلال

تصريحات نتنياهو الأخيرة وحديثه عن المنطقة العازلة في غزة توحي برغبة الحكومة الإسرائيلية، وخصوصاً أركانها اليمينية المتطرفة، في عودة جيش الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على القطاع عسكريّاً وأمنيّاً كما كان الأمر حتى عام 2005.

يذكر أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قد أعلن أمام لجنة الشؤون الخارجية بالكنيست يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن العملية العسكرية الإسرائيلية ضد حماس والمقاومة قد تستمر لعدة أشهر. ولكن بعد المهمة العسكرية، قال إنه سيجري إنشاء "نظام أمني جديد" في غزة وستنتهي "مسؤولية إسرائيل عن الحياة اليومية في قطاع غزة". ولم يوضح كيف يمكن أن يبدو وضع ما بعد الحرب بشكل ملموس، ومن سيحكم المنطقة.

وعلى فرض أن إسرائيل تمكنت من فعل ذلك مرة أخرى، فإن مثل هذه الخطوة يمكن أن تثير أيضاً "هجمات مسلحة جديدة، مما سيكون له أيضاً تأثير إشكالي في توازن القوى الإقليمي"، حسب ستيفان ستيتر، أستاذ السياسة الدولية بجامعة القوات المسلحة الفيدرالية الألمانية في ميونيخ، خلال حديث له مع DW.

سيناريو القوات والإدارة الدولية

وفقاً لما أورده تقرير موسع لمعهد الشرق الأوسط، يتمثل السيناريو الرابع في نشر قوة دولية قوية لضمان نزع السلاح الشامل والأمن، مع وضع قطاع غزة تحت إدارة دولية مؤقتة. وهذا يتطلب استصدار قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بموجب الفصل السابع، وهو ما يبدو غير مرجح إلى حد ما في المستقبل المنظور، نظراً إلى الطريق المسدود بين دول حق النقض في المجلس، الولايات المتحدة من ناحية وروسيا والصين من ناحية أخرى. علاوة على ذلك، انخفض الحماس الدولي تجاه بعثات حفظ السلام القوية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.

وسبق لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن صرح سابقاً بأن "الولايات المتحدة ودولاً أخرى تدرس مجموعة من البدائل المحتملة لمستقبل قطاع غزة، إذا جرى عزل المقاومة الفلسطينية عن الحكم".

وحتى لو أمكن التوصل إلى اتفاق دولي، فإن إسرائيل ستظل على الأرجح مصرة على تدابيرها الأمنية، والمناطق العازلة (كما في السيناريو الثاني).. علاوة على ذلك، فإن الأمم المتحدة و/أو الدول المساهمة بقوات ستطالب بأن يكون نشر القوات جزءاً لا يتجزأ من عملية حل الصراع السياسي على المدى المتوسط، يليه نقل السيطرة على غزة إلى السلطة الفلسطينية. ومن المرجح أن ترفض إسرائيل كلا الأمرين، خصوصاً في ظل حكومة اليمين المتطرف الحالية.

حرب نفسية

في المقابل، يشكك كثير من الباحثين والخبراء بالمخططات الإسرائيلية وواقعيتها وإمكانية تطبيقها، في ظل الحرب الإعلامية والنفسية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي بالتوازي مع عدوانه المتواصل.

المحلل السياسي ومدير جامعة القدس المفتوحة في بيت لحم أسعد العويوي أوضح أنه لا يرى "إمكانية لإنهاء حركة حماس وبالتالي حكمها".

وقال العويوي في مقابلة صحفية أن حركة حماس "حركة تحرر وطني راسخة في وجدان الشعب الفلسطيني وجزء أصيل منه، وليست نفقاً أو بناية يتم القضاء عليها".

وأشار العويوي إلى أن أصحاب مشروع الإدارة البديلة "يستبقون الأحداث، فنتيجة المعركة هي التي ستحسم الأمور، وليس بوسع الولايات المتحدة ولا إسرائيل ولا القوى الغربية إنهاء روح المقاومة عند الشعب الفلسطيني، أو تنصيب إدارة لقطاع غزة".

واعتبر العويوي أن التصريحات الأمريكية، هي جزء من الحرب النفسية على الشعب الفلسطيني.

TRT عربي