العالم
7 دقيقة قراءة
حرب على الأخبار… كيف تلاحق وكالات الأنباء منصات التواصل الاجتماعي؟
تخوض منصات التواصل الاجتماعي صراعاً قانونياً شرساً مع وكالات الأنباء والشركات الإعلامية، بسبب طلب هذه الأخيرة من المنصات الدفع مقابل المحتوى الإخباري الذي يُنشر عليها، وهو ما دفع عدداً منها إلى حظر نشر هذا المحتوى.
حرب على الأخبار… كيف تلاحق وكالات الأنباء منصات التواصل الاجتماعي؟
كيف تلاحق وكالات الأنباء منصات التواصل الاجتماعي؟ / صورة: Getty Images / Getty Images
8 أغسطس 2023

أعلنت شركة ميتا أنها ستحظر نشر المحتوى الإخباري على منصة فيسبوك في كندا، فيما تخوض شركة إكس (تويتر سابقاً) معركة قانونية مع وكالة الأنباء الفرنسية لرفض المنصة الدفع مقابل المحتوى الإخباري المنشور عليها. هي ذي أوجه الصراع الشرس الذي طفا إلى السطح خلال السنوات الأخيرة، بين منصات التواصل الاجتماعي ووكالات الأنباء.

هذا وتطالب الوكالات وسائل التواصل بالدفع مقابل المحتوى الإخباري الذي تنشره على منصاتها، وهو ما ترفضه المنصات. في وقت دخل حكومات دول، مثل كندا وأستراليا، على خط النزاع من أجل إصدار قوانين صارمة تنظم المجال.

نزاع بدأ من أستراليا

كانت أستراليا أول دولة ينشا فيها الخلاف بين وكالات الأنباء ووسائل التواصل الاجتماعي، في أواخر عام 2020. إذ بعد تعبير وسائل الإعلام المحلية عن امتعاضها من نشر المحتوى الإخباري مجاناً على منصات كفيسبوك وغوغل، تحركت الحكومة لوضع قانون منظم يفرض على تلك الشركات الدفع لوكالات الأنباء مقابل نشر المحتوى الإخباري.

وبموجب هذا القانون، إذا رفضت وسائل التواصل الاجتماعي الامتثال، فإنها تواجه عقوبات تصل إلى 7.4 مليون دولار أمريكي، أو 10% من مبيعاتهم الأسترالية. وقالت هيئة تنظيم المنافسة الأسترالية، وقتها، إنها وضعت قوانين "لتسوية ساحة المنافسة" بين عمالقة التكنولوجيا والناشرين في ما يتعلق بالأرباح.

ومن جانبها، ردت شركة ميتا في بيان، يوم 17 فبراير/شباط 2021، قالت فيه إن "القانون (الأسترالي) يسيء فهم العلاقة بين منصتنا والناشرين الذين يستخدمونها لمشاركة محتوى الأخبار". وأضافت ميتا: "لقد تركنا في مواجهة خيار صارم: محاولة الامتثال لقانون يتجاهل حقائق هذه العلاقة، أو التوقف عن السماح بمحتوى إخباري على خدماتنا في أستراليا. بقلب مثقل، نختار الأخير".

وفي ذلك اليوم، استيقظ الأستراليون ليجدوا أن صفحات جميع المواقع الإخبارية المحلية والعالمية بموقع فيسبوك غير متاحة، كما حُظرت عدة صفحات حكومية، مثل تلك الخاصة بالصحة والطوارئ. وهو ما قرأ فيه مراقبون، حركة من عملاق التكنولوجيا لإثارة الفوضى والضغط على الحكومة من أجل سحب القانون.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، احتفت الحكومة الأسترالية بنجاح قانون نشر المحتوى الإخباري. وقالت الخزينة العامة في تقرير لها، إنه منذ تطبيق القانون وقعت شركات التواصل الاجتماعي أكثر من 30 عقداً مع وسائل الإعلام.

