بعد "فيضانات درنة".. البشرية تستذكر الفيضانات المدمّرة عبر التاريخ
أعادت مشاهد الجثث والدمار الهائل الذي خلّفه إعصار دانيال في مدينة درنة الليبية إلى الأذهان صور الفيضانات التي ضربت دولاً متفرقة حول العالم عبر التاريخ، وتسببت بكوارث إنسانية وبصمة لا تمحى في حياة كثيرين.
خلفت الفيضانات المدمرة شرق ليبيا أكثر من 6000 قتيل / صورة: AFP (AFP)

خلفت الفيضانات المدمرة عبر التاريخ، بصمة لا تمحى في حياة عشرات الملايين من البشر في مختلف دول العالم.

وأعادت كارثة الفيضانات التي وقعت شرق ليبيا إلى الأذهان الفيضانات الأكثر تدميراً في التاريخ، إذ تعيش منطقة شرق ليبيا منذ أيام كارثة بيئية خلفت خسائر بشرية ومادية وتواجه سلطات البلاد صعوبة في إحصائها.

ويعد نظام هطل الأمطار المتغير بسبب تغير المناخ وانبعاثات الكربون والعوامل البيئية المختلفة من أهم الأسباب التي تجعل بلداناً حول العالم وجهاً لوجه مع كوارث الفيضانات.

وإلى جانب الخسائر في الأرواح، تتعرض المناطق السكنية والزراعية لأكبر قدر من الأضرار الناجمة عن الفيضانات.

وبينما تُبذل الجهود لتضميد الجراح في المناطق المتضررة من الكوارث، فإن الافتقار إلى الاستثمارات الكافية في البنية التحتية يجعل من الصعب إيصال المساعدات إلى مئات آلاف من النازحين نتيجة الفيضانات التي حصلت حول العالم منذ قرون حتى يومنا هذا.

دراسة حديثة أجراها علماء وكالة ناسا الأمريكية، كشفت عن أن حالات الجفاف والفيضانات التي أصبحت متكررة ومنتشرة بكثافة وبشكل متزايد، هي مرتبطة بأزمة المناخ.

ويشير العلماء في الدراسة ذاتها إلى أن حالات الجفاف والفيضانات تزايدت في السنوات العشرين الماضية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى مستويات قياسية، ويحذرون من أن الفيضانات قد تحصد مزيداً من الأرواح بسبب تغير المناخ.

كما أن أسباباً مثل التخطيط الحضري غير الصحيح في مناطق الكوارث، وعدم كفاية بناء السدود، وعدم الإسراع في إعلام السكان باحتمال هطل الأمطار الغزيرة وحدوث الفيضانات، تزيد من الخسائر في الأرواح.

هولندا الأكثر تضرراً

هولندا التي تقع شمال غرب القارة الأوروبية، يبلغ ارتفاع 50% من أراضيها نحو متر واحد فوق مستوى سطح البحر، هي من بين البلدان الأكثر عرضة للتأثر بارتفاع منسوب المياه.

وتعرف هولندا تاريخياً بأنها واحدة من أكبر ضحايا كوارث الفيضانات، إذ تشير التقديرات إلى أن نحو 60 ألف شخص ذهبوا ضحايا فيضان بحر الشمال الذي بدأ في يونيو/حزيران 1212 واستمر أكثر من 6 أشهر.

بعدها بعشرة عقود ونصف، اجتاح فيضان "سانت لوسيا" هولندا وشمال ألمانيا في 1287، وتسبب هذه المرة في مقتل ما بين 50 ألفاً و80 ألف شخص.

يُذكر أن مياه فيضانات "سانت لوسيا" غمرت عديداً من الأماكن السكنية، بما في ذلك القرى والبلدات، وتسببت في تشكّل مدينة أمستردام كما هي اليوم.

وتعتبر هولندا إحدى الدول التي عانت كثيراً الفيضانات الأكثر تدميراً في التاريخ، ففي 5 نوفمبر/تشرين الثاني 1530، وفي أثناء احتفال الهولنديين بسانت فيليكس، فوجئوا بارتفاع منسوب المياه، واستسلمت البلاد للكارثة، وأطلق على ذلك اليوم اسم "السبت السيئ".

فيضان النهر الأحمر يضرب فيتنام

تعرضت فيتنام لفيضان النهر الأحمر الذي حدث في 1971 عندما التقت الأنهار القريبة من كمبوديا ولاوس (جنوب شرق آسيا) نتيجة الأمطار الموسمية.

ولقي إثره أكثر من 100 ألف شخص حتفهم في الفيضان الذي فشل في جذب الاهتمام الدولي اللازم بسبب استمرار حرب فيتنام (1955-1975) آنذاك، واستغرق الأمر بضع سنوات حتى تعافت فيتنام من آثار كارثة الفيضانات.

الصين في صدارة البلدان المتضررة عبر التاريخ

عبر التاريخ، الصين كانت إحدى الدول الأكثر تضرراً من الفيضانات، وفقدت مئات آلاف من الأشخاص في الكوارث التي تعرضت لها.

ومنذ مطلع القرن العشرين، غمرت المياه ملايين الهكتارات من الأراضي الزراعية في الصين، وأصبحت ملايين من المنازل وأماكن العمل غير صالحة للاستخدام.

كما خلفت الفيضانات التي تسببت في المجاعة والأوبئة والصعوبات الاقتصادية آثاراً في تاريخ الصين وطبيعتها الجغرافية واقتصادها.

ففي 1911، حدث فيضان "جيانغسو-آنهوي" بعد فيضان نهر اليانغتسي، ثالث أطول نهر في العالم، ونهر هواي، أكبر نهر في الصين، في آن واحد.

وبينما وصل عدد قتلى هذا الفيضان إلى نحو 100 ألف، فقد سُجلت هذه الكارثة كواحدة من الأكثر دموية في التاريخ، وتسببت في أضرار واسعة النطاق وتركت نحو 375 ألف شخص بلا مأوى.

كما تسببت السيول التي حدثت نتيجة فيضان نهر اليانغتسي في الصين في 1935، في وفاة 145 ألف شخص وتشريد الملايين، وبعدها حدثت مجاعة كبيرة في البلاد، وجلبت معها أمراضاً فتاكة مثل السل والملاريا والتهاب الجلد.

انهيار سد "بانكياو" في الصين يتسبب في فيضانات

وفي 1975، شهدت الصين واحداً من أسوأ الفيضانات في تاريخ البلاد، حين انهار سد بانكياو بسبب إعصار نينا، وهطلت على البلاد خلال 24 ساعة أمطار أكثر من تلك التي تهطل عادةً خلال عامٍ كامل، الأمر الذي جعل البلاد عرضة للكوارث، إذ كان الدمار كبيراً.

وفقد نحو 145 ألف شخص حياتهم بسبب المجاعة والأمراض الناجمة عن الفيضانات التي تسببت وحدها في مصرع ما لا يقل عن 86 ألف شخص، لتكون الخسائر البشرية نحو 230 ألف وفاة.

ومؤخراً، اجتاح الإعصار المتوسطي "دانيال" عدة مناطق شرقي ليبيا، أبرزها مدن بنغازي والبيضاء والمرج، بالإضافة إلى سوسة ودرنة، إذ تسبب بمقتل 6000 شخص بخلاف آلاف المفقودين أغلبهم في درنة، في حصيلة غير نهائية، ليذكر العالم بفيضانات كبيرة شهدتها بلدان أخرى.

TRT عربي - وكالات