الأزمة الخليجية.. قطر مستمرة في فتح باب الحوار والكويت تتوسط من جديد
تستمر الكويت في مساعيها لحل الأزمة بين قطر ودول خليجية، في ظل إبداء الدوحة استعدادها لحل الخلافات بين دول مجلس التعاون. وتشدد واشنطن على ضرورة حل الأزمة لما لها من أثر خطير على المنطقة.
في التصريحات الأخيرة لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، أكد استعداد بلاده للحوار وحل الخلافات بين دول مجلس التعاون (AP)

مع استمرار الأزمة بين قطر ودول خليجية أخرى وقرب انتهاء عامها الثالث، من دون التوصل إلى حلول ولا جلوس على طاولة الحوار، لا تزال قطر مصرّة على موقفها الرافض لهذا الحصار ودعوتها للحوار دون شروط، فيما تريد دول الحصار فرض إرادتها عبر شروطها لإنهاء الخلاف، في ظل واقع إقليمي يهدد الجميع.

ومن جديد، أبدت قطر استعدادها لحل الأزمة، ففي التصريحات الأخيرة لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، أكد استعداد بلاده للحوار لحل الخلافات بين دول مجلس التعاون، وقال إنه "منذ بدء الأزمة أعربنا عن استعدادنا للحوار لحل الخلافات بين دول مجلس التعاون وفي إطار ميثاقه على أسس أربعة، الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وعدم الإملاء في السياسة الخارجية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية".

"يعود الفضل في نجاحنا في احتواء الآثار السلبية للحصار، إلى نهجنا الهادئ والحازم في إدارة الأزمة، وكشف كل الحقائق للعالم، وتمسكنا باستقلالية قرارنا السياسي".

أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني

وأضاف: "بدأت دول شقيقة تدرك صحة موقفنا من عدم وجود مصلحة لدول مجلس التعاون الخليجي في توتير الأوضاع، ولوحظ للأسف غياب دور مجلس التعاون في هذه الظروف، بسبب الأزمات المفتعلة والموارد التي تهدرها والطاقات التي تبددها".

وقطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر منتصف عام 2017، وفرضت إجراءات عقابية عليها بدعوى "دعمها للإرهاب"، وهو ما نفته الدوحة مراراً.

وفي ظل قيادة الكويت لوساطة لم تثمر حتى الآن، أعرب مساعد وزیر الخارجیة الكویتي أحمد ناصر المحمد الصباح عن أمل بلاده في أن تشھد المرحلة القريبة المقبلة نوعاً من الانفراج بالأزمة الخليجية، مؤكداً حتمية استمرار جهود بلاده في الوساطة.

"جهود الكويت مستمرة في وساطتھا لإنھاء الخلاف الخلیجي والحفاظ على لحمة مجلس التعاون"

مساعد وزیر الخارجیة الكویتي أحمد ناصر المحمد الصباح

وفي وقت سابق أبدى أمير الكويت الشيخ صُباح الأحمد الجابر الصُّباح، انزعاجه من استمرار الخلافات بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، قائلاً إنه "لم يعد مقبولاً، بخاصة أن المنطقة تشهد تطورات غير مسبوقة".

وأضاف الشيخ الصباح في كلمة ألقاها خلال دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الـ15 لمجلس الأمة الكويتي: "يستوجب على الفور السمو فوق خلافاتنا وتعزيز وحدتنا وصلابة موقفنا، كذلك فإن علينا على المستوى العربي أن نتجاوز خلافاتنا وأن نضع المصالح العليا لأمتنا فوق كل اعتبار".

وتابع: "إنهاء الخلاف مسؤولية تاريخية سيحاسبنا عليها المولى عز وجل قبل حساب التاريخ، وإزاء هذه الظروف الدقيقة علينا أن نأخذ العبرة مما يجري حولنا، ولا خيار أمامنا إلا ترسيخ وحدتنا الوطنية وتلاحم مجتمعنا، ونبذ أسباب الفتن والفرقة وإثارة النعرات العصبية البغيضة".

