حوار تركي-يوناني مرتقب.. هل تتجه منطقة شرق المتوسط للتهدئة؟
ثمة اجتماع مرتقب بين مسؤولين أتراك ويونانيين خلال الأيام المقبلة، وتتجه كل من تركيا واليونان نحو الاستعداد للحوار فيما يخص منطقة شرقي المتوسط، غير أن تركيا تريد أن يتم ذلك بما يحفظ حقوقها ودون شروط مسبقة أو استقواء يوناني بالاتحاد الأوروبي.
الاجتماع سيأتي بعد أيام من إعلان تركيا إخطار "نافتكس" لإجراء مسوح اهتزازية في منطقة من البحر تقع بين جزيرتي قبرص وكريت (AA)

في تطور ملحوظ، قال وزير الدفاع التركي، خلوصي أقار، الجمعة، إنه يرتقب عقد اجتماع بين مسؤولين أتراك ويونانيين خلال الأيام المقبلة، لحل المشاكل العالقة بين البلدين، وهو إعلان يأتي بعد إعلان استعداد البلدين للحوار.

تصريحات أقار تأتي بعد ساعات من وصول سفينة "بربروس خير الدين باشا" التركية، إلى قبالة سواحل جمهورية شمال قبرص التركية، في شرق المتوسط، لمواصلة أنشطة التنقيب إلى جانب سفينتي "تانوكس-1" و"أبولو مون"، في المنطقة "إف" التي منحت شمال قبرص التركية رخصة إجراء أعمال المسح الاهتزازي فيها لمؤسسة البترول التركية "TPAO".

كما أنها تأتي بعد أيام من إعلان تركيا إخطار "نافتكس" في المنطقة المذكورة التي وصلتها السفن الثلاث، إلى غاية 18 سبتمبر/أيلول القادم، لإجراء مسوح اهتزازية في منطقة من البحر تقع بين جزيرتي قبرص وكريت.

استعداد للحوار دون "شروط مسبقة"

بدا واضحاً خلال الأيام الماضية استعداد الطرفين التركي واليوناني للحوار حول شرقي المتوسط، إذ أعرب متحدث الرئاسة التركية إبراهيم قالن، الثلاثاء، عن استعداد بلاده، دون قيد ولا شرط مسبق، للعمل من أجل أن يعود شرقي المتوسط من كونه ساحة صراع إلى بحر للسلام.

وقال قالن إن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تلعب دورا بنّاءً كوسيط في هذه المرحلة التي تشهد توتراً مع اليونان، إثر إخطار "نافتكس" الذي أطلقته البحرية التركية قبل أيام شرقي المتوسط.

وأوضح أن ميركل تتبع نهجاً يعتمد على التقدم بخطوات لخفض التوتر في بحر إيجه وشرقي المتوسط، واتخاذ إجراءات لبناء ثقة متبادلة، وتأسيس أرضية مشتركة للخروج بمجموعة قرارات إيجابية تتعلق بتركيا في هذه المرحلة التي تترأس فيها ألمانيا الاتحاد الأوروبي.

وأشار إلى أن ميركل تعرضت بسبب ذلك لانتقادات كثيرة داخل الاتحاد الأوروبي، مضيفاً: "نهجنا سيكون أيضا إيجابياً للغاية"، ولفت إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في وجود فجوات في المنطقة الاقتصادية الخالصة المتعلقة بالجرف القاري لبحر إيجه والجزر وشرقي المتوسط.

ونوه قالن إلى وجود أرضية للحوار مع اليونان، مؤكداً استعداد بلاده لإجراء محادثات معها دون شروط مسبقة في القضايا الثنائية كافة، كما شدد قالن على ضرورة البدء بشكل متوازٍ بمفاوضات بشأن المناطق المتنازع عليها في قبرص بين جمهورية شمال قبرص التركية والجانب الرومي من الجزيرة.

