اتفق رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك ونظيره الهولندي مارك روته، يوم الثلاثاء، على إطلاق مبادرة من أجل تسليم المقاتلات الجوية الأمريكية "F-16" لأوكرانيا، في إطار الدعم العسكري الذي تقدمه البُلدان الغربية للقوات الأوكرانية لمقاومة العملية العسكرية المستمرة منذ فبراير/شباط 2022.
ويدخل هذا الاتفاق فيما يسمى "حلف المقاتلات الجوية"، الذي دعا الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي إلى تشكيله خلال جولته الأوروبية الأخيرة. كما يؤشر على حلحلة القادة الأوروبيين للانسداد الذي كان حاصلاً في مسألة تسليم كييف هذه الأسلحة، وبدأت تلاشي مخاوفهم بشأن هذا الأمر.
حلف دولي للمقاتلات الجوية
كشفت رئاسة الحكومة البريطانية، يوم الثلاثاء، أن لندن تعتزم بناء "تحالف دولي" لمساعدة أوكرانيا في الاستحصال على طائرات مقاتلة من طراز "F-16"، وذلك إثر لقاء جمع بين رئيس الوزراء ريشي سوناك ونظيره الهولندي مارك روته.
وقال متحدث باسم "داونينج ستريت" إن سوناك وروته: "سيعملان على بناء تحالف دولي لتزويد أوكرانيا بقدرات جوية قتالية، ودعمها بكل ما يلزم ذلك، من التدريب إلى شراء طائرات F-16".
وفي السياق ذاته، أضاف المتحدث أن سوناك "جدّد التأكيد على أن المكان الصحيح لأوكرانيا هو في حلف شمال الأطلسي"، مضيفاً أن رئيسَي الوزراء "اتّفقا على أهمية أن يزوّد الحلفاء أوكرانيا بمساعدة أمنية طويلة الأمد لضمان قدرتها على ردع هجمات مستقبلية".
ويأتي هذا القرار استجابة لطلب الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي، خلال جولته الأوروبية الأخيرة نهاية الأسبوع المنصرم، والتي التقى في ختامها رئيس الوزراء البريطاني. وقال الرئيس الأوكراني في تصريحاته في لندن: "لا يمكننا إحكام قبضتنا على السماء (...)، نريد إنشاء تحالف طائرات مقاتله لهذا الهدف، وأنا متفائل جدّاً به".
وتَعهَّد رئيس الوزراء البريطاني ريتشي سوناك، عقب ذلك اللقاء، بأنه سيطرح القضية في اجتماع قمة مجلس أوروبا، التي جرى في أيسلندا يوم الثلاثاء، وأيضاً في قمة مجموعة السبع القادمة.
وجدد زيلينسكي مطالبه أيضاً في القمة الأوروبية بريكيافيك، حيث ألقى خطاباً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، قال فيه أنه: "بالنظر إلى الحجم الهائل للبلاد، نحتاج إلى أنظمة دفاع جوي وصواريخ إضافية. نحتاج أيضاً إلى طائرات مقاتلة حديثة، والتي بدونها لن يكون نظام دفاع جوي مثالياً. وأنا متأكد من أننا سنصل إلى هناك".
وفي السياق ذاته، وبعد مباحثات جمعت وزير دفاع بريطانيا بن والاس، ونظيره الألماني بوريس بيستوريوس، في برلين يوم الأربعاء، صرّح والوزيران بأن القرار النهائي في تسليم المقاتلات لأوكرانيا راجع إلى واشنطن. وقال ولاس للصحفيين: "إن الأمر متروك للبيت الأبيض ليقرر ما إذا كان يريد تسليم هذه التكنولوجيا إلى أوكرانيا".
هل كسرت أوروبا تابو تسليم الـ"F-16" لأوكرانيا؟
منذ حصولها على الموافقة الغربية بشأن الدبابات، أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، تكثف أوكرانيا جهودها للحصول على المقاتلات الجوية الغربية. غير أن الغرب متردد حتى الآن في الموافقة على ذلك، وسط مخاوف بشأن المزيد من التصعيد العسكري، بالإضافة إلى الحواجز التقنية التي تحول دون استفادة الجهود العسكرية الأوكرانية منها.
هذا التردد الذي يبدو أنه في طريقه إلى الحلحلة مع الاتفاق البريطاني الهولندي الأخير، كما من خلال التصريحات الأخيرة للقادة الأوروبيين في هذا الشأن، وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قال في لقاء تلفزيوني يوم الثلاثاء: "لم يعد لدينا أي تابو بخصوص تسليم أوكرانيا مقاتلات جوية".
من جانبه أيضاً، كشف رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دو كرو، في تصريحات لموقع "VTR news" المحلي، استعداد بروكسل لتدريب الطيارين الأوكرانيين على استعمال مقاتلات "F-16" الأوكرانية.
وفي السياق ذاته، كان مستشار وزير الدفاع الأوكراني يوري ساك، قد كشف عن أن بلاده تريد ما بين 40 و50 طائرة مقاتلة من طراز F-16 الأمريكية. وأضاف ساك أن تجديد زيلينسكي هذا المطلب خلال زيارته، مع اقتراب عقد قمة مجموعة السبع بهيروشيما اليابانية، يكشف عن سعيه لأن يكون ملف المقاتلات على رأس جدول أعمال تلك القمة.
وبالرغم من هذا التحرك الأوروبي، لا تستطيع أي من هذه الدول تسليم أوكرانيا مقاتلات "F-16" أو أي نظام متعلق بها، دون الموافقة الأمريكية. وهو ما جعل موقع "بوليتيكو" الأمريكي، يقرأ في مساعي دول أوروبا بشأن تلك المقاتلات، على أنها حملة ضغط على الرئيس جو بايدن من أجل الموافقة على تسليم كييف إياها.
وفي تصريحات سابقة للموقع الأمريكي ذاته، شهر يناير/كانون الماضي، كشف مسؤول كبير في البنتاغون عن أن الولايات المتحدة "لا تمانع" في تسليم الطائرات إلى طرف ثالث، من أجل تسليمها عبره إلى أوكرانيا.