في أعقاب حادثة غرق ووفاة الملياردير ورائد عملة البيتكوين الروماني ميرسيا بوبيسكو قبالة ساحل كوستاريكا، والذي يُعتقد أنه يمتلك عملات بيتكوين تفوق قيمتها المليار دولار، بدأ الجميع في عالم العملات المشفرة بالتساؤل عن مصير هذه العملات المشفرة، وعما إذا كان ميرسيا قد أعطى لأحد مفاتيح محفظته أم أنها غرقت معه وانتهت قصتها تحت مياه كوستاريكا.

ولا يقتصر الأمر على العملات المشفرة وحسب، بل يمتد ليصل إلى جميع التطبيقات الرقمية تقريباً التي تسيطر على حياتنا بشكل شبه كامل بالتزامن مع الذروة التي شهدها عصر الإنترنت والرقمية منذ بداية الألفية الجديدة، بدءاً من الإيميلات والمشاركات وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي مروراً بالخدمات المصرفية التقليدية ووصولاً إلى العملات المشفرة والرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) وغيرها من التقنيات الحديثة المرتبطة بتقنية البلوكشين.

ومؤخراً أصبحت المحافظ الرقمية المرتبطة بتقنية البلوكشين بمثابة الأصول والممتلكات الأكثر أماناً وفرادة، لكنها بنفس الوقت لعنة إذا مات صاحبها أو حتى نسي كلمة السر للدخول إليها. ففي حالة فقدان الوصول إلى المحفظة الرقمية بسبب وفاة مالكها أو نسيان كلمة السر الفريدة، تختفي حينها ممتلكاته الرقمية من عملات ورموز (NFTs) وغيرها المخزنة في المحافظ إلى الأبد.

الأصول الرقمية

إلى جانب البيانات الرقمية وحسابات التواصل الاجتماعي وقنوات اليوتيوب والمتاجر الإلكترونية، هناك أصول وممتلكات رقمية يمكن لأصحابها الاستثمار من خلالها وحتى شراء أصول رقمية أخرى مثل الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) التي ذاع صيتها في العامين الأخرين وسيطرت على سوق فني رقمي تجاوز حجمه حاجز الـ41 مليار دولار.

ويمكن لهذه الأصول الرقمية أن تتخذ أشكالاً متنوعة مثل الصورة الفوتوغرافية ومقاطع الموسيقى والفيديو وأفلام أنميشين وكل ما يخطر على بالك من تلك الأشياء التي تشاهدة وتستخدمها على الأوساط الإلكترونية، إلى جانب حسابات منصات التواصل الاجتماعي وقنوات اليوتيوب وغيرها التي يتابعها الملايين ويقدر ثمنها بملايين الدولارات أيضاً.

كل هذه الأمور وغيرها من تلك التي ستظهر في المستقبل القريب تعتبر أصولاً رقمية لها قيمة مالية قد تكون في بعض الأحيان عالية جداً. لهذا السبب عظمت التحركات مؤخراً لإيجاد وتطوير أدوات وأنظمة من أجل إستعادة هذه الأصول والممتلكات في حال فقدانها أو حتى موت مالكها، وذلك من خلال شركات وسيطة تكون وصية على كلمات الدخول للمحافظ التي تخزن فيها مثل هذه الأصول، وتوزعها على ورثة مالكها في حال إثبات وفاته وتقديم وصيته الإلكترونية.

ما المقصود بالدفن الرقمي؟

مثلما نقوم بدفن الأشخاص بعد وفاتهم، بات علينا في عصر الإنترنت إجراء واستكمال مراسم ما بات يعرف حالياً بـ"الدفن الرقمي"، أي يجب علينا محو كل آثار الشخص المتوفى في الكون الرقمي عقب توزيع ممتلكاته وأصوله الرقمية على ورثته في حال وجدت.

ويمكن إجراء الدفن الرقمي بطريقتين، الأولى عندما يكون الشخص الشخص على قيد الحياة، فيعقد اتفاقية مع شركة وسيطة تنفذ مثل هذه المعاملات وتترك جميع كلمات المرور الرقمية الخاصة به للشركات ذات الصلة. وبهذه الطريقة، يمكنه تحديد مصير حساباته ومحافظة بعد وفاته أو السماح بإرسال رسائل نيابة عنه.

في الحالة الثانية، يقوم أفراد الأسرة الذين لهم الحق في الميراث بعد الوفاة، برفع دعاوى قضائية من أجل الوصول إلى حسابات المتوفى. بعد ذلك، يمكنهم التقدم إلى الشركات ذات الصلة بقرار المحكمة.

شركات وسيطة لتوزيع الإرث الرقمي

ظهرت في الآونة الأخيرة الكثير من التقنيات الوسيطة التي تتكفل بمهمة تنفيذ وصية المتوفى بما يخص أصوله وممتلكاته الرقمية وتوزيعها على ورثته وأصدقائه وفقاً للوصية التي يتركها. وهي التقنية التي يتوقع أن يكون لها تأثير ملحوظ على ظاهرة خسارة العملات المشفرة عند موت مالكيها.

وحسب (Coincover) البريطانية، الشركة المختصة بتأمين وحماية العملات المشفرة، ثبت ضياع حوالي 4 ملايين من عملة بيتكوين وحدها، بقيمة تجاوزت حاجز الـ 30 مليار دولار حتى يونيو/حزيران الماضي. وهو ما دفع محافظ العملات الرقمية ومنصات تداولها لتوحيد الجهود من أجل الخروج بحلول تمنع هذه الخسائر الكبيرة في حالة وفاة مالكها أو حتى نسيان كلمة السر.

ولهذا، طورت (Coincover) بالتعاون مع شركة المحافظ (BitGo) الامريكية أداة أطلقوا عليها اسم "وصية العملات الرقمية" (Cryptocurrency Will)، التي تتيح إمكانية استرداد العملات الرقمية المخزنة في محافظها في حالة وفاة مالكها وتقديم ورثته شهادة وفاته إلى جانب وصيته الإلكترونية.