تابعنا
يعاني المواطنون داخل قطاع غزة منذ سنوات عديدة من مشكلة نقص وتلوث المياه، إضافة إلى تسرب مياه البحر الملوثة إلى المياه الجوفية، الأمر الذي يعرض حياة المواطنين لتهديد حقيقي يضر بصحتهم.

وتحاول إسرائيل بشكل مستمر سرقة المياه بهدف تضييق الخناق لمحاربة سكان القطاع بشتى السبل، وتكون ذروة أزمة المياه في فصل الصيف نتيجة الاستهلاك الكبير من قبل المواطنين لها، إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي الذي يرتبط بشكل أساسي بتوفر المياه.

يقول المزارع عبد الله أبو طعيمة الذي يعمل في مهنة زراعة وقطف الزيتون: "نعاني في مدينة خان يونس من الافتقار إلى المياه التي نستخدمها في الرّي بشكل كبير لكون المنطقة حدودية".

ويضيف أبو طعيمة: "إن شُح المياه أدى إلى ضعف في إنتاج محصول الزيتون، خاصة أن زراعة الزيتون تعتمد على المياه بشكل أساسي، وفِي حال أردنا أن نقوم بإمداد شبكات مياه فإن هذا الأمر يحتاج إلى تكاليف مالية مرتفعة والوضع الاقتصادي الحالي متردٍ لكثير من المزارعين".

ونتيجة لما يعانيه المزارعون من نقص للمياه في مدينة خان يونس، أطلق مركز شباب الأمة مبادرة "غيث السماء" التي تختص بتوزيع المياه المفلترة على سكان المدينة، يقول وجدي عزام مدير المركز: "قمنا بهذه المبادرة في هذا التوقيت لأن قطاع غزة بشكل عام يعاني من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة في ظل تفشي وانتشار فيروس كورونا".

ويضيف عزام: "يفتقر قطاع غزة بشكل كبير إلى المياه الصالحة للشرب نتيجة تلوث المياه وملوحتها، لذا نعمل على توفير المياه الصالحة لسكان المدينة، والتي من شأنها أن تعمل على مساعدتهم في التنمية والزراعة، خاصة العائلات التي تعاني من وضع اقتصادي صعب، ولا يوجد عندها مصدر للمياه".

ويشير عزام إلى أنّ هذه المبادرة سوف تستمر لعدة أيام، وتشمل العديد من المناطق الحدودية والمهمشة داخل قطاع غزة.

وللتعقيب على مشكلة المياه وتلوثها، يقول مدير عام مصلحة مياه الساحل بقطاع غزة المهندس منذر شبلاق: "التلوث هو زيادة نسبة الأملاح بمياه الشرب، والتي منها أننا ننتج من الخزان الجوفي أكثر من طاقة الإنتاج لكونه يعتبر المصدر الوحيد للمياه ننتج منه أكثر من 200 مليون متر مكعب، ممَّا أدى إلى تسرب مياه البحر إلى الخزان الجوفي، ليتم استخدامها للزراعة والمياه المنزلية".

100 مليون متر مكعب سنوياً

ويضيف شبلاق لـTRT عربي: "والجانب الآخر من التلوث يأتي عن طريق القطاع الزراعي، خاصة أن هناك مزارعين يستخدمون مبيدات زراعية ومخصبات أكثر من الحد المطلوب، ممَّا يؤدي إلى نزول "النترات" إلى الخزان الجوفي مع نزول مياه الأمطار أوعن طريق ري المزروعات". مبيناً أن عدم وجود نظام صحي متكامل هو نتيجة الحصار الإسرائيلي، "فهناك ما يقارب 25% من سكان القطاع لا يمتلكون شبكة صرف صحي، ويعتمدون على الحفر الامتصاصية".

ويتابع قائلاً: "نعمل داخل مصلحة المياه بمساهمة بعض المؤسسات المانحة بإنشاء محطات تحلية وحفر الآبار وتقديم خدمات من أجل حماية الصحة العامة"، موضحاً أن "قطاع غزة يحتاج إلى 100 مليون متر مكعب بشكل سنوي".

انقطاع الكهرباء أثر على المياه

ويشير شبلاق إلى أن انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر يعتبر عائقاً أمام تشغيل محطات المياه بالشكل المطلوب من أجل الحصول على المياه بكميات أكبر، مشيراً إلى أن الخزان الجوفي هو المصدر الأساسي للمياه في غزة.

