آراء
سياسة
8 دقيقة قراءة
صواريخ من جنين صوب مستوطنات الضفة.. ما حقيقتها وتداعياتها على إسرائيل؟
تشهد الضفة الغربية المحتلة تطوراً عسكرياً لافتاً من جانب المقاومة الفلسطينية في ظل تكرار إطلاق ومحاولات إطلاق صواريخ بدائية الصنع صوب المستوطنات الإسرائيلية، وسط قلق متنامٍ في الأوساط الأمنية والعسكرية ودوائر صنع القرار في "تل أبيب".
صواريخ من جنين صوب مستوطنات الضفة.. ما حقيقتها وتداعياتها على إسرائيل؟
ويعيد هذا التطور في الضفة إلى الأذهان تجربة قطاع غزة مع إطلاق صواريخ بدائية قصيرة المدى قبل أكثر من عقدين كاملين، ثم تطورت شيئاً فشيئاً مع زيادة مداها ورقعتها الجغرافية وفاعليتها التدميرية مع مرور السنوات. / صورة: Reuters / Reuters
25 أغسطس 2023

تشهد الضفة الغربية المحتلة تطوراً عسكرياً لافتاً من جانب المقاومة الفلسطينية في ظل تكرار إطلاق ومحاولات إطلاق صواريخ بدائية الصنع صوب المستوطنات الإسرائيلية، وسط قلق متنامٍ في الأوساط الأمنية والعسكرية ودوائر صنع القرار في "تل أبيب".

ويعيد هذا التطور في الضفة إلى الأذهان تجربة قطاع غزة مع إطلاق صواريخ بدائية قصيرة المدى قبل أكثر من عقدين كاملين، ثم تطورت شيئاً فشيئاً مع زيادة مداها ورقعتها الجغرافية وفاعليتها التدميرية مع مرور السنوات.

صواريخ الضفة

في 15 أغسطس/آب 2023 قال جيش الاحتلال الإسرائيلي عبر حسابه بمنصة "X"، إنّه رصد ما سماه "6 محاولات فاشلة لإطلاق صواريخ من الضفة الغربية تجاه المستوطنات خلال 3 أشهر، كان آخرها اليوم".

وحول المحاولة الصاروخية الأخيرة، أشار الجيش الإسرائيلي إلى "العثور على بقايا القذيفة الصاروخية ومنصة الإطلاق محلية الصنع في منطقة جنين، ويجري التحقق من وجود مواد متفجرة".

وجاء البيان الإسرائيلي بعد ساعات من إعلان "كتيبة العياش" في جنين عبر قناتها في "تليغرام"، إطلاق عناصرها صاروخ من طراز "قسام 1" صوب مستوطنة "شاكيد" غربي مدينة جنين.

وكانت أول محاولة لإطلاق صاروخ من جنين خلال الأشهر الماضية في 15 مايو/أيار الماضي، وقالت قناة "كان" العبرية إنه عُثر بقرية نزلة عيسى قرب جنين على قاذفة استخدمت لإطلاق صاروخ بدائي الصنع تجاه مستوطنة شاكيد، زاعمة أنّ عملية الإطلاق كانت "فاشلة".

وتوالت محاولات إطلاق الصواريخ من جنين؛ وذلك في26 يونيو/حزيران عبر إطلاق صاروخي مزدوج، ثم تكرر في 10 و27 يوليو/تموز، وصولاً إلى المحاولة الأخيرة في الشهر الجاري.

وكتيبة العياش ينسب اسمها إلى يحيى عياش أحد أبرز قادة كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وكان يُلقب بـ"مهندس المتفجرات"، واغتالته "إسرائيل" في يناير/كانون الثاني 1996 من خلال تفجير هاتفه المحمول.

قلق إسرائيلي

وفي مطلع أغسطس 2023 نقلت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية عن ثلاثة جنرالات بالجيش الإسرائيلي، تحذيراً من الخطورة المترتبة على استمرار إطلاق صواريخ فلسطينية محلية الصنع من الضفة الغربية تجاه مستوطنات إسرائيلية.

وحذر الجنرالات الثلاثة من الاستخفاف بـ"الإنتاج البيتي" للصواريخ التي يطلقها الفلسطينيون في الضفة على المستوطنات الإسرائيلية على جانبي خط التماس، وخاصة في شمال الضفة الغربية، وأشاروا إلى أنّه "في بداية سنوات الـ2000 جرت مسيرة مشابهة في غزة، تطورت مع السنين لتصبح تهديداً حقيقياً، بعد أن ارتفع مستوى قدرة الإنتاج الذاتي".

وبحسب الصحيفة العبرية، وجد الجيش الإسرائيلي بعد عمليات الإطلاق الصاروخية بقايا تشير إلى أنّ "جميع الصواريخ معدة محلياً وبدائية، وذات قدرة محدودة، ومع ذلك، في إسرائيل يعتبرون سلسلة هذه الإطلاقات للصواريخ إعلان نيات".

