شهادات مروعة لناجين.. أدلة تشكك برواية اليونان حول التعامل مع غرق المهاجرين
تتضارب الروايات حول حقيقة ما حصل للقارب الذي يقل مئات المهاجرين قبل غرقه قبالة سواحل اليونان الأسبوع الماضي. وأثارت العديد من التقارير والتحقيقات شكوكاً حول رواية السلطات اليونانية، التي يُعتقَد بتسببها في غرق المئات.
صورة نشرها خفر السواحل اليوناني للقارب قبل غرقه قبالة ساحل بيلوبونيز / صورة: AFP (AFP)

كشفت شبكة "بي بي سي" البريطانية أنها حصلت على أدلة تلقي بظلال من الشك على رواية خفر السواحل اليوناني عن غرق سفينة تقل مئات المهاجرين يوم الأربعاء الماضي.

وتقول الشبكة إن تحليل حركة السفن الأخرى في المنطقة تشير إلى أن سفينة الصيد المزدحمة، التي كانت تقل المهاجرين، لم تتحرك لمدة سبع ساعات على الأقل قبل انقلابها.

فيما يدعي خفر السواحل اليوناني أنه خلال هذه الساعات كان قارب المهاجرين في طريقه إلى إيطاليا، وليس بحاجة إلى الإنقاذ.

ودعت الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق في طريقة تعامل السلطات اليونانية مع الكارثة، وسط مزاعم بأنه كان ينبغي اتخاذ المزيد من الإجراءات في وقت سابق لبدء محاولة إنقاذ واسعة النطاق.

في المقابل، يؤكد المسؤولون اليونانيون أن من كانوا على متن السفينة قالوا إنهم لا يريدون المساعدة، ولم يكونوا في خطر إلا قبل غرق قاربهم بقليل.

لكن "بي بي سي" حصلت على رسوم حاسوبية متحركة لبيانات التعقب، مقدمة من منصة التحليلات البحرية MarineTraffic تُظهر أنه كانت هناك مشاكل في الملاحة لدى السفينة.

"تضارب روايات"

قالت القوة الحدودية في الاتحاد الأوروبي (فرونتكس) إنها رصدت قارب المهاجرين، لأول مرة، في حوالي الساعة 08:00 (ت.غ) من يوم الثلاثاء، وأبلغت السلطات اليونانية بذلك.

كما قالت ألارم فون، وهي منظمة تقدم الدعم للمهاجرين المعرضين للخطر في عرض البحر، إنها تلقت مكالمة في الساعة 12:17(ت.غ) تفيد بأن القارب في محنة.

واستخدمت "بي بي سي" مقاطع فيديو وصوراً موثقة من قبل وحدة التحقق BBC Verify ، بالإضافة إلى سجلات المحكمة وسجلات الشحن، لتحليل حركة السفن في المنطقة في الساعات التالية.

وتُظهر الرسوم المتحركة لمنصة التحليلات البحرية سفينة تتجه فجأة شمالاً في الساعة 15:00(ت.غ)، أكد مالكها أن خفر السواحل قد طلب منه الاقتراب من قارب المهاجرين وتقديم الطعام والماء لهم.

بعد نحو نصف ساعة، عثرت مروحية خفر السواحل على قارب المهاجرين. وواصلت السلطات الادعاء بأن القارب كان يسير بثبات ودون مشاكل في ذلك الوقت.

ولكن بعد ساعتين ونصف الساعة أي نحو الساعة 18:00 (ت.غ)، اتجهت سفينة أخرى إلى المنطقة نفسها وقدمت الإمدادات إلى القارب.

وظهر فيديو يزعم أنه يُظهر تسليم الإمدادات إلى قارب المهاجرين عبر حبل في الماء. ولكن لا يمكن رؤية أي سفن أخرى.

وبين الساعة 19:40 حتى 22:40، ادعى المسؤولون اليونانيون في بادئ الأمر أن القارب كان يحافظ على "مساره وسرعته بثبات".

وزعم بيانهم الأولي أنهم راقبوا الأمر من مسافة آمنة، لكن الصورة المقربة التي نشروها لاحقاً تشير إلى أن قارب المهاجرين لا يتحرك بأي اتجاه.

وقال متحدث باسم الحكومة اليونانية في وقت لاحق إن خفر السواحل حاولوا الصعود على متن القارب لتقييم الخطر، لكن من كانوا على متن القارب أزالوا حبلاً كان مربوطاً ولم يرغبوا في المساعدة.

أصر المسؤولون اليونانيون على أن قارب المهاجرين لم يكن في مأزق، وبدلاً من ذلك كان في طريقه بأمان إلى إيطاليا، وبالتالي لم يحاول خفر السواحل الإنقاذ.

في الساعة 23:00، غرق القارب وعلى متنه مئات الأشخاص، وتظهر الرسوم المتحركة للتعقب تدفق مجموعة من السفن القادمة للمساعدة.

بعد ذلك، طُلب من اليخت الفاخر "مايان كوين" المساعدة في نقل بعض الناجين الـ104 إلى الشاطئ.

"أجبروا على البقاء في القارب"

في السياق ذاته، قالت صحيفة الأوبزرفر البريطانية، نقلاً عن شهادات ناجين، إن الباكستانيين أجبروا على البقاء في جوف القارب المتهالك مما أضعف قدرتهم على النجاة.

ووفقا للشهادات المسربة التي رواها الناجون لخفر السواحل، أُجبر الباكستانيون على الهبوط من سطح القارب، مع السماح لجنسيات أخرى بالبقاء على السطح العلوي، مما سمح للمجموعة الأخيرة بالحصول على فرصة أكبر للنجاة.

وعلمت الأوبزرفر أن طاقم السفينة أساء معاملة الباكستانيين عندما حاولوا البحث عن المياه العذبة أو الفرار.

وتشير الشهادات إلى أن النساء والأطفال قد أُجبروا على البقاء في جوف القارب. ولا يُعتقد أن من بين الناجين نساء أو أطفالاً.

ولا تملك السلطات في أوروبا حتى الآن فكرة واضحة عن عدد الأشخاص الذين كانوا على متن القارب الغارق، وتتراوح التقديرات بين 400 وأكثر من 700 مهاجر، ويحتمل أن غالبيتهم من باكستان ومن القسم التابع لها من كشمير. وتحدثت وسائل إعلامية محلية عن مصرع 300 باكستاني.

وتشير شهادة أخرى نقلتها الصحيفة أيضاً إلى أن محرك القارب تعطل قبل أيام من غرقه، إضافة إلى اتهامات تفيد بأن ربط خفر السواحل القارب بحبل هو ما أدى إلى انقلابه، وهي اتهامات رفضها المسؤولون اليونانيون.

TRT عربي - وكالات