بعد توقف دام نحو 3 أشهر، وبالتزامن مع توالي هزائم مليشيات خليفة حفتر في ليبيا، عاودت قوات النظام السوري مدعومة بالطيران الروسي قصف مناطق المدنيين في مناطق خفض التصعيد في ريفَي إدلب وحلب شمالي سوريا.
موجة نزوح جديدة
أفاد الصحفي السوري أنس التريسي لـTRT عربي، بأن قوات النظام المدعومة روسياً، بدأت الثلاثاء تصعيداً جديداً في منطقة خفض التصعيد بريف إدلب الجنوبي، حيث تعرضت مناطق عدة أبرزها منطقة جبل الزاوية، لقصف عنيف بالمدفعية والصواريخ والمقاتلات الحربية الروسية التي تقلع من مطار حميميم العسكري.
وأوضح التريسي أن "نحو 6 آلاف مدني نزحوا من منطقة جبل الزاوية إلى الحدود التركية-السورية، في عودة لحركة النزوح مجدداً بعد التزام الأطراف الهدنة لنحو 3 أشهر".
وأشار الصحفي السوري إلى أن "القصف منذ منتصف ليل الاثنين، أسفر عن سقوط قتيل وعدد من الجرحى"، مضيفاً أن "الدفاع المدني أفاد بسقوط 123 صاروخاً خلال الـ24 ساعة الماضية، مما أسفر عن مقتل 3 مدنيين وإصابة 11 آخرين".
وفي تصريحات لوكالة الأناضول، قال محمد حلاج مدير فريق "منسقو الاستجابة المدنية في الشمال السوري"، إن منطقتَي جبل الزاوية وجبل شحشبو شهدتا حركة نزوح كبيرة جرّاء القصف.
ولفت إلى أن "5 آلاف و834 شخص نزحوا من بلدة كنصفرة وقرى عين الرز والفطيرة والبارة وكفرعويد".
تأتي هذه التطورات بعد عودة أكثر من 285 ألف نازح إلى مناطقهم في محافظتي إدلب وحلب شمالي سوريا، منذ بدء سريان اتفاق بين تركيا وروسيا لوقف إطلاق النار في 6 مارس/آذار الماضي، وفقاً لتصريحات أدلى بها حلاج في الأول من يونيو/حزيران الجاري.
هزائم متتالية للروس في ليبيا
تزامن تصعيد النظام السوري وحليفته روسيا في مناطق خفض التصعيد شمالي سوريا، مع الهزائم التي تتكبدها مليشيات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر المدعومة من روسيا في ليبيا.
ففي أحدث تطور، أعلن الجيش الليبي في تصريحات أدلى بها إبراهيم بيت المال الاثنين، أن قواته باتت "على بعد كيلومترات من مدينة سرت (شمال وسط)، وأن تحريرها مسألة وقت".
ويأتي هذا التطور في سياق إيقاع قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، هزائم متتالية لمليشيات حفتر، كان أهمها استعادة قاعدة الوطية الاستراتيجية التي كانت المليشيات مسيطرة عليها، في إطار عملية "دروب النصر" لتحرير مدن وبلدات شرق ووسط البلاد، في مقدمتها سرت والجفرة.
في السياق نفسه، أكّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن تركيا مستمرة في دعمها الحكومة الشرعية في ليبيا، في وجه الهجوم الذي يشنه حفتر المدعوم من روسيا، على العاصمة طرابلس.
ورفض الرئيس التركي المزاعم الروسية بعدم الوجود في ليبيا، لافتاً إلى أن الروس "صرّحوا بعدم وجود جنود لهم على الأرض الليبية، لكنهم يمتلكون 19 طائرة هناك، ولهم جنود برفقة هذه الطائرات"، وأضاف: "أريد أنّ أبحث هذه الأمور معه (بوتين)، وبعدها وعلى ضوء المكالمة ستُحدَّد الخطوات التي سنتخذها ورسم الخطة".
وفي ردِّه على سؤال عما إذا كان في دعم القوى الدولية الكبرى لحفتر تراجع، ذكر أردوغان أنّ اتصاله بترامب يشير إلى احتمالية فتح صفحة جديدة في التعاون الأمريكي-التركي حول ليبيا، قائلاً :"توجد نقاط مُتفق عليها".
وشدّد في الوقت نفسه على أهمية التواصل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مؤكداً أنه سيبحث معه ذلك.
مساعدات تركية وأممية إلى إدلب
بالتزامن مع عودة قصف قوات النظام المدعومة روسيّاً، أرسل عدد من الأفراد والجمعيات التركية الخيرية 3 شاحنات تحمل مساعدات إنسانية إلى محافظة إدلب السورية عبر تركيا.
ولفت مراسل وكالة الأناضول الثلاثاء، إلى أن الشاحنات دخلت الأراضي السورية عن طريق معبر جيلوه غوزو في ولاية هطاي جنوبي تركيا، الذي يقابله من الجانب السوري معبر باب الهوى.
وأوضح نقلاً عن مصادر مطلعة، أن المساعدات المشتملة على مياه وطحين وأغذية مجففة، ستُوزَّع على المحتاجين في إدلب وريفها.
في السياق نفسه أرسلت الأمم المتحدة 58 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية إلى إدلب، ومن المقرر أن توزَّع المساعدات في مدينة إدلب وريفها.
يأتي ذلك في اليوم التالي لتصريحات أدلى بها ستيفان دوغيريك، المتحدث باسم الأمين العامّ للأمم المتحدة، قال فيها إن "أكثر من 11 مليون سوري يحتاجون إلى مساعدة إنسانية عاجلة"، معرباً عن "القلق البالغ إزاء الارتفاع السريع في أسعار المواد الغذائية في أرجاء البلاد كافة".
وأضاف: "كانت محافظة إدلب أسوأ المحافظات تأثراً، إذ ارتفعت سلة الغذاء فيها بنسبة 30% في شهر واحد فقط".
أنقرة تؤكد تمسكها بالهدنة في سوريا
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء، إن بلاده لن تسمح "بأن تتحول إدلب إلى بيئة صراع مرة أخرى".
وكان أردوغان أشار في حوار تليفزيوني أُجري معه الاثنين، إلى أن الأمور تسير جيداً على الرغم من وجود بعض المشكلات في طريق M4، مضيفًا: "عاد نحو 200 ألف من سكان إدلب إلى مناطقهم، وعلاوة على كل ذلك فإننا نبني منازل طوب في الشمال مساحة الواحد ما بين 30 و40 متراً مربعاً، ورئاسة إدارة الكوارث والطوارئ والهلال الأحمر ومنظماتنا المدنية تعمل بشكل مكثف على هذا الأمر".
وأعلنت تركيا وروسيا وإيران (داعمتان للنظام السوري) في مايو/أيار 2017، توصلها إلى اتفاق على إقامة "منطقة خفض تصعيد" في إدلب، ضمن اجتماعات أستانة المتعلقة بالشأن السوري.
وعلى الرغم من تفاهمات لاحقة أُبرِمت لتثبيت وقف إطلاق النار في إدلب، كان أحدثها في يناير/كانون الثاني الماضي، فإن قوات النظام وداعميه واصلت هجماتها على المنطقة. وأدّت الهجمات إلى مقتل أكثر من 1800 مدني، ونزوح ما يزيد على مليون و942 ألفاً إلى مناطق هادئة نسبياً أو قريبة من الحدود التركية، منذ يناير/كانون الثاني 2019.
وأعلن الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين، في 5 مارس/آذار الماضي، توصلهما إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في إدلب، بدأ سريانه في اليوم التالي.