نجاح وعقبات

ويقول الخبير العسكري اللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي، إنّ صواريخ الضفة حالياً في مراحل تجريبية، وهي تجارب من أجل تداولها إعلامياً "لإثبات فشل أجهزة الأمن الإسرائيلية في تتبع رجال المقاومة".

ويوضح الشرقاوي لـTRT عربي، أنّه من الممكن استنساخ تجربة غزة لجهة إنتاج الصواريخ واستخدامها في الضفة، لكنّه استدرك بالقول إنّه "لا يمكن استنساخ فاعلية التجربة الغزية بوجود أجهزة أمنية إسرائيلية تعتبر الضفة مجالها الأمني الحيوي، وكذلك الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي لا تستطيع تقبُّل حالة غزة في الضفة".

ويشدّد على أنّه "من الصعوبة إن لم يكن من الاستحالة استطاعة المقاومة تأمين بيئة آمنة كغزّة لإنتاج الصواريخ وتخزينها في الضفة".

ويلفت إلى أنّ "المقاومة قد تبدع مستقبلاً بغضّ النظر عن وجود صواريخ من عدمه؛ فالضفة تختلف عن غزة من حيث ملاءمتها للمقاومة، إلا إذا تطوّر عمل المقاومة في الضفة أسلوباً بما يتلاءم مع طبيعة عملها والتغلب على خصوصية الضفة لناحية الأمن المركب فيها".

ويعتقد أنّ "إسرائيل لن تسمح بوجود صواريخ تهدد مستعمراتها في الضفة ومدنها المحاذية للضفة"، مبيّناً أنّه "إذا تكاملت حالة غزة مع حالة الضفة في المقاومة فإنّها بذلك تضع الجبهة الداخلية الإسرائيلية وهي نقطة ضعف إسرائيل بين كفي كماشة، لذلك تعمل بجهد مكثف لمنع نجاح نقل توازن رعب صواريخ غزة من الجنوب إلى وسط إسرائيل".

تأثير جغرافي واستراتيجي

بدوره يقول الباحث المتخصص في الشؤون الأمنية والسياسية د. أيمن الرفاتي إنّ تطوّر قدرات المقاومة في الضفة "يشكّل تهديداً كبيراً للأمن القومي الإسرائيلي"، كما أنّ "العمل المقاوم لن يقتصر على إطلاق الصواريخ، وسيحمل تنوّعاً في الأدوات والأساليب".

ويؤكد الرفاتي لـTRT عربي، أنّ "خطر الصواريخ في الضفة كبير من الناحية الاستراتيجية"، لافتاً إلى أنّ "إمكانية تطوّر هذه الصواريخ ستكون أسرع من أي وقت سابق في ظل التنسيق بين المقاومة في شطري الوطن من أجل الوصول إلى خطوات أكثر تطوّراً بالاستفادة من تجربة غزة بإنتاج الصواريخ".

ومن الناحية الجغرافية، سيكون إطلاق الصواريخ من الضفة المحتلة "أسهل وأكثر تأثيراً في مستوطنات الاحتلال"، وفق الرفاتي الذي قال إنّ "المقاومة لن تحتاج إلى مديات كبيرة للوصول إلى أهدافها، وهو ما سيشكل تهديداً حقيقياً لعمق الاحتلال"، في إشارة إلى مدن تل أبيب والعفولة والخضيرة وحيفا التي لا تبعد سوى عشرات الكيلومترات عن مناطق الضفّة.

ويعتقد أنّ امتلاك المقاومة سلاح الصواريخ في الضفة، وإن كانت بدائية، مؤشرٌ خطيرٌ؛ لكونها ستظل عملاً مقاوماً لا يخضع لأي اعتبارات أو قواعد اشتباك "ما يعني تصاعداً في استراتيجية استنزاف قوات الاحتلال واستمرار حالة عدم الاستقرار لديه".

وحول الآثار المترتبة عليها يرى الخبير الأمني أنّ الصواريخ ومحاولات إطلاقها المستمرة "يمكنها صنع معادلة ردع مع الاحتلال، ويمكنها أن تؤثر في الجبهة الداخلية، وتخيف مستوطنيه، مع زيادة حالة عدم الاستقرار لديه".

وخلص في ختام حديثه إلى أنّ "تطوّر المقاومة في الضفة وتنوع أدواتها يؤكدان أنّ خيارها يتصاعد، رغم الحرب الشرسة ضدها".

تجربة غزة

لم تكن "تجربة غزة" في تصنيع الصواريخ وإطلاقها سهلة على الإطلاق، إذ مرّت بمراحل مختلفة بدءاً من أول صاروخ أعلنت عنه كتائب القسام من طراز "قسام 1" وإطلاقه صوب مستوطنة "سديروت" المحاذية للقطاع في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2001.

