الرياض وواشنطن في حرج.. ما الذي يريده الحوثيون لقبول وقف إطلاق النار؟
أعلنت السعودية عن مبادرة تعرض بموجبها على الحوثيين باليمن وقف إطلاق النار في الحرب المستمرة منذ سنوات بالبلاد، وهو العرض الثاني الذي يرفضه الحوثيون خلال أسبوعين، ما يعرِّض سياسة الرياض وواشنطن في هذا الملف للحرج.
الحرب في اليمن مستمرة منذ 7 سنوات وسط فشل محاولات وقفها (AFP)

اقترحت السعودية الاثنين وقفاً شاملاً لإطلاق النار لإنهاء النزاع المدمر الدائر في اليمن منذ ست سنوات بين الحوثيين والقوات الحكومية التي يدعمها تحالف عسكري تقوده الرياض.

وقالت الحكومة السعودية في بيان إن المملكة التي تدخلت عسكرياً في اليمن منذ 2015 قدمت عدة مقترحات من بينها "وقف شامل لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد تحت إشراف الأمم المتحدة".

ورفض الحوثيون في اليمن مبادرة وقف إطلاق النار المقترح من السعودية.

وذكر الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام الذي أوردت كلمته كاملة قناة "المسيرة" التابعة للجماعة: "نذكِّر دول العدوان بوجوب إنهاء عدوانها بشكل شامل ورفع الحصار بشكل كامل".

ليس الرفض الأول

يظن البعض أن جماعة الحوثي لن ترفض العرض السعودي المدعوم أمريكياً، إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن هذا الرفض ليس الأول من نوعه تجاه مبادرات وقف إطلاق النار السعودية.

ورفضت جماعة الحوثي في 12 مارس/آذار الماضي خطة أمريكية لوقف إطلاق النار في اليمن، واعتبرتها "مؤامرة لوضع البلد في مرحلة أخطر".

واعتبرت الجماعة أن "المقترح الأمريكي لا هو وقف للحصار ولا وقف لإطلاق النار، بل التفافات شكلية تؤدي إلى عودة الحصار بشكل دبلوماسي".

وفي أبريل/نسيان 2020 أعلن التحالف العسكري بقيادة السعودية وقفاً موقتاً لإطلاق النار في اليمن بهدف منع انتشار فيروس كورونا، لكن الحوثيين رفضوا تلك المبادرة ووصفوها بأنها مناورة سياسية.

ومما يضعف اقتراح الرياض الأخير أنه يأتي وسط تصاعد الهجمات الصاروخية والطائرات المُسيَّرة التي يشنها الحوثيون ضد المملكة وتستهدف خصوصاً منشآت للطاقة.

ويقود الحوثيون كذلك هجوماً مستمراً منذ أوائل فبراير/شباط للسيطرة على مأرب، آخر معقل للحكومة في شمال البلاد.

ومن شأن سيطرة الحوثيين على مأرب توجيه ضربة قوية إلى الحكومة المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية، إذ سيسيطرون بذلك على كامل شمال اليمن.

ما الذي يريده الحوثيون قبل وقف إطلاق النار؟

بقيت مدينة مأرب الواقعة على بعد نحو 120 كيلومتراً شرق العاصمة صنعاء، حيث يفرض الحوثيون سيطرتهم منذ 2014، في منأى عن الحرب في بدايتها.

ومنذ عام ونيف يحاول الحوثيون السيطرة على مدينة مأرب الغنية بالنفط بهدف وضع أيديهم على كامل الشمال اليمني.

وهم يسعون للسيطرة على مأرب قبل الدخول في أي محادثات جديدة مع الحكومة المعترف بها، خصوصاً في ظل ضغوط إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للدفع باتجاه الحل السياسي.

ومن الملاحظ أن التمسك الحوثي بموقفهم أجبر السعودية أن تقدم تنازلين في الخطة الجديدة، بينما لم تقدم كل ما أراده الحوثيون في السابق.

والتنازل الأول يتضمن إعادة فتح مطار صنعاء الدولي، وهو رابط حيوي لليمن بالعالم الخارجي، الذي لم يشهد رحلات تجارية منتظمة منذ عام 2015.

وطالب الحوثيون قبل ذلك برفع القيود عن الحركة في المطارات والمواني الواقعة في مناطق سيطرتهم، قبل الموافقة على الدخول بمفاوضات لوقف إطلاق النار في البلد الذي يواجه شبح مجاعة واسعة النطاق.

سيناريوهات متوقعة

مع توالي الرفض الحوثي للمبادرات الأمريكية المباشرة أو السعودية المدعومة أمريكياً قد تُدفع واشنطن جراء ذلك حسب مراقبين إلى مراجعة التحول المرن في سياستها الخارجية المتعلقة بالجماعة، ومن بينها إنهاء دعم حرب الرياض باليمن ورفع تصنيف الجماعة من قائمة الإرهاب.

كما يمكن أن يدفع التعنُّت الحوثيُّ الرياض إلى مزيد من الضغط العسكري، في محاولة لتحقيق مكاسب ميدانية على حساب جماعة الحوثيين، وهو نفس السلاح الذي يستخدمه الحوثيون لفرض الأمر الواقع.

TRT عربي - وكالات