وشدد قائلاً: "نتابع بكل قلق وألم ما يجري في عدد من الدول الشقيقة من مظاهر التصعيد، ولا خيار أمامنا سوى ترسيخ وحدتنا ونبذ الخلافات".

مساعي قطرية وترحيب أمريكي

وترى الولايات المتحدة الأمريكية أن وحدة دول الخليج في مجلس تعاون موحد أمر ضروري.

وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بعد لقائه رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الدولة لشؤون الدفاع خالد بن محمد العطية، إن "مجلس تعاون خليجي موحد أمر ضروري للوقوف في مواجهة سلوك النظام الإيراني المزعزع للاستقرار".

وأضاف بومبيو في تغريدة على موقع تويتر أنه شكر العطية على شراكة قطر مع الولايات المتحدة.

وذكرت وكالة الأنباء القطرية أن العطية التقى بومبيو في مقر وزارة الخارجية الأميركية أمس الثلاثاء، وناقش معه القضايا ذات الاهتمام المشترك والعلاقات الاستراتيجية بين البلدين، كما بحث الجانبان آخر التطورات في المنطقة.

مجريات الأزمة الخليجية

بعد سنتين من المحاولات والوسائط من أجل تقريب وجهات النظر التي كانت الكويت رائدة فيها، نشرت الحكومة القطرية روايتها للتسلسل الزمني في ما يتعلق بمجريات الأحداث للأزمة الخليجية.

وبدأ التسلسل الزمني لمكتب التواصل الحكومي القطري من 20 أبريل/نيسان 2017، عند نشر أول مقال من سلسلة ثلاثة عشر من مقالات الرأي المنتقدة لدولة قطر في الصحف الأمريكية، وتتضمن المقالات اتهامات لا أساس لها من الصحة تهدف إلى تشويه سمعة دولة قطر في الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي 20 مايو/أيار 2017، حضر الأمير تميم بن حمد قمة الرياض التي التزم فيها العمل مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول مجلس التعاون الخليجي لمحاربة التطرف ومكافحة تمويل الإرهاب.

ثم جاء يوم 24 مايو/أيار من الشهر ذاته، الذي اختُرق فيه موقع وكالة الأنباء القطرية ونشر "بيان كاذب ومغلوط منسوب إلى سمو الأمير، قامت دولة قطر على الفور بإجراء تحقيق"، حسب مكتب التواصل الحكومي.

ونتج عن ذلك حصار من البحرين والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر ضد دولة قطر في 5 يونيو/حزيران 2017.

وبدأت على إثره إجراءات ضد قطر، أولها يوم 19 من الشهر ذاته، عندما أجبر مواطنو الدول المحاصرة على مغادرة دولة قطر، الذي وصفته قطر بأنه "أدى إلى انتهاكات لحقوق الإنسان، فقد جرى التفريق بين العائلات وانتهاك حق التعليم وإغلاق الشركات"، فيما استنكرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان التدابير التي اتخذتها دول الحصار.

وفي 23 يونيو/حزيران، قدمت الدول الأربع قائمة تضم 13 مطلباً، اعتبرتها قطر هجوماً على السيادة القطرية وتهدف إلى فرض الوصاية عليها.

ومنذ ذلك الوقت، يتواصل الانقطاع بين قطر والدول الأخرى وسط جملة من المعارك القضائية والإدانات بالتهجم عليها، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت العلاقات بعض الانفراج، أولها كان شحن قطر الغاز المسال إلى الإمارات بعد تعطل خط الأنابيب الرئيسي دولفين الذي ينقل الغاز من قطر إلى الإمارات في 19 مايو/أيار الماضي، لتأتي بعدها مشاركة الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء يوم 30 مايو/أيار 2019 في قمم مكة الثلاث، ليصبح بذلك أعلى مسؤول قطري يزور السعودية منذ بدء الأزمة.

TRT عربي