مونديال 2022.. ما سبب غضب ميسي غير المألوف في مباراته ضد هولندا؟
اعتبر مراقبون أن حالة الغضب التي بدرت من اللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي، عقب مباراة فريقه الجمعة مع هولندا، تفسر تعطُّشه الشديد لكأس العالم، وإظهار "أرجنتينيته" للمرة الأولى أكثر من أي وقت مضى.
ميسي يُبدي غضباً غير مألوف في مباراة فريقه ضد هولندا / صورة: AFP (AFP)

قد يرى كثيرون أن ما بدر عن ليونيل ميسي بعد فوز الأرجنتين على هولندا غير مألوف للاعب طالما عُرِفَ برباطة جأشه في أصعب الظروف، لكن يمكن تفسير ما حصل الجمعة في ملعب لوسيل بغضب قد يغذيه تعطشه لمعانقة الكأس بعدما أظهر "أرجنتينيته" أكثر من أي وقت مضى.

لطالما أُخِذَ على ميسي أنه عجز لأعوام طويلة عن نقل تألقه على صعيد الأندية إلى المنتخب الوطني، لكنه نجح أخيراً في فك النحس الذي لازمه بإحراز لقبه الأول بألوان بلاده من خلال الفوز بكوبا أمريكا 2021.

لكن كحال جميع اللاعبين، تبقى كأس العالم الحلم الأسمى.

وبما أنه في الخامسة والثلاثين من عمره، دخل نجم باريس سان جرمان الفرنسي الحالي وبرشلونة الإسباني سابقاً، المونديال القطري عازماً أكثر من أي وقت مضى على نيل اللقب الذي أفلت منه عام 2014 حين خسر ورفاقه النهائي أمام ألمانيا.

وبعد صدمة السقوط أمام السعودية (1-2) افتتاحاً، نجح ميسي في إعادة منتخب بلاده إلى الطريق الصحيح وحمله إلى الدور ثمن النهائي، ومن بعدها إلى ربع النهائي حيث واجهوا السبت المنتخب الهولندي.

وبدا فريق المدرب ليونيل سكالوني في طريقه لحسم تأهله بعدما افتتح ناهويل مولينا التسجيل بتمريرة متقنة من ميسي، قبل أن يضيف الأخير الهدف الثاني من ركلة جزاء.

لكن الحياة عادت للهولنديين بفضل البديل فاوت فيخهورست الذي قلّص الفارق في الدقيقة 83 من كرة رأسية رائعة، ثم خطف هدف التعادل في الدقيقة 11 من الوقت بدل الضائع إثر ركلة حرة ماكرة.

احتكم الفريقان بعدها للتمديد، وهنا بدأ التشنج والالتحامات في معركة فتح فيفا تحقيقاً فيها بعدما شهدت بالمجمل 18 بطاقة صفراء طالت حتى الطاقمين التدريبيين واللاعبين الجالسين على مقاعد البدلاء، وبينهم نجم هولندا دنزل دامفريس الذي نال بطاقة حمراء في الثواني الأخيرة.

وبعد نهاية المعركة البدنية على أرضية الملعب التي شهدت في النهاية فوزاً أرجنتينياً بركلات الترجيح، انتقلت المواجهات والاستفزازات إلى جانب الملعب حيث توجه ميسي صوب دكة بدلاء هولندا لمواجهة المدرب لويس فان خال لأنه "قلّل احترامي"، وفق ما أفاد به النجم الأرجنتيني.

"أعتقد أنه بحاجة إلى إقفال فمه"

وقال ميسي: "أشعر أن فان خال قلّل احترامي بعد ما أدلى به قبل المباراة، كما أن بعض اللاعبين الهولنديين ثرثر كثيراً خلال المباراة".

ويتحدث ميسي هنا عما قاله فان خال عشية المواجهة بشأن النجم الأرجنتيني الذي يفعل القليل من أجل الفريق عندما لا تكون الكرة في حوزته.

وردّ ميسي الجمعة قائلاً: "يروّج فان خال أنه يلعب كرة جميلة، ثم يضع مهاجمين في منطقة الجزاء ويبدأ لعب الكرات الطويلة باتجاههم"، معتبراً أنه "نستحق التأهل، وهذا ما حصل".

