مرض عارضات الأزياء يجتاح العالم.. اضطرابات الأكل العصبية
خلال القرن الماضي عانى كثير من عارضات الأزياء والمشاهير اضطرابات الأكل العصبية، ومن أشهرهم أنجيلينا جولي المصابة بمرض فقدان الشهية العصبي، والأميرة ديانا التي كانت مصابة بمرض النهام العصبي.
مرض عارضات الأزياء (Getty Images)

اعتادت الأنظار رؤية نحافة المشاهير وعارضات الأزياء، حتى أصبح المتعارَف عليه أن جمال المرأة مرتبط بنحافتها، ونتيجة لهذا التصور أصبحت اضطرابات الأكل العصبية شائعة ومتعارَفاً عليها، ومن ضمنها مرض النهام العصبي Bulimia Nervosa ومرض فقدان الشهية العصبي Anorexia Nervosa، ويُعتبر كلاهما مرضاً خطيراً يهدّد الصحة ويهدّد الحياة، ويجب علاجه بمساعدة المختصين.

خلال القرن الماضي عانى كثير من عارضات الأزياء والمشاهير اضطرابات الأكل العصبية، ومن أشهرهم أنجيلينا جولي المصابة بمرض فقدان الشهية العصبي، والأميرة ديانا التي كانت مصابة بمرض النهام العصبي، وكيت وينسلت المصابة بمرض النهام العصبي، وغيرهن كثير، مثل جيسيكا ألبا، وليدي غاغا، وليندزي لوهان.

إن انتشار التصور حول ارتباط الجمال بالنحافة أدّى إلى انتشار هذه الاضطرابات بشكل كبير، بخاصة بين الفتيات في سن المراهقة، إذ أصبحت الفتيات يطمحن لتكون أجسامهن مماثلة لأجسام عارضات الأزياء وأيقونات الجمال، ولو وصلن إلى هذا الجسم بطريقة خاطئة قد تؤدّي إلى الموت، وهو ما أصبح ملاحَظاً بشكل كبير كسلوك للفتيات في الدول العربية في الآونة الأخيرة.

مرض النهام العصبي Bulimia Nervosa

لمرض النهام العصبي مسميات عديدة متعارف عليها، مثل بوليميا، والشره العصبي، أو الشره المرضي العصبي، وهو عبارة عن اضطراب أكل يتميز بنوبات الشراهة يتبعها التطهير أو التفريغ، ويصيب هذا الاضطراب الأشخاص نتيجة لعدم رضاهم عن شكل الجسم، بغضّ النظر عن حالتهم التغذوية من نحافة أو سمنة أو وزن طبيعي.

يتناول المصابون بهذا الاضطراب الطعام بشراهة كبيرة، بحيث يتناولون كميات كبيرة من الطعام خلال فترة زمنية قصيرة، ثم يبدأ شعور بتأنيب الضمير أو لوم الذات الذي يؤدي بهم إلى بدء التطهير، الذي يعني التخلص من كمية الأكل والسعرات الحرارية المستهلَكة خلال نوبة الشراهة.

التطهير يتم من خلال أي وسيلة ممكنة تخلّص المصاب من السعرات الحرارية التي استهلكها، بغضّ النظر عن مدى ضرر هذه الوسيلة صحياً ونفسياً، ومن أشهر طرق التطهير التقيؤ المتعمَّد، وتناول العلاجات الدوائية التي تسبّب الإسهال، كالمليّنات، وتناول المكملات الغذائية، وخلطات الأعشاب، والحقن الشرجية، ووسائل أخرى كالصيام أو ممارسة التمارين الرياضية بشكل مفرط ومرهق للجسم.

ومن ثَم يعاود الشخص الكَرّة بعد نوبة الشره التالية وبشكل متكرر حتى يصبح نمط حياة دائماً يرافقه إرهاق نفسي واكتئاب وفقدان شديد للوزن، إضافة إلى المضارّ المرافقة لوسيلة التطهير المستخدَمة، فمثلاً التقيؤ المتعمد المتكرر يؤدّي إلى تقرحات في المريء وارتجاع مريئي، أما استخدام المسهلات والحقن الشرجية والخلطات العشبية المسهلة فيسبّب الجفاف واضطرابات في الجهاز الهضمي وجهاز الإخراج.

يُعتبر سوء التغذية إحدى المشكلات الصحية المصاحبة للبوليميا، إذ إن الشخص لا يستفيد من العناصر الغذائية في الطعام المستهلَك نظراً إلى عمليات التطهير المتبَعة بعد نوبة الشره، مما يؤدي إلى فقدان الجسم مخزونه من العناصر الغذائية من فيتامينات ومعادن، إضافةً إلى الهزال وأعراض كالغثيان والتعب والدوار والصداع والأرق والإغماء والانعزال عن المجتمع.

