العالم
5 دقيقة قراءة
يخاف منه البعض.. فلسطيني يُلقّب بصديق الموتى ما قصته؟
أينما وطئت قدما الحاج أحمد جاد الله مِن سكان مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، يُصاب النّاس بالذّعر والخوف، ليس لكونه رجلاً مخيفا، ولكن لوجوده أينما وُجد أحد الأشخاص المتوفين، فحضوره أصبح مقترناً بالموت.
يخاف منه البعض.. فلسطيني يُلقّب بصديق الموتى ما قصته؟
صديق الموتى / TRT Arabi
20 أبريل 2021

يعمل جاد الله والذي يبلغ من العمر 82 عاماً كمغسّل للموتى منذ سنوات طويلة، وذلك بشكل تطوعي دون أي مقابل مادي. يمكث داخل المقبرة بشكل دائم، حتى إنّه بات يُعرف باسم رفيق الموتى ووجوده بأيّ مكان يعني وجود أموات.

يبدأ جاد الله المعروف بلقب "طروش" يومه بالتّوجه إلى المكان الذي يديره ويعمل به مجموعة من أبنائه لبيع مواد البناء، فور وصوله يستقبل أبناءه بالابتسامة ويُرتّب معهم جدول عملهم اليومي.

المقبرة مكان يتساوى فيها الناس

ذهبنا برفقة جاد الله إلى إحدى المقابر بمدينة بيت لاهيا، يقول وهو يضع الرّمل على أحد القبور: "ينظر بعض الناس إليّ نظرات غريبة بسبب عملي في تغسيل ودفن الموتى إضافة إلى الأحاديث الجانبية التي أسمعها منهم، فالجميع يخاف مني لأنّي دائماً مع الأموات، على الرغم من ذلك أواصل العمل بمهنتي".

ينام جاد الله في القبر قبل الميت، وهذا دليل على أنه لا يخاف الموت، فالموت حق على الإنسان، وجميعنا سوف يكون القبر مصيره في يوم من الأيام كما يقول، يرى جاد الله أنّ المقبرة هي المكان الوحيد الذي يتساوى فيه الناس. فيها الغني والفقير وجميع الأطياف.

دفن زوجته ووالديه

يقول جاد الله: "أعمل في هذه المهنة منذ 42 عاماً، وغسّلتُ وكفّنتُ ودفنتُ العديد من الناس خلال هذه السنوات، دفنتُ الشهداء الذي سقطوا خلال الحروب الإسرائيلية ودفنتُ أيضا زوجتي وأمي وأبي والعديد من أقاربي".

وعن اختلاف مهنة تغسيل الأموات وحفر القبور عن المهن الأخرى، أشار إلى أنّ هذه المهنة مختلفة كونها مرتبطة بالأحزان والدموع، فأنتَ تتعامل مع شخص فارق الحياة، وأقاربه وأصدقاؤه يبكون على فراقه".

ويتابع بالقول بعد انتهائه من قراءة الفاتحة على أرواح الموتى جميعاً: "أنا مرتبط بهذه المهنة، أبحث عن الثواب والحسنات في الدنيا حتى ينفعني ذلك في الحياة الأخرى"، منوّهاً إلى أنّه يُحبّها وأصبحت جزءاً مِن حياته على الرغم مِن الحزن الذي يخيّم على أهل المتوفى عندما يُغسّلهم ويدفنهم.

لا يكترث للتنمّر

وفي ردٍ على الأشخاص الذين يخافون منه، قال: "لا أكترث للأشخاص الذين يتنمّرون عليّ ويخافون مني، هناك بعض الناس يقاطعونني لأشهر عديدة وفي حال لمست أحدهم يقول لي ابتعد عنا"، يكمل جاد الله حديثه: "الموت علينا حق، يجب أن نؤمن به كونه قضاء الله وقدره، فجميعنا سوف نكون أمواتاً وسنُدفن تحت التراب".

ويضيف جاد الله لـTRT عربي: "في بعض الأحيان وخلال عملي في حفر القبر أنام فيه وأتذكّر أنه سوف يأتي ذلك اليوم الذي أكون بداخله إلى الأبد، فلهذا يجب علينا أن نعمل صالحاً في الحياة الدّنيا، مبيّناً أنّه "يتبرّع بشكل مجاني للشخص غير المقتدر على دفع حجارة القبر"، فواجبه هو خدمة الناس في الليل والنهار.

