وبموجب التفسير الجديد، قد يُفتح الطريق أمام صفقة تتضمن أكثر من 100 طائرة MQ-9 طلبتها السعودية في وقت سابق من العام الجاري، كجزء من حزمة تسليح تبلغ قيمتها نحو 142 مليار دولار أُعلن عنها في مايو/أيار الماضي، كما أبدى عدد من حلفاء واشنطن في أوروبا والمحيط الهادئ اهتماماً بالحصول على هذه الطائرات.
وتقوم الخطة على تصنيف الطائرات المسيّرة باعتبارها طائرات عسكرية مثل المقاتلة F-16، بدلاً من إدراجها تحت فئة أنظمة الصواريخ، وهو ما يسمح بتجاوز القيود المفروضة بموجب اتفاقية نظام تحكم تكنولوجيا القذائف (MTCR) الموقعة عام 1987 بين 35 دولة.
ويُتوقع أن يستفيد من هذا التغيير عدد من الدول، بينها الإمارات وبعض دول أوروبا الشرقية، التي واجهت صعوبات سابقة في شراء أحدث الطائرات غير المأهولة الأمريكية.
السياسة الجديدة ستمنح شركات تصنيع كبرى مثل General Atomics وKratos وAnduril امتيازاً إضافياً، إذ ستُعامل منتجاتها على أنها "مبيعات عسكرية أجنبية" تشرف عليها وزارة الخارجية الأمريكية، ما يسهّل تسويقها عالمياً.
“مراجعة كبرى”
وقال مسؤول أمريكي لرويترز إن الخطوة التي تعتزم إدارة الرئيس دونالد ترمب اتخاذها بشأن تصدير الطائرات المسيّرة تمثل المرحلة الأولى من مراجعة "كبرى" لبرنامج المبيعات العسكرية الأجنبية في الولايات المتحدة.
وبحسب التفسير الحالي لاتفاقية ضبط تكنولوجيا القذائف (MTCR)، يخضع بيع عديد من الطائرات المسيّرة العسكرية لقاعدة "الرفض المفترض"، ما لم تتوافر مبررات أمنية قوية، مع التزام المشتري استخدامها وفقاً صارماً للقانون الدولي.
وقد صُممت المعاهدة أساساً للحد من انتشار الصواريخ بعيدة المدى القادرة على حمل أسلحة دمار شامل، لكن الطائرات المسيّرة أُدرجت لاحقاً ضمن نطاقها بسبب قدرتها على الطيران لمسافات طويلة وحمل ذخائر.
منافسة قوية
شركات صناعة الطائرات المسيّرة الأمريكية تواجه منافسة قوية من تركيا وإسرائيل والصين، خصوصاً أن بكين وتل أبيب ليستا طرفين في المعاهدة.
في المقابل، تستخدم روسيا طائرات مسيّرة محلية وأخرى إيرانية في هجماتها على أوكرانيا، فيما امتنعت الولايات المتحدة عن تزويد كييف بمسيّرات كبيرة خوفاً من وقوع التكنولوجيا المتقدمة في أيدي الخصوم.
المسؤول الأمريكي أكد لرويترز أن المبادئ الجديدة ستسمح لواشنطن بأن تصبح "المزوّد الأول للطائرات المسيّرة بدلاً من ترك الساحة لتركيا والصين".
وأضاف أن مراجعة برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية ستُنجز لاحقاً هذا العام، في إطار خطة شاملة لإطلاق سياسة تصدير جديدة.
سباق عالمي
ويأتي هذا التوجه في ظل سباق عالمي محتدم على سوق الطائرات المسيّرة، التي باتت سواء العسكرية أو المدنية المعدّلة عنصراً أساسياً في الحروب الحديثة.
ويجري توقيت هذا التغيير ليستفيد منه مصنّعو الطائرات المسيّرة الكبيرة والمتطورة المزودة بمحركات نفاثة، التي يجري تطويرها لتطير إلى جانب المقاتلات المأهولة كـ"أجنحة مساندة"، وهي سوق واعدة لهذه التكنولوجيا.
ومع ذلك ستظل جميع المبيعات خاضعة لإجراءات برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية الأمريكي، الذي يراجع ديناميكيات المنطقة لدى المشتري، وسجله في مجال حقوق الإنسان، وقدرته على تأمين منظومة السلاح.
ومن المرجح أن تكون السعودية أول المستفيدين من إعادة التفسير، وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد تبنّى موقفاً أكثر تشدداً تجاه مبيعات الأسلحة للمملكة عام 2021، بسبب استخدامها المُعَدّات العسكرية الأمريكية في حملتها ضد الحوثيين، لكن العلاقات بين المملكة والولايات المتحدة تحسنت منذ ذلك الحين.
ومن المتوقع أن تروّج إدارة ترمب لهذه الخطوة باعتبارها جزءاً من مبادرة أوسع لخلق فرص عمل وتقليص العجز التجاري الأمريكي، غير أن دعاة حقوق الإنسان ومناصري ضبط التسلح يحذرون من أن هذه السياسة قد تؤجج العنف وعدم الاستقرار في مناطق مثل الشرق الأوسط وجنوب آسيا.