دعوات ملحّة لرحيلهم.. ما مصير المرتزقة في ليبيا بعد التسوية السياسية؟
تستمر الدعوات من الحكومة الليبية الجديدة ومن الأمم المتحدة مطالِبة بخروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، وسط تساؤلات عن مصير المرتزقة بعد التسوية السياسية، فيما تُشير معطيات ميدانية إلى استمرار عمل بعضهم وقدوم مرتزقة جدد إلى البلاد.
سبق أن قدّرت الأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول الماضي عدد العسكريين والمرتزقة الأجانب في ليبيا بعشرين ألفاً (AA)

في واحدة من أبرز تصريحاتها وأولاها منذ تولي الحكومة الجديدة السلطة في ليبيا، أعلنت وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش الخميس الاتفاق على ضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد، مباشرة بعد لقاء نظرائها الفرنسي والألماني والإيطالي في مقر رئاسة الوزراء في العاصمة طرابلس.

وقالت المنقوش: "اتفقنا على ضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من أراضينا والإسراع في عودة السفارات"، وأضافت: "نؤكد ضرورة خروج كل المرتزقة من أراضي الوطن وفوراً".

هذه التصريحات تأتي بعد يوم من تقرير أممي جدّد المطالبة برحيل المرتزقة والقوات الأجنبيّة من ليبيا، وسط تساؤلات عن مصير هؤلاء بعد التسوية السياسية، وفي خضم تضارب لأنباء يشير بعضها إلى بداية خروج بعض المرتزقة من البلاد، فيما تكشف أخرى عن دخول مرتزقة جدد للقتال إلى جانب حفتر.

"سحب طفيف"

كشف تقرير سلّمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى مجلس الأمن عن ما سمَّاه "تحركاً طفيفاً لسحب بعض المرتزقة" من ليبيا، واعتبره خطوة "غير كافية"، معرباً في الآن ذاته عن "قلقه العميق" إزاء "التقارير حول استمرار وجود عناصر أجنبية في سرت ومحيطها ووسط ليبيا".

ويُشير التقرير الأممي إلى أنه جرى سحب قوات أجنبية من وسط مدينة سرت وغربها نحو منطقة وادي هراوة الواقعة على مسافة خمسين كيلومتراً شرق سرت، للمساهمة في تأمين المدينة وإعادة فتح مطار القرضابية.

وسبق أن قدّرت الأمم المتحدةفي ديسمبر/كانون الأول الماضي عدد العسكريين والمرتزقة الأجانب في ليبيا بعشرين ألفاً، فيما أشارت تقارير أممية عديدة إلى أنه يوجد في ليبيا مرتزقة روس وتشاديون وسودانيون وسوريون.

في هذا الصدد قال المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش أمام مجلس الأمن إن "انسحابهم [المرتزقة] من ليبيا سيساهم بشكل كبير في استعادة وحدة البلاد وسيادتها، وتضميد الجراح العميقة التي سببتها سنوات عديدة من الصراع الداخلي والصراع النشط والتدخل الأجنبي".

مقترح أممي

يفصّل غوتيريش في تقريره مقترحاً لنشر تدريجي لبعثة تراقب وقف إطلاق النار ومغادرة المرتزقة والقوات الأجنبية، من دون أن يحدد عدد المراقبين المقترحين، لكنه يشير إلى أنهم مدنيون غير مسلحين وسينشرون بالاتفاق مع الأطراف الليبية.

من جهته شدّد كوبيش على ضرورة أن "يكون فريق المراقبين متوازناً وأن يشمل نساء وشباباً"، من دون أن يحدد عدد الفريق.

وترتكز آلية المراقبة المدمجة ضمن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في مرحلة أولى على الطريق الساحلي الرابط بين شطرَي البلاد، على أن يتوسع نطاقها ليشمل مثلثاً بين مناطق أبو قرين وبن جواد وسوكنة قبل الانتقال إلى مرحلة ثالثة محتملة تشمل مناطق أخرى.

واعتبر يان كوبيش أن "إعادة فتح الطريق الساحلي خطوة حاسمة للتنفيذ المنتظم والدائم، وإن كان تدريجياً، لاتفاق وقف إطلاق النار" المبرم في أكتوبر/تشرين الأول، ورحب بـ"التقدم المهم المنجز في تطهير الطريق الساحلي من مصراتة إلى شرق ليبيا من المتفجرات" التي بينها ألغام زرعت في إطار المعارك.

"فاغنر" باقون

وفي معرض حديثه عن المرتزقة في ليبيا قال المبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيش إنه "توجد أنباء عن تحصينات وإقامة مواقع دفاع مستمرة" بطول المحور الرئيسي في وسط ليبيا من مدينة سرت الاستراتيجية حتى الجفرة المجاورة.

هذا الأمر أشار إليه موقع The Libya Observer الذي نقل عن المكتب الإعلامي لعملية "بركان الغضب" قوله إنه رصد تحركات لمرتزقة "فاغنر" الروس الداعمين الانقلابي خليفة حفتر وهم يبنون متاريس وسواتر رملية بين مدينتَي سرت والجفرة.

فعلى الرغم من انسحابهم بعد التوصل إلى تسوية سياسية وإعلان تشكيل الحكومة الجديدة، فإن الجيش الليبي قال في 12 مارس/آذار الجاري إنه رصد عودة مرتزقة "فاغنر" و"الجنجويد" السودانية إلى سرت "بعد انسحابهم خارجها لأميال قبل أيام".

المرتزقة الروس كانوا جزءاً أساسياً من نقاش اجتماع مجلس الأمن الأربعاء، إذ طالبت عدة دول بينها المملكة المتحدة وفرنسا خلال الاجتماع بـ"رحيل كامل لا رجوع فيه" للمرتزقة بمن فيهم مقاتلو شركة "فاغنر" التي تعرف بقربها من الكرملين، مع ضمان عدم انتشارهم في دول مجاورة لليبيا.

هذا الأمر رد عليه مندوب روسيا في مجلس الأمن فاسيلي نبينزيا، قائلاً إنه "إذا كان في ليبيا مواطنون روس فهم لا يمثلون الحكومة الروسية".

TRT عربي - وكالات