ويحكي جاد الله: "عندما أدخل المسجد يبتعد عنّي النّاس وأسمع بعض الناس يتهامسون فيما بينهم، يبدو أنّ هناك أحدا متوفى، مشيراً إلى أنّ علاقاته بأولاده وأحفاده هي علاقة جيدة ومبنيّة على الحبّ والاحترام".

وينوّه جاد الله إلى أنّه لا يشعر بالخوف عندما يغسّل ويكفّن الموتى، كونه أصبح معتاداً على ذلك.

ويشير جاد الله إلى أنّه سوف يستمر في هذه المهنة التطوعية إلى آخر يوم في حياته، فعمله فيها هو لوجه الله تعالى.

يبتعدون عنه

كان لمراسل TRT عربي جولة في شوارع غزة لمعرفة آراء المواطنين حول مهنة أبي محمد جاد الله، وما هي ردّة فعلهم عندما يرونه.

ويُعتبر رامي الذي فضّل عدم ذكر اسمه بالكامل أنّ مهنة تغسيل ودفن الموتى مهنة صعبة، ويجب على مَن يعمل فيها أن يكون بعيداً عن المجتمع وأن لا يخالط أحداً، نظراً لمرافقته الموتى بشكل دائم.

ويشير رامي في حديثه لـTRT عربي إلى أنّه عندما يصادف أبا محمد في الشارع يبتعد عنه كثيراً، ولا يقترب منه على الإطلاق لأنّه يكون قريباً مِن الموتى، لذلك لا يُفضّل الاقتراب منه.

في حين يقول محمد المصري مِن سكان مدينة غزة في حديثه لـTRT عربي: "ما يقوم به أبو محمد هو عمل إنساني مِن الدرجة الأولى، يترك عمله وبيته وأصحابه ويذهب لتغسيل ودفن الأموات، يجب أن نقدّر هذا الرجل الذي يعمل في تلك المهنة منذ عشرات السنين بشكل تطوعي بدون الحصول على أجر".

ويضيف المصري: "لا أعرف لماذا يخاف منه الناس ويبتعدون عنه فهو لا يفعل شيئاً معيباً، فالأولى أن نقدّره ونحترمه ونكافئه على هذا العمل، ويجب أن لا ننبذه على الإطلاق لأنّه كما دفن الآلاف سوف يدفننا ويكون مصيرنا كمصير غيرنا".

مصدر:TRT عربي
اكتشف
غزة.. غارات إسرائيلية ونسف مبانٍ في القطاع والأمطار تغرق آلاف خيام النازحين الفلسطينيين
خطط أمريكية سرية لمرحلة "ما بعد مادورو".. واقتراب عسكري غير مسبوق من فنزويلا
داخل المعركة اليومية في القدس.. تهديدات وغرامات ومحاولات خداع لدفع الفلسطينيين إلى البيع
واشنطن تضغط على نتنياهو لأجل المرحلة الثانية من اتفاق غزة.. والقاهرة تشدد على ضرورة تنفيذها
الأمم المتحدة تعارض أي تغيير في حدود غزة وإسرائيل.. ومصر ترفض دعوات تهجير الفلسطينيين
إصابة 3 سوريين خلال توغل الاحتلال في ريف القنيطرة.. ووزير إسرائيلي يصف الحرب مع سوريا بـ"الحتمية"
سقوط قذائف في محيط مطار المزة بدمشق والعثور على 4 منصات مدفعية بدائية
فيدان: تركيا تقود تحركات دولية من غزة إلى أوكرانيا ودورها يحظى بثقة دولية
اتحاد الكرة المصري: نرفض إقامة أي أنشطة مرتبطة بدعم المثلية خلال المباراة مع إيران بالمونديال
بحضور أمينة أردوغان.. أنقرة تستضيف ندوة "شاهدات على الإبادة" حول الإعلام والمقاومة في غزة
منخفض جوي يجتاح المنطقة العربية.. ضحايا عراقيون وتحذيرات من غرق خيام النازحين في غزة
مراري يكشف لـTRT عربي: المحكمة الجنائية تدرس آلاف الأدلة الجديدة حول جرائم الاحتلال في غزة
الجنائية الدولية تقضي بالسجن 20 عاماً لقائد ميليشيا الجنجويد السودانية
أمينة أردوغان: سنكون أكبر المدافعين عن قضية فلسطين ونرفع صوت الحقيقة عالمياً
اقتحامات واعتقالات.. جيش الاحتلال يواصل انتهاكاته بالضفة وسط أنباء عن إعادة فتح جسر الملك حسين