لماذا شهدت أسواق البورصة العالمية والعملات الرقمية تراجعاً حاداً؟
شهدت أسواق العملات الرقمية والأسهم العالمية تراجعاً حاداً يوم الاثنين، إذ تكبدت الأسواق العالمية خسائر قُدرت بـ6.4 تريليون دولار، ونالت أسهم التكنولوجيا النصيب الأكبر من الخسارة.
لماذا شهدت أسواق البورصة العالمية والعملات الرقمية تراجعاً حاداً بالأمس؟/ صورة: أرشيف AA (AA)

وكانت الأسوأ أداءً شركة إنفيديا إذ تراجع سهمها بنسبة 6.4%، تلاها سهم أبل بنسبة 4.8% وتسلا بنسبة 4.2%, كما تراجعت الأسهم عالية الأداء لشركات ألفابت المطورة لخدمات غوغل وأمازون وميتا بلاتفورمز ومايكروسوفت وتسلا بنسبة 12.2% في تداولات ما قبل افتتاح السوق.

وشهدت البورصات الأمريكية تراجعات كبيرة، إذ انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز على تراجع حاد بنسبة 3%، ومؤشر داو جونز بنسبة 2.6%، و مؤشر ناسداك المركب شهد تراجعاً بنسبة 3.4%. كما خيم اللون الأحمر على شاشات البورصات الأوروبية أيضاً، إذ تراجع المؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 2.2% إلى 484.45 نقطة، في أكبر انخفاض له في ثلاثة أيام منذ يونيو/حزيران 2022.

أما في آسيا، فقد سجل مؤشر نيكي في اليابان، في ختام جلسة الاثنين، أسوأ تراجع له منذ 1987، إذ انخفض بنسبة 12.4%، كما انخفضت الأسواق الآسيوية الأخرى، إذ انخفضت المؤشرات القياسية في كوريا الجنوبية وتايوان بأكثر من 8%.

وعلى وقع انهيارات الأسواق عالمياً، تواصلت خسائر البورصات العربية في تعاملات الاثنين، وسط مخاوف من دخول الاقتصاد الأمريكي في ركود، وتصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة.

ولم تكن العملات المشفرة بمنأى عن هذه التراجعات، إذ انخفضت قيمتها السوقية بمقدار 550 مليار دولار. وشهدت البيتكوين، العملة الرقمية الأكثر شهرة، انخفاضاً بأكثر من 16% لتستقر عند 51.1 ألف دولار للوحدة، وهو أدنى مستوى لها منذ فبراير/شباط الماضي، وذلك نتيجة لعمليات البيع الواسعة في السوق الرقمية، والتي تأثرت بدورها بالتراجعات في الأسواق المالية التقليدية.

الأسباب وراء الانهيار

تصاعدت المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي الأمريكي بعد أن أظهرت البيانات انخفاض معدل نمو الوظائف إلى 4.3%، الأمر الذي دفع المستثمرين إلى التخوف من تأثيره السلبي على الاقتصاد العالمي، ما أدى إلى عمليات بيع واسعة في الأسهم والسندات.

ومع وصول معدل البطالة حالياً إلى أعلى مستوياته منذ الخروج من الركود الناجم عن الوباء في عام 2021، حذر خبراء الاقتصاد ومحللو البنوك والمستثمرون من أن إشارات الركود تزداد وضوحاً.

ولكن تحليلات صحيفة "واشنطن بوست"، ترى أن هذا التراجع لا يعني بالضرورة قدوم ركود اقتصادي، ونقلت الصحيفة عن خبراء اقتصاديين ومحللين ماليين أنه من السابق لأوانه الشعور بالذعر، إذ يعتقدون أن عمليات البيع الحالية نتيجة لاضطرار المستثمرين إلى فك تشابك الصفقات المعقدة ذات القيمة المالية العالية والتي كانت رفعت أسعار الأسهم بشكل مصطنع.

فبحسب الصحيفة، فإن الاقتصاد الأمريكي لا يزال وفقاً لمعظم المقاييس في حالة قوية، إذ "يواصل الأمريكيون الإنفاق، وينمو قطاع الخدمات، وتظل سوق الأسهم مرتفعة طوال العام، وهي ليست بعيدة جداً عن أعلى مستوياتها على الإطلاق التي سجلتها مؤخراً".

وترك البنك المركزي الأمريكي الأسبوع الماضي تكاليف الاقتراض دون تغيير، قائلاً إنه يحتاج إلى مزيد من الأدلة على أن التضخم تحت السيطرة بشكل موثوق. وبدأ محللون في وول ستريت يرون أن عدم تدخل الفيدرالي خلال أيام قليلة قادمة بإعلانه خفضاً على أسعار الفائدة، من شأنه أن يدخل الاقتصاد الأمريكي في ركود.

وسيكون اجتماع الفيدرالي المقبل يوم 17 سبتمبر/أيلول المقبل، في وقت تبلغ فيه أسعار الفائدة حالياً نطاق 5.25% و5.5%، وهو أعلى مستوى منذ 23 عاماً.

لكن أوستان جولسبي رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في شيكاغو أشار إلى أن الاقتصاد الأمريكي ليس في حالة ركود على ما يبدو، وأضاف جولسبي، في مقابلة مع قناة "CNN"، أن على مسؤولي مجلس الاحتياطي الاتحادي أن يستوعبوا مع ذلك التغيرات التي طرأت على السوق لتجنب الإفراط في تقييد أسعار الفائدة.

التداعيات الاقتصادية والسياسية

وفقاً لمجلة "فورين بوليسي"، فإن تداعيات هذا الانهيار تتجاوز مجرد الخسائر المالية، إذ قد يؤدي هذا الانهيار إلى محو مليارات، إن لم يكن تريليونات، الدولارات من الثروة الافتراضية، ما يمكن أن يؤثر على ثقة المستهلكين والشركات.

وسياسياً، تأتي هذه الأزمة في وقت حساس بالنسبة إلى الولايات المتحدة، حيث تقترب الانتخابات الرئاسية، إذ تقول المجلة إن الرئيس جو بايدن وإدارته قد يواجهان تحديات كبيرة إذا استمرت الأسواق في التراجع، وإذا شعر الناخبون بأن الاقتصاد في حالة تدهور، فقد يؤثر ذلك سلباً على فرص الحزب الديمقراطي في الانتخابات القادمة، وفق المجلة.

من ناحية أخرى، تشير المجلة إلى أن الجمهوريين قد يستفيدون من هذه الأزمة، بخاصة إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية في التدهور. وفي هذا السياق، قال جاري هوفباور، خبير اقتصادي في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي لفورين بوليسي: "إن انهيار سوق الأسهم قد يعزز فرص دونالد ترمب في الولايات المتأرجحة. وهذا قد يكون خبراً سيئاً للاقتصاد على المدى الطويل، نظراً لسياسات ترمب الاقتصادية والتجارية المثيرة للجدل".

TRT عربي - وكالات