اقرأ أيضاً:

ومن جانبه، يقول الباحث في مجال البيئة ورئيس المعهد الوطني للبيئة والتنمية الدكتور أحمد حلس: "أساس مشكلة المياه في قطاع غزة بدأ منذ 14 سنة عندما منع الاحتلال الإسرائيلي دخول 1500 عنصر لتطوير وتنمية مشاريع استراتيجية بخصوص المياه من خطوط ومضخات متوقفة، ما أدى إلى عرقلة التنمية وتطوير المياه في قطاع غزة".

ويشير حلس إلى أنّ الزيادة السكانية في القطاع "لا تواكب النمو السكاني الذي يزداد سنوياً بنسبة 4%، ويعد السبب الأساسي لمشكلة المياه منذ سبعين سنة المجازر التي ارتكبت بالقرى والمدن الفلسطينية ورحّلت أهالي تلك المدن والقرى إلى غزة، ومشاركة السكان المهجرين لسكان غزة مواردهم الشحيحة".

%97 منها ملوث

ويبين حلس أنّ إمكانيات الوزارة منعدمة لأن الكوادر البشرية العاملة داخل الوزارة أقل من الحد الأدنى، وأيضاً الواقع الاقتصادي الصعب من خلال الاقتصاد المحلي، فالبلديات لا تحصل سوى على نسبة 10% من الجباية، موضحاً أن 97٪؜من المياه داخل قطاع غزة هي مياه غير صالحة للشرب.

وفي نهاية حديثه، يوضح حلس أنّ المشاريع الاستراتيجية شبه متوقفة. تمثل سرقة الاحتلال الإسرائيلي للمياه، بسرقته لها قبل أن تصل من خلال "الشاعرية" والرشراش والتي تكون موجودة داخل الينابيع، والتي تستهدف بشكل أساسي سرقة المياه قبل أن تصل إلى القطاع.

إسرائيل هي السبب

ويرى الخبير القانوني وأستاذ القانون بجامعة الأزهر الدكتور محمد سليمان شبير "أن السبب الرئيسي في إشكالية المياه هو الاحتلال الإسرائيلي الذي أدى من خلال أعماله الحربية المستمرة فوق الأرض وتحتها إلى تلوث أصاب المياه".

يقول شبير لـTRT عربي: "المياه الصالحة للشرب هي نسبة بسيطة جداً، نتيجة قيام الاحتلال بتلويث المياه الجوفية الذي يعتبر اعتداء على سيادة الشعب الفلسطيني، بما يتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي ترعى مصالح أي شعب بحماية المياه الجوفية المملوكة والموارد الطبيعية".

ويضيف شبير: "قامت السلطة الوطنية الفلسطينية بتقديم شكوى إلى المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية المعنية بحماية الموارد الطبيعية، وتبين وجود سرقات للمياه"، مشيراً إلى أن الاحتلال يقوم بتوظيف تقدمه العلمي والتكنولوجي والعسكري بأن يسرق المياه من تحت الأرض دون علم الفلسطينيين أصحاب الأرض، وهذا يعتبر جريمة لمخالفة القانون الدولي خاصة قانوني جنيف ولاهاي اللذين ينصان على حماية الموارد الطبيعية لأي شعب محتل.

ويوضح شبير أن المواثيق الدولية الحقوقية تؤكد أن حق الإنسان بالحصول على مياه صالحة للشرب هو حق طبيعي، وهذا الحق إذا ما تعرض للمساس فإن ذلك يعتبر جريمة بحق الحقوق الطبيعية للشعب الفلسطيني.

واختتم شبير حديثه "يتم تلويث المياه من خلال الحفريات الدائمة تحت الأرض والأعمال العدائية والحروب المتكررة، التي تعمل الأسلحة المستخدمة بها على تلويث الأرض، ممَّا يؤدي إلى تسلل جزء منها وفق عوامل طبيعية إلى باطن الأرض فيلوث المياه".

وفي الثالث من سبتمبر/أيلول أصدر مركز الميزان لحقوق الإنسان ورقة حقائق تؤكد أن الاحتلال الاسرائيلي يقوم بتشديد حصاره على غزة، بما في ذلك تفاقم أزمة المياه خاصة في ظل تفشي فيروس كورونا.

شُح المياه أدى إلى ضعف في إنتاج محصول الزيتون، خاصة أن زراعة الزيتون تعتمد على المياه بشكل أساسي (TRT Arabi)
يعاني المواطنون داخل قطاع غزة منذ سنوات عديدة من مشكلة نقص وتلوث المياه، إضافة إلى تسرب مياه البحر الملوثة إلى المياه الجوفية (TRT Arabi)
TRT عربي