دول أخرى اتخذت الخطوة نفسها

منذ نجاح هذا القانون في أستراليا، تهافتت دول العالم على تطبيق إجراءات مماثلة له في حق وسائل التواصل الاجتماعي. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، صاغ السيناتوران إيمي كلابوشار وجون كنيدي مقترح قانون يجبر منصات التواصل الاجتماعي على الدفع للناشرين مقابل نشر الأخبار على تلك المنصات.

وفي السنة نفسها، أعلنت الحكومة البريطانية أنها وضعت خطة عمل لتنزيل قانون يفرض على وسائل التواصل الاجتماعي الدفع مقابل نشر الأخبار على منصاتها. وأوضحت دراسة أجرتها صحيفة "بريس غازيت"، أن هذا الإجراء قد يعود على كبار شركات الإعلام البريطانية بأرباح سنوية تناهز 10 ملايين جنيه إسترليني.

هذا ونجحت الحكومة الكندية في إقرار قانون مماثل على عمالقة التكنولوجيا، بعد مصادقة البرلمان عليه في الـ20 يوليو/تموز المنصرم. ويتوقع أن يبدأ العمل به في ديسمبر/كانون الأول المقبل، ينطبق على ناشري الأخبار الذين يمتلكون حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى الروابط للمواد الإخبارية التي يشاركها المستخدمون على حساباتهم.

ورداً على ذلك، شرعت شركة ميتا، يوم الخميس، في حظر المحتوى الإخباري على منصتيها فيسبوك وإنستغرام في كندا. مبررة ذلك، في بيان، بأنه "الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها الامتثال بشكل معقول لهذا التشريع هي إنهاء توفّر الأخبار للأشخاص في كندا".

وفي السياق ذاته، رفعت وكالة الأنباء الفرنسية يوم الأربعاء دعوى قضائية ضد شركة إكس (تويتر سابقاً)، لرفضها الدخول مع الوكالة في مفاوضات بشأن نشر محتوى إخباري تابع لها، وهو ما يعد خرقاً للقانون الفرنسي. وقالت "أ.ف.ب" في بيان: "إن هذه الخطوة تهدف إلى مواجهة تويتر قانونياً لتقدم جميع العناصر الضرورية لتقييم حجم التعويضات المستحقة لوكالة الأنباء الفرنسية وفقاً لقانون الجوار".

وكانت فرنسا قد سنت قانوناً في عام 2019، أسمته "قانون المجاورة"، وبموجبه يمنح ناشرو الأخبار ووكالات الأنباء الحق في الحصول على تعويض عن أي إعادة إنتاج أو نقل محتوى إخباري للجمهور في شكل رقمي.

تلاحق وكالات الأنباء منصات التواصل الاجتماعي؟

عندما أطلقت وسائل التواصل الاجتماعي أول مرة، كان مبدأ ربحها هو نشر المحتوى، بما فيه الإخباري، مقابل الكسب من الإعلانات، وكذلك تجميع المعطيات لاستخدامها في الحملات الإعلانية. غير أن هذا الواقع تغير مع اتساع استخدام منصات التواصل الاجتماعي، لتدخل في منافسة غير متكافئة مع سائل الإعلام التقليدية على مداخيل الإعلانات.

وهو ما يشرحه الصحفي المغربي وخبير السوشيال ميديا عبد الحق صبري، في تصريحاته لـTRT عربي، قائلاً: "في البداية مثلت منصات التواصل الاجتماعي منفذ إيصال وصدر أخبار لوسائل الإعلام التقليدية، لكن مع الوقت واتساع استخدام هذه المنصات، أصبحت أكثر جاذبية للنشاط الإعلاني وبالتالي منافساً كبيراً لوسائل الإعلام التقليدية (...) انطلاقاً من هذه اللحظة، أصبحت المقاولات الإعلامية ترى منصات التواصل الاجتماعي تستغل محتواها الإخباري الذي يكلفها أموالاً كثيرة ومجهوداً أكثر بشكل مجاني".