وأردف: "قلنا إننا على استعداد، دون قيد ولا شرط مسبق، لكي يعود شرقي المتوسط من كونه ساحة صراع إلى بحر للسلام"، وذكر أن الإطار الرئيسي للعمل الذي بدأ مع اليونان هو وضع الأحكام الأيديولوجية المسبقة جانباً والعمل معاً في هذه القضية.

ووجه قالن رسالة إلى اليونان وقبرص الرومية بقوله "فلنعمل على حل قضايانا الثنائية بشكل ثنائي، ولا تحاولوا الضغط على تركيا من خلال عضويتكم في الاتحاد الأوروبي، حينها لن تتمكنوا من تحصيل أي نتيجة".

رداً على ذلك، رحبت أثينا باستئناف الحوار مع تركيا واصفة دعوة أنقرة بـ"التطور الإيجابي"، إذ قال المتحدث باسم الحكومة اليونانية، ستيليو بيتاس حول الحوار المحتمل بين بلاده وتركيا: "قد تكون هذه المباحثات على شكل لقاءات استكشافية تلك التي توقفت في السابق، لكن بالطبع لا يمكن أن تكون مع التهديدات وفرض الأمر الواقع".

إصرار تركيّ على الحقوق والسيادة

على الرغم من الاستعداد التركي للحوار، إلا أنها في الوقت ذاته تصر على حقوقها السيادية شرقي المتوسط، إذ قال أقار في هذا الصدد، الأربعاء، إن من حق بلاده التنقيب والاستفادة من الثروات في مناطق الصلاحية البحرية التابعة لها بشرق المتوسط والمناطق المرخص بها في جمهورية شمال قبرص التركية.

وأضاف أقار قائلاً: "لا يساورن أحد الشك في مواصلتنا استخدام حقوقنا في التنقيب"، مشدداً على أن بلاده تولي أهمية كبيرة لقضايا تحديد مناطق الصلاحية البحرية وحماية الحقوق السيادية بالتساوي وتقاسم الموارد بشكل عادل ومحق.

وأضاف: "يجب عدم تجاهل هذه القضايا أبداً، وأود الإشارة إلى أننا مستعدون دائماً لحماية حقوقنا وحقوق أشقائنا القبارصة"، وأكد أن جميع الأنشطة التي تجريها تركيا قانونية وتتوافق مع القانون الدولي والقانون البحري.

وأكد أن بلاده تقف إلى جانب السلام وتبذل جهودها للمحافظة عليه، لكنها في الوقت ذاته مصممة على حماية حقوق أشقائها في إشارة إلى قبرص التركية.

وأضاف: "كما صرحنا بصدق دائماً، نقف إلى جانب السلام، ونؤيد أن ينعم الجميع هنا بالأمن والسلام والرخاء مع توزيع عادل للثروات وعلاقات حسن جوار، ونبذل جهودنا في سبيل ذلك".

واستطرد: "لكن لا يمكننا التسامح مع أي فرض للأمر الواقع من قبل الأطراف الأخرى، ويجب أن أشير هنا إلى أنه لا توجد فرصة نجاح لأي حل بدون تركيا".

ولفت أقار إلى أنه جرى في إطار الاتفاق على الحوار بين تركيا واليونان في سبيل تعزيز الثقة بينهما، عقد اجتماعين في أثينا، واجتماع ثالث في أنقرة، وأضاف: "أبلغنا الجانب اليوناني استعدادنا لاستضافة الاجتماع الرابع"

وأردف: "هناك الكثير من التصريحات الصادرة عن مصادر يونانية متنوعة مؤخراً، منها أنه لا يمكننا ترك أمن منطقة شرق المتوسط لتركيا. وأدعو من يقول ذلك للاطلاع على تاريخهم وتاريخنا وتاريخ شرق المتوسط".

وشدد على أن "تركيا تمتلك في الوقت الحالي كل المقومات التي تُمكنها من القيام بما يجب من أجل أمن المنطقة".

TRT عربي - وكالات