جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك في القاهرة مع المفوض العام لوكالة "أونروا" فيليب لازاريني، بالتوازي مع اتصال هاتفي أجراه عبد العاطي مع ويتكوف لبحث الجهود الرامية إلى التوصل لتهدئة.
وأكد الوزير المصري رفض بلاده "تصفية القضية الفلسطينية"، مشدداً على أن تعنت إسرائيل وفرضها شروطاً تعجيزية يمثلان العقبة الأساسية أمام التوصل إلى اتفاق. وأضاف أن مصر تبذل، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، "جهوداً حثيثة وصادقة لفرض وقف فوري لإطلاق النار"، مشيراً إلى استعداد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة فور وقف القتال.
وتصاعدت مؤخراً حدة التصريحات الرسمية بين مصر وإسرائيل، جراء اتهام الأخيرة للقاهرة بإغلاقها معبر رفح البري مع قطاع غزة، بينما ردت القاهرة بأن تل أبيب هي من تغلقه، معربة عن رفضها تهجير الفلسطينيين.
وفي ما يتعلق بالمعبر قال عبد العاطي إن "القاهرة أبقت المعبر مفتوحاً على مدار الساعة، بينما إسرائيل هي من تغلقه وتمنع دخول أكثر من 6 آلاف شاحنة مساعدات عالقة على الجانب المصري"، محمّلاً تل أبيب المسؤولية عن تفاقم المجاعة.
وأكد الوزير المصري أن "المجاعة في غزة كاملة الأركان، وهي من صنع البشر والاحتلال الإسرائيلي الذي يستخدم التجويع سلاح حرب في غزة، ونؤكد رفضنا لسياساته التوسعية بالقطاع".
وعن مستقبل القطاع بعد وقف الإبادة الإسرائيلية، قال عبد العاطي إن "هناك خطة متكاملة عربيا وإسلاميا، تقوم على 3 محاور: التعافي والإعمار، وترتيبات أمنية تقوم على قوات شرطية فلسطينية في غزة، فضلاً عن تولي لجنة إدارية مؤقتة مكونة من 15 شخصاً (لم يحدد هوياتهم) لإدارة القطاع 6 أشهر، على أن تسلمها بعد ذلك للسلطة الفلسطينية".
وتابع في هذا الشأن: "لا مانع مستقبلاً أن توجد قوات دولية في قطاع غزة حال طلبت السلطة الفلسطينية ذلك، على أن يكون دورها دعم الأمن والاستقرار وحماية الفلسطينيين وتأهيل قوات فلسطينية لتولى المهام في ما بعد".
من جهته، قال لازاريني إن "وقف إطلاق النار في غزة أولوية لإطلاق سراح المحتجزين (الأسرى الإسرائيليين)، كما أنه سينهي الكارثة الإنسانية"، مؤكداً أن المجاعة في غزة "أمر واقع ومن صنع البشر"، محذراً من أن الوضع المالي للأونروا "سيئ للغاية"، ما دفع الوكالة إلى إلغاء بعض برامجها.
دعوات مصرية لإسرائيل للاستجابة للمقترح الأمريكي
واليوم السبت، بحث عبد العاطي مع المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، عبر اتصال هاتفي جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفق بيان لوزارة الخارجية المصرية.
وقالت الوزارة، إن الجانبين بحثا خلال الاتصال "الجهود المشتركة للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة، والتي تستند إلى العناصر المقترحة (لم تحددها) للمبعوث الأمريكي". وشدد عبد العاطي على أهمية تجاوب إسرائيل مع الصفقة المقترحة، من أجل خفض التصعيد وحقن دماء الشعب الفلسطيني، وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية، وإطلاق سراح الرهائن (الإسرائيليين) والأسرى (الفلسطينيين)".
كما استعرض عبد العاطي مع ويتكوف "التدهور المتسارع للأوضاع الإنسانية الكارثية التي وصلت إلى حد المجاعة"، محذرا "من خطورة وتداعيات توسع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، واستمرار استخدام التجويع كسلاح".
وفي 18 أغسطس/آب الماضي، وافقت "حماس" على مقترح للوسطاء بشأن صفقة جزئية لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة، لكن إسرائيل لم ترد على الوسطاء، رغم تطابق بنوده مع مقترح سابق طرحه ويتكوف، ووافقت عليه تل أبيب.
ثم جددت "حماس" الأربعاء، استعدادها لإبرام صفقة شاملة لإطلاق الأسرى الإسرائيليين جميعا، مقابل أسرى فلسطينيين، وإنهاء الحرب على غزة، والانسحاب من القطاع، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض ذلك أيضاً في بيان لمكتبه.
ووسع جيش الاحتلال الإسرائيلي مناورته البرية في مدينة غزة السبت، مكثفاً غاراته الجوية والقصف المدفعي على العمارات، وسط مخاوف من تداعيات ذلك على أوضاع نحو مليون فلسطيني يسكنون المدينة، معظمهم نازحون.
وفي 22 أغسطس/آب الماضي، أعلن مؤشر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي تفشي المجاعة في محافظة غزة شمالي القطاع، محذراً من توسعها إلى مناطق أخرى جراء استمرار الحصار الإسرائيلي.
وتفرض إسرائيل منذ مارس/آذار الماضي حصاراً مطبقاً على الفلسطينيين بالقطاع، حيث أغلقت المعابر ولم تسمح إلا بكميات شحيحة جداً من المساعدات لا تتناسب مع احتياجات القطاع، وقامت بتوزيعها عبر مؤسسات "مشبوهة" لا تتبع للأمم المتحدة، وأطلقت النار على منتظري المساعدات وأوقعت آلافا منهم بين شهيد وجريح.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 64 ألفا و300 شهيداً و162 ألفا و5 جرحى من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 376 فلسطينيا، بينهم 134 طفلا.