ويضيف صبري أن: "وسائل الإعلام التقليدية أصبحت تعاني بشدة من هذه المنافسة غير المتكافئة، والنظر إلى الأرقام، شهدت نسب الزيارة لمواقعها الرسمية تراجعاً كبيراً، وهو ما يعني انهيار مداخيلها من الإعلانات (...) بالتالي الحل الوحيد الذي كان مطروحاً هو الضغط من أجل الجلوس مع عمالقة التكنولوجيا للتفاوض معهم على تعويضات إزاء استغلالهم المجاني للمحتوى الإخباري الذي ينتجونه".

وفي هذا السياق، كانت وزارة الخزانة الأسترالية قد أشارت إلى أن وسائل الإعلام المطبوعة بالبلاد شهدت انخفاضاً بنسبة 75% في عائدات الإعلانات منذ 2005. وحسب مقال لـ "الغارديان" البريطانية، "أدى انخفاض عائدات الإعلانات إلى فقدان الآلاف من الوظائف الصحفية وإغلاق عشرات المنشورات، ما أوجب على الناشرين التكيف مع هذا الاضطراب وفرض رسوم اشتراك على قرائهم أو طلب تبرعات".

وللجواب على سؤال من المتضرر من النزاع الحاصل بين وسائل الإعلام التقليدية والسوشيال ميديا؟ يقول الصحفي هشام أبو عساكر: "على المستوى المادي، كل من وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي، يقعان تحت طائلة خسائر مالية ووظيفية (...) لكن على مستويات أخرى، أرى أن المتضرر الأكبر هو العلاقة التي تحكمهما سوياً".

ويضيف أبو عساكر، موضحاً وجهة نظره لـTRT عربي بالقول: "هذه العلاقة كان من شأنها خلق مستوى معين من الرقابة والرقابة العكسية على المحتوى، سواء بضخ المعلومات أو استقبالها (...) من جانب آخر، العلاقة ستضرر بين المواطن، الذي بات يمارس دوراً صحفياً أيضاً، ضمن منصات التواصل، من خلال تفاعله مع المحتوى الإخباري والمؤسسة الإعلامية التي تغذيه بالمعلومة، فهذه العلاقة ستتشوه بحكم وجود فجوة، سيملؤها أفراد ومنصات أخرى في سبيل الاستقاء من المعلومات والحقائق".

مصدر:TRT عربي
اكتشف
اعتقالات واقتحامات وإصابة رضيع بالاختناق في الضفة.. والأمم المتحدة تحذر من تصاعد اعتداءات المستوطنين
كندا ترفع سوريا من قائمة الإرهاب.. ودمشق ترحّب بمرحلة جديدة من العلاقات
محاكمة "لافارج".. شهادات تكشف اتصالات مع الاستخبارات الفرنسية وتمويلاً لجماعات إرهابية في سوريا
إصابات برصاص جيش الاحتلال في رام الله والإعلان عن انتهاء العملية العسكرية شمالي الضفة
البرلمان الألماني يوافق على قانون جديد للخدمة العسكرية وسط دعوات لتعزيز القدرات الدفاعية
"داخلية غزة" تدعو المتعاونين مع جيش الاحتلال لتسليم أنفسهم عقب مقتل أبو شباب
إصابات بقصف إسرائيلي شمالي قطاع غزة ودعوة أممية لوضع حدّ للانتهاكات
إيران تختبر صواريخ كروز وباليستية في مناورات بحرية بالخليج
"تعود إلى الفترة البيزنطية".. فلسطين تتهم جيش الاحتلال بسرقة أعمدة أثرية من رام الله
عون: مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل تهدف لوقف اعتداءاتها واستعادة الأسرى
تركيا تحتفل باليوم العالمي للقهوة التركية وتؤكد مكانتها تراثاً ثقافياً عالمياً
أمينة أردوغان تحتفي بالذكرى 91 لمنح المرأة التركية حق الانتخاب والترشح
عون يطالب مجلس الأمن بدعم الجيش اللبناني والضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها
وزير الخارجية التركي يشارك في منتدى الدوحة 23
الأمن التركي يلقي القبض على 233 شخصاً يشتبه في ارتباطهم بـ"داعش" الإرهابي