مرض عارضات الأزياء (Getty Images)

مرض فقدان الشهية العصبي Anorexia Nervosa

يُعتبر مرض فقدان الشهية العصبي المرض الأكثر شهرة في عالم الأزياء fashion world، لأن عارضات الأزياء يتبعن أنظمة غذائية صارمة ويتعرضن لضغوط نفسية تتعلق بالوزن وشكل الجسم، مما يؤدّي لاحقاً إلى اضطراب نفسي مرتبط بفقدان الشهية بشكل كامل، نتيجة لتصوُّر خاطئ عن شكل الجسم، تظنّ معه المصابة به أنها تعاني الوزن الزائد، فيما تكون حالتها التغذوية هي النحافة بدرجة كبيرة.

خوفاً من زيادة الوزن وحدوث تغيرات في شكل الجسم تتجه العارضات إلى التوقف التامّ عن تناول الطعام، ومن ثم فقدان الشهية الذي يتمثّل بعدم الشعور بالرغبة في تناول الطعام، يصاحبه الشعور بالغثيان عند رؤية الطعام أو شم رائحته، إضافة إلى الرغبة في الاستفراغ عند تناول الطعام، ومحاسبة الذات بشكل مفرط على كمية الطعام المستهلكة قد تصل إلى محاسبة النفس على تذوُّق صنف طعام معيَّن بكمية لا تتجاوز جراماً واحدًا، أو ربع ملعقة شاي صغيرة.

نفسياً يرافق المرض الشعور بالاكتئاب والرغبة في الانعزال عن العالم، إضافة إلى مشكلات صحية كسوء التغذية والنحافة، ونظراً إلى تساوي النحافة مع تقدير الذات لدى الشخص المصاب بالاضطراب، فإنه يستمرّ في السعي لفقدان الوزن، ويخاف بشدة من اكتسابه، ولو وصل إلى مراحل متقدمة جداً من النحافة وسوء التغذية.

يُعتبر هذا الاضطراب مهدداً للحياة، إذ يستمر الشخص بلا توقُّف في فقدان الوزن بشتى الطرق، بخاصة الامتناع التامّ عن تناول الطعام، ومن أعراض هذا الاضطراب الدوخة والإغماء، وزرقة الأطراف، والجفاف، وارتفاع ضغط الدم، وفقر الدم، وانقطاع الدورة الشهرية، وخلل الهرمونات الأنثوية، عدم القدرة على الإنجاب، وآلام البطن، وتساقط الشعر، وتآكل الأسنان، وغيرها كثير، وكلها نتيجة لعدم تروية وتغذية الجسم مما يسبّب سوء التغذية وفقدان الجسم القدرة على أداء النشاطات اليومية البسيطة.

الوقاية والعلاج من اضطرابات الأكل العصبية

فعلياً لا طريقة للوقاية من اضطرابات الأكل العصبية، إذ إن كثيراً من العوامل يُعتبر مؤثراً للإصابة بها، ولكن بالتأكيد توجد خطوات تساعد على تجنُّب الوصول إلى مراحل متقدمة، من أهمّها ملاحظة الشخص السلوك التغذوي لنفسه، أو من الأشخاص المقربين منه، فمثلاً اهتمام الشخص الزائد بحساب السعرات الحرارية التي يستهلكها وامتناعه عن الطعام وجلده ذاته يُعتبر مؤشراً، وكذلك محاولاته تطهير جسمه من السعرات الحرارية المستهلَكة، إضافةً إلى وضوح الإدراك المشوَّه لديه لشكل الجسم والحالة التغذوية الذي يتمثّل باعتقاد الشخص أنه يعاني وزناً زائداً، أو جسمه يختزن دهوناً، وأنه يجب أن يفقد الوزن، فيما وزنه مثاليّ أو يعاني النحافة.

التوعية و الإدراك لهما أهمية بالغة بخاصة في سنّ المراهقة والشباب، إذ يجب توعية الفرد، بخاصة الإناث، أن الجمال لا يرتبط بالنحافة، بل تُعتبر النحافة مؤثراً سلبياً على الجمال وسلامة الجسم، وأن الصورة التي تعكسها أجساد عارضات الأزياء لا تُعتبر حقيقية.

في حال كان الشخص مصاباً بأحد الاضطرابات أو يمكن ملاحظة احتمالية إصابته بها نتيجة لسلوكياته العصبية والغذائية، فيجب عدم الانتظار والتوجه بشكل مباشر إلى مختصّ نفسيّ أو مرشد بالتنسيق مع مختصّ التغذية والطبيب لتقديم خطة متكاملة نفسية وتغذوية وطبية بهدف العلاج وتجنُّب الوصول إلى حالات متقدمة قد تتطلب دخول مصحات نفسية للعلاج المكثف.

TRT عربي