ودأبت فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة على تسمية صواريخها بأسماء وأرقام ارتبطت بقادة سياسيين وعسكريين استشهدوا، على غرار إبراهيم المقادمة وأحمد الجعبري وعبد العزيز الرنتيسي ويحيى عياش وآخرين، في حين ترمز الأرقام إلى المديات الجغرافية التي قد تصل إليها.

ووصل مدى "قسام 1" لثلاثة كيلومترات، قبل أن يتطور إلى "قسام 2" برأسٍ متفجر وبمدى يصل إلى 12 كيلومتراً، في حين دخلت "سرايا القدس" الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي ميدان تصنيع الصواريخ بصاروخ "جنين" الذي يتراوح مداه بين 9 و12 كيلومتراً.

وكشفت كتائب القسام في 2005 عن "قسام 3" بمدى 17 كيلومتراً، إذ وصل إلى مدينة عسقلان للمرة الأولى بقوة تفجيرية تقدر بـ10 كيلوغرامات، في حين أزالت "سرايا القدس" الستار في 2008 عن صاروخ قدس 4" بمدى 40 كيلومتراً.

وفي الحرب الثانية على قطاع غزة (نوفمبر/تشرين الثاني 2012) ضربت كتائب القسام مدينة "تل أبيب" للمرة الأولى بصاروخ "M75" متوسط المدى (75 كيلومتراً)، ثم استهدفت في الحرب الثالثة صيف 2014، مدينتي القدس المحتلة وحيفا بصاروخ "R160" الذي يتجاوز مداه 160 كيلومتراً.

وفي الحرب الثالثة على غزة أيضاً أماطت "كتائب القسام" اللثام عن صاروخ "J80"، الذي لا يسير بانتظام ولديه تقنية قادرة على تضليل منظومة "القبة الحديدية" الدفاعية الإسرائيلية، علاوة على صاروخ "S55" الذي ضرب مدينة اللد ومطار "بن غوريون"، إلى جانب صواريخ "سرايا القدس" وهي "براق 70" و"براق 100".

وخلال السنوات القليلة الماضية ركزت فصائل المقاومة على تعظيم القوة التدميرية لصواريخها المختلفة وزيادة دقتها التهديفية بعد نجاحها في توسيع رقعتها الجغرافية.

وفي العدوان الإسرائيلي على غزة (مايو 2021) نجحت كتائب القسام في وصول صواريخها إلى أراضي "فلسطين التاريخية" كافة مع إطلاق صاروخ "عياش 250" الذي استهدف مطار رامون الإسرائيلي في أقصى الجنوب قرب مدينة إيلات المطلة على البحر الأحمر.

ولا يُعرف بشكل دقيق عدد الصواريخ التي تمتلكها المقاومة في غزة، غير أنّ تقديرات إسرائيلية ذكرت في أكثر من مناسبة أنّ كتائب القسام وسرايا القدس تمتلكان بين 14 و30 ألف صاروخ وقذيفة.

مصدر:TRT عربي
اكتشف
البرلمان الألماني يوافق على قانون جديد للخدمة العسكرية وسط دعوات لتعزيز القدرات الدفاعية
"داخلية غزة" تدعو المتعاونين مع جيش الاحتلال لتسليم أنفسهم عقب مقتل أبو شباب
إصابات بقصف إسرائيلي شمالي قطاع غزة ودعوة أممية لوضع حدّ للانتهاكات
إيران تختبر صواريخ كروز وباليستية في مناورات بحرية بالخليج
"تعود إلى الفترة البيزنطية".. فلسطين تتهم جيش الاحتلال بسرقة أعمدة أثرية من رام الله
عون: مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل تهدف لوقف اعتداءاتها واستعادة الأسرى
تركيا تحتفل باليوم العالمي للقهوة التركية وتؤكد مكانتها تراثاً ثقافياً عالمياً
أمينة أردوغان تحتفي بالذكرى 91 لمنح المرأة التركية حق الانتخاب والترشح
عون يطالب مجلس الأمن بدعم الجيش اللبناني والضغط على إسرائيل لوقف خروقاتها
وزير الخارجية التركي يشارك في منتدى الدوحة 23
الأمن التركي يلقي القبض على 233 شخصاً يشتبه في ارتباطهم بـ"داعش" الإرهابي
تصعيد إسرائيلي مكثّف يستهدف شرقي غزة وخان يونس ورفح في خرق متواصل لوقف إطلاق النار
إعلام أيرلندي: استنفار أمني بعد ظهور خمس مسيّرات قرب طائرة الرئيس الأوكراني
الولايات المتحدة تخفض فترة تصاريح عمل المهاجرين من 5 سنوات إلى 18 شهراً
ارتفاع حصيلة الفيضانات في آسيا إلى أكثر من 1500 قتيل وتحذيرات من أمطار جديدة