اعتبر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والدعم الغربي غير المشروط له من الأسباب الرئيسية لمشكلة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.
ودعا فيدان خلال مؤتمر صحفي مع نظيره المصري سامح شكري عقب لقائهما في إسطنبول، السبت، إلى أن تكون "أولويتنا الأولى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتنفيذ صيغة حل الدولتين".
وحذر وزير الخارجية التركي من أنه "إذا لم يحدث ذلك فإن التوتر في المنطقة سيستمر في التصاعد".
وأردف: "إذا لم يُمنح الفلسطينيون الدولة والاستقلال والسيادة التي يستحقونها، فإن مثل هذه الأزمات ستتواصل في منطقتنا على نحو متزايد".
وأوضح أن كل ما يحدث على صعيد فلسطين يحرك خطوط صدع عالمية، وأن ما يحدث في المنطقة من شأنه التأثير على كل جزء من العالم.
واستشهد وزير الخارجية التركي بالأزمة المتعلقة بالسفن التجارية في البحر الأحمر (في إشارة إلى هجمات الحوثيين).
وقال: "رأينا كيف انقطعت السلاسل اللوجستية. وكيف تأخرت الطلبيات وارتفعت الأسعار، هذه مجرد بداية".
وتساءل: "هل يحدونا الأمل في أن تغير بعض الدول موقفها في هذه القضية؟ في ظل استمرار الظروف الحالية على هذا النحو، تتضاءل إمكانية أن نكون متفائلين، وتحدثنا عن ذلك مع أخي العزيز (شكري)".
المقاومة تتحول إلى صراع بين الظالمين والمظلومين
وأكد فيدان أنه ينبغي زيادة الضغط قائلاً: "كدول إقليمية ودول إسلامية وبقية الدول الإفريقية والدول اللاتينية ودول آسيا الوسطى، يتعين على الجميع أن يجتمعوا ويرفعوا أصواتهم ضد هذا الظلم بطريقة منظمة".
وأكمل أن "المقاومة في فلسطين تتحول تدريجياً من كونها حرباً بين إسرائيل وفلسطين إلى شكل من أشكال الصراع بين الظالمين والمظلومين في العالم".
وأعرب عن ثقته بأن دماء الشهداء في فلسطين "ستكون بمثابة ماء مبارك يغذي آمال الشعوب والمجتمعات الأخرى المضطهدة في العالم".
ورداً على سؤال عن الدور الدولي الذي لعبته تركيا في غزة حتى الآن، قال فيدان: "إن الرئيس رجب طيب أردوغان ركز على حل القضية الفلسطينية ومشكلة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط كما ينبغي، عبر السياسات التي انتهجها منذ وصوله إلى سدة الحكم".
وأضاف: "حكوماتنا ودولتنا لم تتخليا عن السعي بخصوص حل هذه المسألة ولو لثانية واحدة، لقد كنا نبحث دائماً عن كيفية القيام بذلك بطريقة عقلانية غير عاطفية من شأنها أن تساهم حقاً في القضية الفلسطينية".
وأشار إلى أنهم ناقشوا كيفية العمل مع الشركاء الإقليميين، وبخاصة مصر، بشأن هذه القضية.
سعي لوقف إطلاق النار
وأوضح أنهم يعملون عبر استخدام الإمكانات كافة على إنهاء الاحتلال ووقف إطلاق النار وتدفق المساعدات الإنسانية إلى داخل غزة.
وذكر فيدان أنهم يبحثون ما يمكن فعله ونوع الضغط الدولي الذي يمكن القيام به لمنع الهجوم الإسرائيلي المحتمل على رفح.
وشدد فيدان على أن الأزمة الكبيرة الحقيقية التي تنتظر العالم تتمثل في نفاق النظام الدولي الذي سقط قناعه وانكشفت حقيقته عبر طريقة تعامله مع القضية الفلسطينية وغياب القانون الدولي وعدم جدوى نظام الهيمنة الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية.