ولم يكن لسان الحارس إيميليانو مارتينيس مختلفاً عن قائده، إذ قال بعد تألقه في صد الركلتين الترجيحيتين الأوليين لهولندا: "سمعت فان خال يقول إن لدينا أفضلية في ركلات الترجيح. إذا وصلنا إلى ركلات الترجيح فسنفوز. أعتقد أنه بحاجة الى إقفال فمه".

ولم تتوقف المناوشات والاستفزازات في أرضية الملعب، بل انتقلت إلى المنطقة الإعلامية المختلطة حيث ظهر ميسي خلال مقابلة مع قناة "تي واي سي سبورتس" الأرجنتينية وهو يتوجه إلى شخص ما قائلاً: "إلامَ تنظر أيها الغبي؟ اذهب من هنا أيها الغبي. اذهب بعيداً"، وسط ذهول الصحافي الذي توجه للنجم الأرجنتيني قائلاً: "هدئ من روعك ليو، هدئ من روعك".

وتبين لاحقاً أن كلام ميسي موجه لفيخهورست الذي بدا كأنه يحاول الوصول إلى الأرجنتيني من أجل تبادل السلام معه، لكن الطريق لم يكن سالكاً بتاتاً إذ انهال عليه الأرجنتينيون بالشتائم وبينهم الهداف السابق سيرخيو أغويرو الذي ظهر في فيديو وهو يتوجه إلى الهولندي قائلاً بالإنجليزية "اخرس، اخرس".

وعندما فسّر الهولندي العملاق ما كان يريده، بدا أن مهاجم إنتر الإيطالي لاوتارو مارتينيس، صاحب الركلة الترجيحية التي حسمت الفوز لبلاده، الأكثر دبلوماسية، وهدّأ الهولندي ومد يده له قبل أن يلحق به أغويرو على مضض، فيما رفض ليساندرو مارتينيس الانضمام إليهما وواصل طريقه وهو يتمتم بالإسبانية.

"كنا بحاجة إلى ذلك"

واقعة الجمعة لم تكن عادية بالمعايير كافة، لكن في النهاية بلغت الأرجنتين نصف النهائي للمرة الخامسة في تاريخها المتوَّج بلقبين عامَي 1978 حين تغلبت على هولندا بالذات، و1986 حين فاز الأسطورة دييغو مارادونا على ألمانيا الغربية، والثانية في النسخ الثلاث الأخيرة.

أما ميسي فـ"أظهرت الأرجنتين من مباراة إلى أخرى أنها تعرف كيف تلعب. لعبنا باندفاع ورغبة وعرفنا كيف نتعامل مع اللحظات (الهامة) في المباراة".

وشدّد: "كنا بحاجة إلى ذلك، ونحن سعداء بأن البلد بأكمله يحتفل".

وعلى غرار الأرجنتين، حسمت كرواتيا تأهلها إلى نصف النهائي بفضل تألق حارسها دومينيك ليفاكوفيتش في ركلات الترجيح أمام البرازيل، وستكون العائق قبل الأخير بين ميسي وحلم الفوز باللقب المنتظر حين يواجهها الثلاثاء على ملعب لوسيل، في لقاء يجمعه بغريمه السابق في ريال مدريد لوكا مودريتش.

ورأى ميسي أن "كرواتيا فريق رائع؛ يحركون الكرة جيداً جدّاً، وهم يعملون معاً منذ فترة طويلة جداً. سيكون الأمر صعباً".

بين قائد واسى زميله في ريال مدريد رودريغو بأكثر الكلمات التشجيعية بعد إقصائه من ربع النهائي خاتماً كلماته للبرازيلي بـ"أحبك، أحبك، أحبك"، وآخَر أنهى مواجهته مع الهولنديين بمشهد من الغضب الذي سيزيد حجم اندفاعه للارتقاء إلى مستوى أسطورة مارادونا عند الأرجنتينيين وحتى التفوق على الراحل، يتواجه مودريتش (37 عاماً) وميسي (35) الثلاثاء وهما يدركان أنهما أمام فرصة مونديالية أخيرة قبل توديع نهائي للمسرح الكروي الأهمّ على الإطلاق.

TRT عربي - وكالات