"الأزمة أكبر من رفض التأشيرات".. أين وصلت العلاقات بين المغرب وفرنسا؟
تشهد العلاقات المغربية-الفرنسية توتراً صامتاً منذ فترة تخفيه قضية رفض تأشيرات دخول المغاربة إلى فرنسا، ما يطرح تساؤلات عن مستقبل العلاقات بين البلدين الشريكين على أكثر من صعيد.
العلاقات المغربية-الفرنسية تشهد توتراً صامتاً منذ فترة تخفيه قضية رفض تأشيرات دخول المغاربة إلى فرنسا - أرشيفية (AFP)

منذ سبتمبر/ أيلول 2021، ظهر التوتر بين المغرب وفرنسا بشكل علني بعد قرار باريس تشديد القيود على منح المواطنين المغاربة تأشيرات، وتعزز بعدم تبادل البلدين الزيارات الدبلوماسية منذ تلك الفترة.

كما تسببت قضية التجسس بتلبّد سماء العلاقات بالغيوم، حيث اتهمت صحف فرنسية الرباط في يوليو/ تموز 2021، باختراق هواتف شخصيات مغربية وأجنبية عبر برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس".

ويُقدّر سنوياً عدد المغاربة الذين يحصلون على تأشيرات لدخول فرنسا (سياحة أو عمل) بنحو 300 ألف شخص، لكن العدد تقلص كثيراً بعد قرار تشديد منح التأشيرات.

استنكار مغربي

وفي 28 سبتمبر/أيلول 2021، أعلنت الحكومة الفرنسية في بيان، تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس، بدعوى "رفض الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين (غير نظاميين) من مواطنيها".

وفي اليوم نفسه، قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، خلال مؤتمر صحفي، إن قرار باريس بشأن تأشيرات مواطني المغرب "غير مبرر لمجموعة من الأسباب"، ذكر منها أن المغرب كان دائماً يتعامل مع مسألة الهجرة وتنقل الأشخاص بمنطق المسؤولية والتوازن اللازم لهذا الأمر.

الاقتصاد والصحراء

وفق الباحث المغربي بالعلاقات الدولية النائب السابق لرئيس لجنة الخارجية بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان) نبيل الأندلسي فإن "العلاقات المغربية الفرنسية عرفت تذبذباً ومداً وجزراً وأكثر من توتر منذ وصول (الرئيس الفرنسي) إيمانويل ماكرون إلى قصر الإليزيه سنة 2017".

واعتبر أن "رفض أو تخفيض منح تأشيرات للمغاربة ليس أزمة في حد ذاته، بقدر ما يمثل تداعيات لأزمة صامتة بين البلدين أساسها اقتصادي بالدرجة الأولى، بخاصة بعد تراجع ترتيب فرنسا وتقدم إسبانيا على مستوى التبادلات التجارية والعلاقات الاقتصادية بين المغرب وفرنسا".

واعتبر أن "تراجع الاستثمارات الفرنسية في المغرب أحد مؤشرات هذه الأزمة ذات العمق الاقتصادي، وما التوجه لمنح صفقة القطار فائق السرعة بين (مدينتي) الدار البيضاء وأكادير للصين بدل فرنسا، إلا أحد هذه التداعيات".

مصالح استراتيجية

من جهته، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول (حكومية) بوجدة (شرق) خالد شيات، أن "ملف التأشيرات هو مظهر من مظاهر الأزمة فقط".

وأوضح أنه " يوجد ترابط كبير بين البلدين وهناك من يتحدث عن ارتهان مغربي اقتصادي وتجاري لفرنسا، وفي كثير من الأحيان كانت باريس هي الممون والزبون الأول للمغرب وأكبر المستثمرين، وكان من الصعب على المغرب التحرر من ارتهانه لها، لكن اليوم يبدو أن الأمر أصبح مختلفاً".

وشدد شيات على أن "مصالح فرنسا الاستراتيجية مع المغرب، لذلك أفضل طريقة لإنهاء التوتر هو أن تكون باريس واضحة مع نفسها في مواقفها تجاه الرباط".

TRT عربي - وكالات