أشادت النقابات في فرنسا الثلاثاء بالتعبئة "التاريخية" احتجاجاً على إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل الذي يريده الرئيس إيمانويل ماكرون مع تأخر قطارات وإغلاق مدارس وإضرابات قابلة للتمديد وعدم جمع النفايات وتوقف شاحنات الوقود عند مداخل المصافي.
في محاولة لدفع الحكومة للعدول عن المشروع، وقبل تمديد الإضرابات المحتمل الأيام المقبلة، تحاول النقابات مجتمعة وقف دورة الحياة الثلاثاء بفرنسا. ويرتقب مواصلة التحرك السبت 11 مارس/آذار.
ورحب الأمين العام لنقابة CFDT (إصلاحية) لوران بيرجيه بـ"تعبئة تاريخية" منذ 40 أو 50 عاماً، مع مشاركة أكثر من "20%" من متظاهري 31 يناير/كانون الثاني.
وشارك في يوم التعبئة 1.27 مليون شخص، حسب السلطات، فيما تحدث المنظمون عن 2.5 مليون متظاهر.
واعتبر بيرجيه أن الحكومة "لا يمكنها أن تبقى صماء" أمام هذه التعبئة.
فيما أكد نظيره في نقابة CGT فيليب مارتينيز الى جانبه قبل انطلاق التظاهرة في باريس "سيكون هذا أقوى يوم تعبئة منذ بداية" التحركات.
وبينما يستعد مجلس الشيوخ لاعتماد النص، كان المتظاهرون لا زالون يأملون في قدرتهم على التأثير، على غرار أودري سيفادون (27 عاماً)، وهي مهندسة خرجت للتظاهر في بون (وسط شرق) وقالت: "لا يزال لدينا بصيص أمل وإلا لما كنا هنا".
في جميع أرجاء فرنسا كانت المواكب حاشدة بمستوى مماثل للتعبئة القياسية في 31 يناير.
وشارك مابين 6 آلاف (حسب الشرطة) و30 ألفاً (حسب النقابات) في نيس (جنوب شرق) وما بين 13 ألفاً و23 ألفاً في بايون (جنوب غرب) وبين 30 ألفاً و245 ألفاً في مرسيليا.
جرى الإبلاغ عن عدد قليل من المشاحنات وإلقاء مقذوفات، لا سيما في باريس وليون (شرق) ورين (غرب)، حيث استخدمت الشرطة قاذفات المياه.
وتم حشد ما مجموعه حوالى 10500 من رجال الشرطة والدرك في فرنسا، الثلاثاء، بينهم 4200 في باريس.
حواجز وانقطاع التيار الكهربائي
وفي المقابل كانت نسبة المضربين أقل بقليل من أعلى المعدلات المسجلة منذ بداية الحركة، بين عمال سكك الحديد (39% مقابل 46.3% في 19 يناير) كما بين المعلمين.
في مجمل الدوائر الحكومية أضرب موظف من أصل أربعة مقابل 28% في اليوم الأول من الحراك في 19 يناير، كما حدث إضراب في الجامعات والمدارس الثانوية.
نُصبت حواجز على الطرق وسُجل انقطاع كبير في الكهرباء في الشمال. ومنعت شحنات المحروقات صباح الثلاثاء من الخروج من "كل المصافي" الفرنسية على ما قال مصدر نقابي.
وفي اليوم السادس من التحركات منذ 19 يناير ضد هذا الإصلاح تأثر كثير من القطاعات بالإضراب من الطاقة إلى النقل وصولاً إلى التجارة وجمع النفايات.
كما تأثرت حركة النقل بين فرنسا وبريطانيا مع إلغاء عشرات الرحلات وخطوط القطارات وتأخر في العبارات.
وسيشهد الأسبوع الراهن تحركات أخرى بموازاة نقاشات مجلس الشيوخ الفرنسي لمشروع الإصلاح. تعول الحكومة على إقرار مجلس الشيوخ للمشروع بحلول الأحد وعلى "تصويت في 16 مارس" في مجلسَي البرلمان الفرنسي.
وقال مصدر حكومي: "في حال أقر الإصلاح من غير المرجح أن تبقى التعبئة عند هذا المستوى" معولاً على انسحاب أكثر النقابات اعتدالاً.
ويندد معارضو الإصلاح بمشروع "ظالم" يلحق الضرر بالأجراء الذين يؤدون أعمالاً شاقة خصوصاً. وتظهر استطلاعات الرأي رفض غالبية الفرنسيين للمشروع.
وتظهر استطلاعات الرأي المتكررة أن الفرنسيين بغالبية واسعة يعارضون الإصلاح مع أنهم يرون أنه سيقر في نهاية المطاف.
ويراهن إيمانويل ماكرون بقسم كبير من رصيده السياسي على هذا الإجراء البارز في ولايته الثانية ما يدل على الرغبة التي عبر عنها في الإصلاح لكنها اليوم تعكس استياء قسم من الفرنسيين منه.
وفرنسا إحدى الدول الأوروبية التي يعد فيها سن التقاعد بين الأدنى.