من جهته، أكد وزير خارجية مصر سامح شكري، أن القاهرة تعمل على توثيق التعاون مع تركيا من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة.
وأوضح شكري أن "حجم الدولتين وإسهامهما في تداول القضايا الإقليمية والدولية أمر مهم ومن ثم كان تركيز مصر وتركيا على القضايا الإقليمية وفي مقدمتها الحرب القائمة على غزة".
وأشار إلى أن "استمرار هذه الحرب دون التوصل إلى وقف إطلاق النار ودون توفير المساعدات الإنسانية بالقدر الذي يحتاجه الشعب الفلسطيني في غزة واستمرار العمل على التهجير ونزوح الفلسطينيين عن أراضيهم، كلها أمور يجب أن يجري التعامل معها بالجدية اللازمة".
الأوضاع في ليبيا وسوريا والسودان واليمن والصومال
وأكد وزير الخارجية المصري أن "المباحثات تناولت بشكل مسهب الأوضاع في ليبيا وسوريا والسودان واليمن والصومال وأهمية العمل بشكل مشترك لحل المشكلات القائمة وتحقيق الاستقرار".
وقال: "ليس هناك تقاطع في المصالح بين مصر وتركيا وإنما تكامل وقدرة على التأثير الإيجابي في حل تلك المشكلات المزمنة وتحقيق المصالح لكل من البلدين".
وبشأن غزة، قال شكري، إن بلاده "بالتعاون مع شركائها الدوليين تشدد على ضرورة دخول المساعدات الإنسانية بالكميات المطلوبة للوفاء باحتياجات الشعب الفلسطيني".
وشدد على "ضرورة فتح المعابر الإسرائيلية أمام المساعدات، إذ إن هناك 6 معابر يجب أن تلتزم إسرائيل كدولة احتلال بمراعاة احتياجات المدنيين في غزة، فهي مسؤوليتها بمقتضى القانون الدولي والتقاعس فيها يعد مخالفة لإجراءات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".
ورداً على سؤال فيما يتعلق بالتوتر والتصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل مؤخراً، قال شكري إن بلاده حذرت منذ بدء التصعيد العسكري في المنطقة من أن الحرب في غزة سوف تؤدي إلى اتساع رقعة الصراع والتوتر بالمنطقة.
وأضاف أن بلاده تعمل بكل الوسائل من خلال اتصالاتها لتجنب تفاقم الوضع.
ولفت إلى أن هذا "جعل أنظار المجتمع الدولي تنتقل بعيداً عن الأوضاع المأساوية التي يشهدها قطاع غزة".
وأوضح أن المباحثات مع وزير الخارجية التركي تناولت التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط مؤكداً أهمية العمل المشترك لاحتواء الآثار السلبية المترتبة على هذه التوترات.
دور قطري مهم
وقال شكري، إن "قطر تلعب دوراً مهماً خلال الفترة الماضية مع مصر والولايات المتحدة في إطار المفاوضات الجارية للتوصل إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين، وأيضاً توفير المساعدات لقطاع غزة".
وأكد أن بلاده "سوف تستمر في جهودها للتوصل إلى الوقف الفوري لإطلاق النار للحفاظ على أرواح المدنيين وعلى القضية الفلسطينية".
ومنذ أشهر، ترعى قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة حماس بهدف التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار في قطاع غزة وتبادل للأسرى والمحتجزين بين الطرفين.
وبوساطة تلك الدول، أبرم اتفاق هدنة مؤقتة بين الطرفين، استمر أسبوعاً حتى مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، جرى خلاله تبادل أسرى وإدخال مساعدات محدودة إلى القطاع.
وشكلت الزيارة الرسمية التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر في 14 فبراير/شباط، بعد 12 عاماً، علامة فارقة مهمة في العلاقات التركية المصرية التي حققت تقدماً كبيراً في الآونة الأخيرة.
وفي إطار زيارة الرئيس أردوغان، جرى التوقيع على إعلان مشترك بشأن إعادة تشكيل مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين تركيا ومصر برئاسة زعيمي البلدين.